رسام الكاريكاتير محمود كحيل مكرماً في بيروت بعد 11 سنة من الغياب

كتاب «هكذا رسم كحيل» ومعرض مع جائزة للمتميزين تحمل اسمه

الرسام الراحل محمود كحيل،  من أعماله في {الشرق الأوسط}، و من أعماله الأخرى.
الرسام الراحل محمود كحيل، من أعماله في {الشرق الأوسط}، و من أعماله الأخرى.
TT

رسام الكاريكاتير محمود كحيل مكرماً في بيروت بعد 11 سنة من الغياب

الرسام الراحل محمود كحيل،  من أعماله في {الشرق الأوسط}، و من أعماله الأخرى.
الرسام الراحل محمود كحيل، من أعماله في {الشرق الأوسط}، و من أعماله الأخرى.

رسم محمود كحيل حتى الثمالة، أوجع وسخر ووخز الضمائر واستنهض متابعيه من غفلاتهم. لأكثر من 4 عقود ومحمود كحيل يطارد الخبر ويعيد صياغته بريشته، بالأبيض والأسود تارة وبالألوان تارة أخرى، حتى وفاته عام 2003 قبيل بدء الحرب الأميركية على العراق بشهر ونصف. تلك الحرب التي يرى كحيل بحسه الرهيف، وبمعرفته الرؤيوية، أنها إن وقعت فستكون كارثة كبرى، تصيب شظاياها الحارقة العالم العربي كله وتحوله حمماً وجنوناً، وهو ما حصل بالفعل. ابنة محمود كحيل دانا، التي عاشت مع والدها سنواته الخمس الأخيرة في لندن، حيث انتقلت من بيروت إلى هناك لتبقى بجانبه، تروي أنه «كان حزيناً جداً وهو يرى تباشير الحرب، وأنه تمنى أن لا يعيش ويراها، لشدة ما كان متخوفاً من نتائجها». وتضيف دانا مستذكرة تلك الأيام الأخيرة والقلقة لوالدها: «أوصاني حينها وكان مريضاً، أنه إذا توفي أن لا أتخلف عن التظاهرة التي كان سيسير فيها مليون شخص في لندن احتجاجاً على الحرب». سخرت يومها، تضيف دانا وأجبته: «هل تعتقد، حقاً، أنك إذا حدث لك مكروه الآن سأفكر بالذهاب، في مثل هذه، الحال إلى التظاهرة؟ فكان جوابه «نعم». وهكذا حصل للأسف، توفي كحيل، وبعد يومين كانت دانا تسير بملابسها السوداء في التظاهرة ضد الحرب على العراق مع أصدقائها، نيابة عن والدها، وهم يحملون رسومه الاحتجاجية لإيصال كلمته المرسومة التي بقيت حية إلى اليوم.
واليوم في «فيلا عودة»، في الأشرفية في بيروت، يتم إطلاق كتاب باللغتين العربية والإنجليزية، يحمل اسم «هكذا رسم كحيل» من نحو 250 صفحة، يضم ما يقارب 350 لوحة اختيرت في معظمها من بين أعمال كحيل التي أنجزها بين عامي 1980 و2000، ويحوي لوحات قليلة من مراحل أخرى. لكن الفترة المختارة هي التي كان فيها كحيل الأشهر، والأكثر غزارة ودفقاً، وتأريخا لمراحل صعبة، وبذلك ينقسم الكتاب إلى عدة أبواب: لبنان بحربه الأهلية، الصراع العربي الفلسطيني، الحرمان، شؤون دولية، العالم العربي، وحرية الرأي.
عملت على الكتاب جمعا وأرشفة بشكل أساسي دانا (تعمل في مجال الأفلام الوثائقية) التي تعتبر أنه بعد 11 سنة من محاولة حصر هذا الإرث الكبير جاء وقت الإفادة منه والتعريف به على نحو أوسع، يساعدها شقيقها نظمي، الذي يعمل مطورا للبرامج. لذلك فإن الكتاب مع هذين الفنانين، رتبت كل من فصوله، ومع التوضيحات والبيانات الملحقة به، ليأتي كل فصل وكأنه يروي قصة، بالإمكان تتبع خط تطورها التصاعدي. وفي المؤلف نبذة عن حياة كحيل، كتبها وقام بأبحاث ولقاءات حولها الكاتب زكي محفوظ، كما كتب عن تجربتهم معه، رؤساء تحرير سابقين لجريدة «الشرق الأوسط» عمل برفقتهم، وأحبوه ولهم بصحبته المهنية والإنسانية ذكريات تستحق أن تروى، وكذلك زملاء صحافيين له. في الكتاب نصوص مؤثرة، لعثمان العمير، وعبد الرحمن الراشد، وعرفان نظام الدين، وجهاد الخازن، وإياد أبو شقرا وسليم نصار. كتب عبد الرحمن الراشد عن قدرة كحيل على اختصار القضايا الكبرى قائلا: «إنه كان يفعلها كل يوم ببضعة خطوط، ودون تعليق، كانت رسومه تقص القصة، تبسط المعقد، وتعبر عن المهمش والغائب، وتوقظ الضمائر». وفي كلمته اعتبر الراشد أن كحيل: «أعطى الكاريكاتير العربي، قيمة ومكانة، حيث إن مجتمع الصحافة العربية أصبح يدرك أن الكاريكاتير السياسي يملك تأثيراً كبيراً على عقول القراء، الذين قد لا يقرأون كل ما يكتب في الصحيفة لكنهم لا يمكن إلا أن يطالعوا الرسم الساخر، ويتفاعلون معه». ويضيف: «كنا ندرك أن مكانة الصحيفة من قيمة فنانها، مثل كحيل، الذي منحنا في جريدة (الشرق الأوسط) ومجلة المجلة الاحترام، والتقدير، والمكانة الرفيعة». عثمان العمير، رئيس تحرير آخر لجريدة «الشرق الأوسط»، زامل محمود كحيل 13 سنة، كلمته توضح الدور الفني الكبير الذي اضطلع به كحيل فدوره «لا يتجسد فقط فيما أبدعه في فن الكاريكاتير، بل وفي مساهمته الفعالة في التقدم الفني الإخراجي للصحافة وعلى رأسها (الشرق الأوسط) وشقيقاتها مثل (المجلة) و(سيدتي) و(الجديدة) و(الاقتصادية) وغيرها».
في «فيلا عودة» سيتم اليوم توقيع الكتاب، كما ستعرض 26 لوحة من بين أجمل أعماله وأكثرها بلاغة، ضمنها تلك التي كانت تعرض في سينما الحمراء في بيروت، من رسوم متحركة، تعليقاً على الأخبار اليومية، وكان كحيل يومها رائداً في إنجازه هذا. وخلال الاحتفال ستطلق «جائزة محمود كحيل» السنوية التي تقترن بمشروع ثقافي وفني ذي بعد عربي، إذ إنها جائزة تعليمية بمبادرة من الفنان معتز الصواف، وبرعاية واحتضان «الجامعة الأميركية» في بيروت، وستمنح للمتميزين في فن «الغرافيك» في العالم العربي.
وبالتالي فإن فناني الغرافيك مدعوون إلى المشاركة من خلال تقديم أعمالهم عن فئات: الكاريكاتير السياسي والقصص المصّورة والشرائط المصّورة والرسوم الغرافيكية ورسوم قصص الأطفال. ويحصل الفائز المتميز عن كل فئة على «جائزة محمود كحيل» الرفيعة، إضافة إلى مكافأة مالية مهمة. وتتألف لجنة التحكيم من محترفين بارزين في المجال الأكاديمي ومجالات الصحافة والفن الغرافيكي، في العالم العربي، فضلا عن ضيوف مرموقين من بين المشاركين في برامج عالمية للجوائز الفنية.
محمود كحيل من أبرز فناني الكاريكاتير السياسي في العالم العربي. ولد في 13 يوليو (تموز) 1936 في مدينة الميناء بطرابلس (شمال لبنان). تلقى علومه في المدرسة الإنجيلية للبنات والبنين، لينتقل بعد المرحلة الثانوية إلى الجامعة الأميركية في بيروت. من يوم ترك طرابلس، لم يعد كحيل إلى مسقط رأسه فقد توفي والداه وهو صغير وربته أختاه. عرف باكراً بمهارته في الرسم وبشغفه في التصميم. بدأ عمله في بيروت كمصمم في عدد من الصحف والمجلات، وشغلته في رسومه الكاريكاتورية، القضايا الاجتماعية أكثر من أي شيء آخر، في تلك المرحلة، وطور لنفسه أسلوباً في الرسم، يعتمد على التقشف في الكلمة.
انتقل إلى لندن عام 1978، حيث شارك في تأسيس صحيفة «الشرق الأوسط» وشغل وظيفة رسامها الكاريكاتيري، كما أنجز إخراج الجريدة في إطلالتها الأولى وشارك في عمليات التطوير المتوالية كما أنه صمم إخراج مجلتي «المجلة» و«سيدتي»، وبقي في لندن، وفي عمله مع «الشرق الوسط» حتى وفاته في 11 فبراير (شباط) عام 2003.
على مدى 23 سنة في «الشرق الأوسط»، نشر كل يوم رسماً، ويقدر عدد أعماله التي خلفها لنا، ما يقارب 20 ألف رسم، والمحاولات حثيثة، لحصر هذه الأعمال وجمعها وأرشفتها جميعها. وثمة مشروع يتم درسه لوضع جزء من أعماله في الجامعة الأميركية، في بيروت، لأهداف تعليمية، على اعتبار أن كحيل أحد الرواد الذين شكلوا مدرسة، يحتاج الطلاب لدراسة نهجه. ومؤسسة محمود كحيل التي ولدت العام الماضي، هي القيمة على هذا الإرث الذي يؤرخ للحياة العربية كاريكاتورياً، منذ سبعينات القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين. رسوم ذكيه، لماحة، رؤيوية، ساخرة، عميقة، بسيطة، تقشفية شبه ممتنعة عن الكلام، تترك للمخيلة أن تأخذ مداها. رسم كحيل الوجع العربي السياسي، والحرمان والفقر. كان لسان حال المحرومين، والمقموعين، واللاجئين والبائسين. إنساني، متواضع، موهوب وحالم. محمود كحيل يعود أخيراً إلى بيروت مكرماً، من أهله وأصدقائه وزملائه، هو الذي كان يمقت الطائرة، مما جعله يغادر عاصمته ويبقى حبيس عاصمة الضباب.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».