دفعت خطط وزارة الإسكان السعودية إلى تنشيط شركات ومؤسسات القطاع الخاص في البلاد للمساهمة في الحراك العقاري وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، وذلك من خلال مساعي الوزارة إلى رفع نسبة التملك في المملكة، وذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الوزارة التي طرحت خلال الفترة الماضية.
وقال مختصان عقاريان، إن هناك مفتاحاً رئيسياً لفهم ما أحدثه الحراك الكبير الذي شهده مجال الإسكان عموماً وقطاع العقارات على وجه الخصوص، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، خاصة فيما يتعلق بتأثيراته المباشرة على حركة الاستثمار في السعودية، ومنذ بداية خطتها لحل مشكلة الإسكان، حرصت الحكومة على توثيق شراكتها مع القطاع الخاص في مجال التطوير والتشييد، ليس فقط للاستفادة بقدراته، وإنما أيضاً لتحريك الاستثمارات، وتعزيز الاقتصاد غير النفطي، استجابة لـ«رؤية المملكة 2030».
ووفق البيانات الرسمية، فقد قدم القطاع الخاص التزامات في تحقيق المشاركة، وساهم بنصيب كبير في النجاح الذي حققته الحكومة، خاصة على صعيد تنفيذ المشاريع وتوفير المنتجات العقارية المناسبة لظروف المستفيدين من برنامج «سكني» التابع لوزارة الإسكان، حيث تمكن البرنامج من مواجهة مشكلة السكن بحلول جديدة، شملت تنويع الخيارات السكنية والحلول التمويلية، التي ساعدت في تقليص قوائم الانتظار بصندوق التنمية العقارية ووزارة الإسكان، بالتوازي مع زيادة نسبة تملك السعوديين للمساكن وتنشيط قطاعات كثيرة مرتبطة بهذا المجال.
وتوقع خبراء اقتصاديون أن تتواصل هذه الشراكة الناجحة مستقبلاً في ظل استمرار الحكومة في تنفيذ خطتها المنبثقة عن «رؤية 2030»، لافتين إلى أن «سكني» بات من بين العوامل الرئيسية المؤثرة في تحريك الاستثمارات وتدفقها.
وقال خالد بارشيد، رئيس اللجنة العقارية السابق في الغرفة التجارية بالمنطقة الشرقية، إن «الوزارة لديها أهداف محددة، تسعى إلى تحقيقها»، مضيفاً أن «هذه الأهداف منبثقة عن (رؤية 2030)، التي وعدت بحل مشكلة السكن، ورفع نسبة التمليك في البلاد، وفق آليات محددة»، ومشيراً إلى أن الوزارة سارت على خطة ومستهدفات الرؤية، معتمدة على شراكتها الناجحة مع القطاع الخاص، الذي تولى تنفيذ مشاريعها وفق شروط ومعايير محددة»، منوهاً إلى أن «هذا الأمر أنعش عمليات السوق، فدبت فيها الروح بعد فترة من الجمود».
وأضاف بارشيد: «نجحت الوزارة في السنوات الأخيرة، في تحريك السوق، عبر حزمة من المبادرات والمنتجات العقارية المتنوعة التي تتناسب مع جميع الفئات والمستويات المالية». وكمثال، أشار إلى أن «مبادرة البناء الذاتي، ضمن برنامج (سكني) مكّنت كثيرين من بناء منازلهم بأنفسهم، خاصة بعد تحويل القرض العقاري إلى قرض مدعوم»، مضيفاً أن توافر القدرة على البناء فتحت مجال الأعمال أمام شركات القطاع الخاصة العاملة في قطاع التشييد وما يرتبط به من أنشطة.
ووفق لرئيس اللجنة العقارية السابق، فقد كان لإتاحة إمكانية شراء الوحدات الجاهزة من السوق، وتطوير القروض السكنية العسكرية وطرح فلل وشقق جاهزة، وكذلك طرح الأراضي الجاهزة للبناء، تأثير لا يقل أهمية. وأضاف: «بحسب مستهدفات (رؤية 2030)، و(برنامج التحول الوطني 2020) تريد الوزارة رفع نسبة التملك في صفوف المواطنين إلى 60 في المائة هذا العام، وأتمنى أن نصل إلى هذه النسبة خلال شهور من الآن، على أن نصل إلى نسبة 70 في المائة بحلول عام 2030».
وعبّر بارشيد عن ثقته في قدرة الوزارة على تحقيق هذه المستهدفات، في ظل حرصها على الاستفادة بكل الطاقات الوطنية لتنفيذ كل البرامج والمشاريع المدرجة في خططها الطموحة لخدمة المواطنين، بمختلف المناطق.
من جهته، قال الدكتور عبد الله المغلوث، عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، إن «استراتيجية عمل وزارة الإسكان، كان لها دور كبير في إنعاش الاقتصاد السعودي من بوابة قطاع العقار». وقال: «كلنا يتذكر حالة الجمود التي شهدها القطاع العقاري في أعقاب استحداث وزارة للإسكان. كانت هناك فترة من الترقب، تأجلت فيها المشاريع العقارية، وتجمدت المخططات العقارية في شركات القطاع الخاص».
وأضاف المغلوث: «في تلك الفترة رأت الشركات أن تتمهل حتى ترى ما ستسفر عنه مخططات الوزارة وبرامجها في حل مشكلة السكن، لكن في الفترة الأخيرة، عادت سوق العقار للركض من جديد، وانتعشت بعد أن بدأت الوزارة في طرح منتجات حقيقية، استفاد منها مستحقوها من المواطنين». وتابع: «القطاع العقاري اليوم يقف في مقدمة القطاعات غير النفطية التي تعول عليها الدولة في تنفيذ استراتيجيتها الاقتصادية»، لافتاً إلى أن «هذا القطاع حقق بصحبة قطاعات الخدمات المالية والتأمين وخدمات الأعمال نموا في الربع الثالث من عام 2019 بنسبة 6.28 في المائة».
وتوقع المغلوث أن «تعزز الوزارة من شراكتها مع القطاع الخاص، لتنفيذ مشاريع جديدة في ربوع البلاد». وقال: «(رؤية 2030) وعدت برفع نسبة التمليك خلال هذا العام (2020) إلى 60 في المائة من المساكن المسلحة، وهذا يتطلب المزيد من مشاريع الإسكان الجديدة، ويحتاج إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، الذي أثبت أنه الأجدر والأكثر خبرة في حل مشكلة السكن في السعودية».
وتعزز الإنجازات التي حققها برنامج «سكني» خلال العام الماضي، توقعات المغلوث، حيث بلغ إجمالي عدد الأسر التي استفادت من خدماته أكثر من 300 ألف أسرة، منها 109 آلاف أسرة سكنت منازلها بالفعل، في حين شهد شهر ديسمبر (كانون الأول) وحده استفادة قرابة 52 ألف أسرة، منها أكثر من 24 ألف أسرة سكنت منازلها.
وتوزعت الأسر المستفيدة على مختلف الخيارات المتاحة؛ إذ بلغ مجموع الوحدات السكنية تحت الإنشاء التي حجزت خلال عام 2019 نحو 39.332 ألف وحدة سكنية بنسبة 13 في المائة من إجمالي الخيارات المقدمة العام الماضي، في حين تسلم نحو 90 ألف أرض مجانية بنسبة 29 في المائة. كما بلغ مجموع المستفيدين من الوحدات السكنية الجاهزة 117.7 ألف أسرة بنسبة 39 في المائة، إضافة إلى 54647 مستفيداً من القرض العقاري المدعوم لخيار البناء الذاتي بنسبة 18 في المائة من إجمالي الخيارات التمويلية والسكنية، وفق بيانات رسمية.
وفي وقت سابق ذكر المهندس مازن الداود، المشرف العام على التطوير العقاري بوزارة الإسكان، أن إنجازات منظومة التطوير العقاري لدعم العرض وتمكين الطلب تمت في ظل الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص، لافتاً إلى أن مركز خدمات المطورين (إتمام) وبالتعاون مع الجهات الحكومية استكمل المرحلة الأولى من الربط المباشر مع سبع أمانات لإصدار رخص البناء عبر منصته الإلكترونية الموحدة، كما اعتمد 104 مخططات بمساحة 170 مليون متر مربع وسجل 553 صكاً، وغيرها من الخدمات التي سرعت اعتماد المخططات وأسهمت في تعزيز المعروض.
ولفت الداود إلى أن برنامج «وافي» أصدر 18 تصريحاً لبيع نحو 30 ألف وحدة تحت الإنشاء بالشراكة مع القطاع الخاص، ورخص لثلاثة مشاريع للتسويق الداخلي لنحو 1091 وحدة تحت الإنشاء، ونحو 30 رخصة للتسويق الخارجي لأكثر من 112 ألف وحدة قيد التطوير، علما بأن البرنامج يستهدف خلال العام الحالي الترخيص لمشاريع توفر 180.6 ألف وحدة ضمن المشاريع تحت الإنشاء بالشراكة مع المطورين، وترخيص 3510 وحدات تحت الإنشاء تابعة للقطاع الخاص.
وأشار الداود إلى أن الشراكة مع القطاع الخاص من خلال برنامج «شراكات» أسهمت في طرح 125 ألف وحدة سكنية بجودة وسعر مناسبين تنوعت بين الفلل والشقق وتاون هاوس، بدأ تنفيذ نحو 103 آلاف وحدة منها في مختلف مناطق البلاد، موضحاً أن البرنامج يستهدف أيضاً توفير نحو 100 ألف وحدة ضمن مشاريع جديدة تحت الإنشاء، ليتجاوز عدد عقود البيع 102 ألف عقد.
7:49 دقيقة
«الطفرة العقارية» تنعش مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الإسكان السعودية
https://aawsat.com/home/article/2115476/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9%C2%BB-%D8%AA%D9%86%D8%B9%D8%B4-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9
«الطفرة العقارية» تنعش مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الإسكان السعودية
خطط حكومية تحفز الشركات والمؤسسات للمساهمة في رفع نسبة التمليك
«الطفرة العقارية» تنعش مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الإسكان السعودية
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة