برلماني روسي: الوضع في إدلب يضغط بشدة على الاتفاقات مع تركيا

تصاعد أعمدة الدخان في قرية النيرب السورية على بعد 14 كم جنوب شرقي مدينة إدلب خلال قصف من قبل القوات الحكومية السورية وحلفائها (أ.ف.ب)
تصاعد أعمدة الدخان في قرية النيرب السورية على بعد 14 كم جنوب شرقي مدينة إدلب خلال قصف من قبل القوات الحكومية السورية وحلفائها (أ.ف.ب)
TT

برلماني روسي: الوضع في إدلب يضغط بشدة على الاتفاقات مع تركيا

تصاعد أعمدة الدخان في قرية النيرب السورية على بعد 14 كم جنوب شرقي مدينة إدلب خلال قصف من قبل القوات الحكومية السورية وحلفائها (أ.ف.ب)
تصاعد أعمدة الدخان في قرية النيرب السورية على بعد 14 كم جنوب شرقي مدينة إدلب خلال قصف من قبل القوات الحكومية السورية وحلفائها (أ.ف.ب)

قال عضو بارز في البرلمان الروسي، اليوم (الثلاثاء)، إن موسكو قلقة بشدة إزاء الوضع في محافظة إدلب السورية، وإن الموقف هناك يضع كثيراً من الضغوط على الاتفاقات بين روسيا وتركيا.
وأدلى قنسطنطين كوساتشيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الاتحاد بالبرلمان الروسي بتلك التصريحات على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
وتزامن تأكيد موسكو على القلق بسبب «استمرار النشاط الإرهابي في إدلب» الذي أوحى بدعم مواصلة العمليات العسكرية التي تشنها قوات النظام السوري في هذه المنطقة، مع تعرض التنسيق الروسي - التركي لأول اختبار جدي بعد توتر شاب العلاقة بين الطرفين بسبب تطورات الوضع في إدلب.
وتجنبت موسكو أمس، التنديد بوقوع قتلى في صفوف الجيش التركي بعد تعرض إحدى نقاط المراقبة التركية حول إدلب إلى هجوم من جانب القوات النظامية، لكنها سارعت إلى الإعلان عن تفعيل قنوات منع الاحتكاكات بهدف تجنب انزلاق الوضع نحو مواجهة واسعة.
وأعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان لم يجريا اتصالاً بعد تدهور الوضع في إدلب، لكنه لم يستبعد إجراء اتصالات على المستوى الرئاسي، مشيراً إلى أهمية عدم السماح بتفاقم الموقف، وقال: «إذا تطلب الأمر سيتوصل القادة إلى اتفاق»، موضحاً: «لم يجرِ اتصال على مستوى رفيع بعد، ولكن يمكن الاتفاق عليه في وقت قصير».
وشدد الناطق الرئاسي في الوقت ذاته، على «قلق الكرملين من استمرار نشاط المجموعات الإرهابية في إدلب»، في إشارة أوحت بمواصلة دعم تقدم القوات النظامية.
وكانت المعارك الدائرة في محافظة إدلب أسفرت عن توتر العلاقة الروسية - التركية في الأيام الأخيرة، وندد إردوغان بما وصفه بـ«عدم التزام موسكو بتعهداتها وفقاً لاتفاق سوتشي»، وهو أمر نفى الكرملين صحته، مؤكداً أن روسيا ملتزمة بالاتفاق، ولم تتراجع عن التزاماتها المقررة فيه.
وشكلت التطورات وفقاً لخبراء روس أسوأ اختبار لمتانة التنسيق الروسي - التركي، لكن أوساط المحللين استبعدت تدهوراً في العلاقة، ولفتت إلى قدرة الطرفين على مواجهة الأزمة الحالية.



لماذا يبدأ انقلابيو اليمن العام الدراسي بالتزامن مع فصل الصيف؟

مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
TT

لماذا يبدأ انقلابيو اليمن العام الدراسي بالتزامن مع فصل الصيف؟

مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

قوبل إعلان الجماعة الحوثية عن بدء العام الدراسي في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع بداية فصل الصيف بتذمر السكان ودعوة المعلمين إلى الإضراب للمطالبة برواتبهم، في حين تؤكد أوساط تربوية وشعبية أن الجماعة تسعى من خلال التقوم الدراسي الجديد إلى خدمة أهدافها وأغراضها الطائفية والسياسية.

وأعلنت الجماعة، الأسبوع الماضي، عن بدء العام الدراسي الجديد لجميع المراحل الدراسية وفي المدارس العمومية والخاصة، في الـ13 من الشهر الحالي، لينتهي في منتصف فبراير (شباط) من العام المقبل، حيث تبدأ الاختبارات النهائية للعام الدراسي، وهو التوقيت الذي تكون الجماعة قد أتمت فيه استعداداتها لبدء مراكز الاستقطاب والتجنيد.

عدد من منتسبي المعسكرات الصيفية التابعة للجماعة الحوثية خلال الربيع الماضي (غيتي)

ويتزامن بدء العام الدراسي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية مع بداية فصل الصيف الذي يرتبط في أغلب مناطق البلاد بالحرارة الشديدة، والمصحوبة خلال السنوات الأخيرة بظواهر مناخية متطرفة كالأمطار الغزيرة والفيضانات؛ وهو ما يدفع السكان للقلق على سلامة أبنائهم وصحتهم وقدرتهم على التحصيل العلمي.

ويفسّر أنس مانع، وهو باحث في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض) لـ«الشرق الأوسط» إصرار الجماعة الحوثية على بدء العام الدراسي في فصل الصيف شديد الحرارة والقسوة، يأتي ضمن مساعيها لدفع الطلاب والأهالي إلى الإحجام عن التعليم والاكتفاء بما يتلقونه في المراكز الصيفية.

وأكد مانع أن الجماعة الحوثية تهدف إلى استبدال التعليم بالمراكز الصيفية التي تستخدمها لاستقطاب الطلاب طائفياً وتجنيدهم للقتال في صفوفها، وبتغيير التقويم الدراسي وبدء المراكز الصيفية عقب انتهاء العام الدراسي مباشرة، حيث تسهل المشاركة في هذه المراكز نظراً لانعقادها في فصل الربيع الذي يشهد اعتدالاً في درجات الحرارة وهدوء الأحوال الجوية في عموم اليمن. ويبيّن أن العام الدراسي وفق التقويم الذي وضعته الجماعة الحوثية يقع معظمه بين فصلي الصيف والشتاء شديدي القسوة، مقابل فصل الربيع الذي يكون الجو فيه لطيفاً ومناسباً لمختلف الأنشطة البشرية.

أغراض سياسية

تستخدم الجماعة الحوثية التقويم الهجري في مختلف أنشطتها وتدير به مختلف المؤسسات تحت سيطرتها، وتتذرع به في مواجهة رفض بدء العام الدراسي في فصل الصيف؛ وهو ما يمنح فرصة لإنهائه قبل نهاية فصل الشتاء، لتنطلق حينها المراكز الصيفية مع بداية فصل الربيع، التي توفر لها الجماعة إمكانيات وميزانية هائلة، مقابل إهمال واضح للعملية التعليمية الرسمية.

قرار الجماعة الحوثية ببدء العام الدراسي بعد أقل من شهر من بدء فصل الصيف (إعلام حوثي)

ويرى الخبير في قضايا التعليم عبد الواسع الفاتكي أن الجماعة الحوثية تذهب بمثل هذه الإجراءات والقرارات إلى تحقيق أهداف سياسية، منها مخالفة التقويم المدرسي المعمول به من الحكومة الشرعية، كمحاولة إثبات استقلاليتها كسلطة قائمة بذاتها ومخالفتها هذه الحكومة وعدم اعترافها بها، إلى جانب عدم اهتمامها بصحة الطلاب وسلامتهم وحياتهم.

ونوّه الفاتكي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن فصل الصيف في اليمن يرتبط بأكثر المواسم الزراعية نشاطاً، بسبب هطول الأمطار الموسمية؛ ما يدفع العائلات الريفية، إلى الاستعانة بأبنائها وبناتها في الفلاحة والرعي والأعمال المنزلية، إلى جانب توفر فرص عمل بالأجر اليومي خلال هذا الفصل، وهو ما لا تراعيه الجماعة الحوثية التي تهتم بتحقيق مشروعها الطائفي فقط.

ويشير الفاتكي إلى سقوط عدد من الطلاب ضحايا لحوادث الفيضانات في السنوات الماضية بسبب تزامن العملية التعليمية مع مواسم الأمطار الغزيرة، إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة، خصوصاً في المناطق السهلية والساحلية؛ ما يجعل العملية التعليمية في غاية الصعوبة، ويحدّ كثيراً من إمكانية التحصيل العلمي، وهي أشياء لا تهتم بها الجماعة الحوثية، حسب رأيه.

طلاب يمنيون في صنعاء استقطبتهم الجماعة الحوثية لتأييد عملياتها في البحر الأحمر (رويترز)

ويتهكم شرف مقبل، وهو أب لثلاثة أطفال في مراحل دراسية مختلفة، في تعليق لـ«الشرق الأوسط» على إجراءات الجماعة الحوثية لبدء العام الدراسي مبكراً بأنها تحاول أن توصل رسالة للجميع أنها أكثر تقدماً لدرجة أن الطلاب في مناطق سيطرتها يدرسون متقدمين على جميع طلاب العالم بشهرين.

إضراب مستمر

تشهد العملية التعليمية تراجعاً شديداً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، حيث تحجم الكثير من العائلات عن إلحاق أطفالها بالمدارس خوفاً من المناهج الطائفية وممارسات الاستقطاب التي تلجأ إليها الجماعة الحوثية.

من جانبه، دعا نادي المعلمين اليمنيين، أعضاءه والمعلمين والتربويين والموجهين والإداريين في قطاع التربية والتعليم تحت سيطرة الجماعة الحوثية، إلى إضراب شامل عن التعليم والعملية التعليمية؛ للضغط على الجماعة من أجل صرف المرتبات المنقطعة منذ ثماني سنوات.

وهدّد النادي في بيان له بالاستمرار في الإضراب الذي بدأه العام الماضي للمطالبة برواتب المعلمين، وتعرّض بسببه عدد من قادة النادي لانتهاكات وإجراءات عقابية.

وورد في البيان أنه إذا لم يتم الانتظام بدفع وتسليم الرواتب للتربويين والبتّ في الرواتب السابقة مع العلاوات والتسويات والعوض العادل؛ فإن النادي يدعو إلى الإضراب الشامل، وفقاً لما يقرّه قانون المعلم والمهن التعليمية.

أطفال نازحون في مدرسة مؤقتة يديرها متطوعون في محافظة الحديدة الساحلية غرب اليمن (أ.ف.ب)

وطالب النادي بمحاسبة القيادي الحوثي شمس الدين شرف الدين الذي منحته الجماعة صفة مفتي اليمن، والتحقيق معه بتهمة تأييد نهب مرتبات الموظفين وأموال الناس بالباطل، وتحريضه ضد المطالبين بمرتباتهم واتهامهم بفساد عقيدتهم.

وأفرجت ميليشيا الحوثي في أبريل (نيسان) الماضي عن رئيس نادي المعلمين اليمنيين أبو زيد الكميم الذي اختطفته لمدة ستة أشهر، على خلفية قيادة النادي المطالب بصرف رواتب المعلمين اليمنيين، وجاء الإفراج عنه عقب أيام من وفاة التربوي صبري الحكيمي في سجن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي بصنعاء بعد أشهر من اعتقاله.

وتشكو العائلات من عدم حصول أبنائها على التعليم الملائم، والنقص الشديد في الموارد التعليمية من الكتب والمستلزمات، إلى جانب إضراب المعلمين، واهتمام القائمين على العملية التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بالترويج للنهج الطائفي وإغراق المقررات الدراسية بمواد وتعاليم مذهبية تؤثر على تفكير الأطفال وتدفعهم إلى التطرف.