آثار فيروس كورونا على الطلب للنفط

يتوقع المراقبون انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام في 2020 نحو 8% (رويترز)
يتوقع المراقبون انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام في 2020 نحو 8% (رويترز)
TT

آثار فيروس كورونا على الطلب للنفط

يتوقع المراقبون انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام في 2020 نحو 8% (رويترز)
يتوقع المراقبون انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام في 2020 نحو 8% (رويترز)

أعلنت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي حالة طوارئ دولية للتصدي لفيروس كورونا، وأضافت المنظمة أن سبب تفشي الفيروس إلى أقاصي العالم بسرعة يعود إلى أن العالم اليوم يتصف بحركة سفر وتنقل واسعة. وقد انتشر الفيروس في ظرف الأيام الماضية من منطقة ووهان الصينية إلى دول عدة، منها أربعة أقطار شرق أوسطية حتى الآن.
يستمر هذا الوباء في الانتشار رغم الإجراءات الصحية الاحتياطية. فقد علقت بعض كبرى شركات الطيران العالمية سفراتها من وإلى الصين. وألغى الكثير من المسافرين رحلاتهم خوفا من الوباء. كما امتنعت الكثير من الدول عن منح تأشيرة دخول للصينيين. وشددت إجراءات الوقاية الصحية في مناطق الدخول الحدودية على كل من المسافرين والبضاعة المستوردة، بالذات الصينية منها.
ترك انتشار الفيروس السريع، والإجراءات الوقائية التي تم اتباعها، آثاره السلبية على صناعة النفط العالمية، بالذات في انخفاض الطلب على وقود الطيران. وتدل معلومات وكالة الطاقة الدولية، أن وقود الطيران المستهلك على الصعيد العالمي يبلغ نحو 8 ملايين برميل يوميا، مقارنة بمجمل الاستهلاك العالمي السنوي الحالي للنفط الذي يبلغ نحو 100 مليون برميل يوميا.
تشير المعلومات الصادرة عن دائرة الإحصاء الوطنية الصينية إلى أن إنتاج مصافي التكرير الصينية ارتفع 7.9 في المائة، أو نحو 880 ألف برميل يوميا في عام 2019 مقارنة بعام 2018، وسجل مجمل إنتاج المنتجات البترولية في عام 2019 نحو 13.08 مليون برميل يوميا. وتشير المعلومات الأولية لإنتاج المصافي، وفي ظل المخاوف من تفشي الفيروس، إلى أن إنتاج المنتجات البترولية لبعض المصافي بدأ ينخفض نحو 50 في المائة نظرا لتوقع انخفاض الطلب على النفط.
من جهة أخرى، فإن أسعار بعض المنتجات البترولية في دول شرق آسيا قد بدأت تنخفض هي الأخرى بدورها، بالذات أسعار وقود الطيران، أسوة بما يحصل بالصين. وهذا ليس بالأمر المستغرب، فقد ألغت الكثير من شركات الطيران الآسيوية رحلاتها إلى ومن الصين، والمتوقع هو إعلان إلغاء ما تبقى من رحلات إلى مدن صينية أخرى على ضوء ازدياد عدد الوفيات الفيروسية في الصين إلى نحو 200 بمنتصف الأسبوع الماضي والإصابات المؤكدة نحو 9600.
ويتوقع المراقبون انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام في عام 2020 نحو 8 في المائة على ضوء تفشي هذا الوباء وفي حال استمراره خلال الأشهر المقبلة. وقد بدأت أسعار النفط الخام تنخفض في الأسواق الدولية بسبب توقعات الطلب السلبية، فانخفض سعر نفط برنت إلى نحو 57.71 دولار للبرميل نهاية الأسبوع الماضي، وهذا أدنى مستوى له منذ ثلاثة شهور.
يشكل انحسار الطلب على النفط ظاهرة جديدة في الأسواق العالمية، بالذات بعد التخوف من انخفاض الإمدادات خلال الأشهر الأخيرة بسبب القصف الإيراني لمنشآت أرامكو السعودية، ومقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، وانخفاض الصادرات النفطية الليبية بسبب محاصرة العشائر لبعض الحقول النفطية الواقعة في غرب البلاد وإغلاق بعض موانئ التصدير النفطية لنشوب معارك عسكرية حولها.
ويلاحظ المراقبون أن الصين أكثر شفافية تجاه المعلومات لهذا الوباء مقارنة بوباء سارس خلال الأعوام 2002 - 2003، لكن رغم هذه الشفافية، فإن انخفاض الطلب على وقود الطيران قد أدى إلى انخفاض الأسعار العالمية للنفط الخام نحو 6 إلى 8 دولارات منذ انتشار المعلومات عن الفيروس في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري. وتشير مجموعة أرغوس الاستشارية إلى أن انخفاض ناتج الدخل القومي الصيني بنسبة نقطتين يؤدي إلى انخفاض الطلب النفطي الصيني نحو 260 ألف برميل من النفط يوميا. وتشير معلومات الأسواق إلى أن الشركات الصينية قد اشترت واستوردت للصين كميات ضخمة من النفط الخام بنحو 9.9 مليون برميل يوميا لشهر يناير.
والأسئلة التي يطرحها المراقبون هي، ما الذي سيحصل بالمستوردات القياسية هذه في حال انخفاض الطلب، كما هو حاصل فعلا الآن؟ فأين ستخزن الكميات الفائضة؟ وهل سيعاد تصدير الفائض منها إلى الأسواق العالمية؟ وما هو تأثير الكميات الفائضة على مستوى الأسعار داخليا، وإقليميا في جنوب شرقي آسيا، وحتى في الأسواق العالمية؟ أم هل ستخزن الشركات الصينية الفائض في مستودعاتها وتخفض معدلات استيرادها للشهور المقبلة؟
من المتوقع أن تنخفض أسعار النفط الخفيف، وهو النفط الذي تستورده الصين من أنغولا ونيجيريا وبحر الشمال والولايات المتحدة (النفط الصخري). وهذا سيعني بدوره احتمال انخفاض الأسعار خلال النصف الأول من هذا العام للنفط الخفيف وربما لنفوط أخرى، كما هو حاصل فعلا لسعر نفط برنت، في حال استمرار تفشي الفيروس. هذا، ويحصل الضغط على الأسعار في نفس الوقت الذي لا تزال فيه مخزونات النفط مرتفعة عن المعتاد، وكذلك في نفس الوقت الذي تحاول فيه أقطار منظمة أوبك وحلفائها من الدول المنتجة غير الأعضاء في المنظمة تخفيض المخزون العالي بتقليص الإنتاج للسنة الرابعة على التوالي. والسبب في زيادة المخزون هو ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي وإمدادات البنزين المكرر منه. وقد انخفضت بالفعل مؤخرا كل من أسعار البنزين والديزل بسبب ارتفاع المخزونات، بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط الخام.
*كاتب عراقي متخصص
في شؤون الطاقة.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».