لأول مرة منذ تصويت مجلس النواب لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ستلتقي رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وترمب وجهاً لوجه في المجلس خلال إلقائه خطاب حال الاتحاد السنوي في الكونغرس اليوم.
وستسلط الأضواء على التفاعل بين بيلوسي وترمب، فرئيسة مجلس النواب ستجلس وراء الرئيس الأميركي، وسيكون من السهل مراقبة ردود أفعالها على تصريحات ترمب. ولعلّ الصورة الأبرز التي تُذكّر بخطاب حال الاتحاد العام الماضي هي تلك التي أظهرت بيلوسي تصفق بسخرية وراء الرئيس. وسيستمع الأميركيون لترمب الذي سيتحدث من قاعة مجلس النواب، في خضم محاكمته ضمن إجراءات عزله، وهو نفى التوقعات بتأجيل الخطاب إلى ما بعد تبرئته المتوقعة في مجلس الشيوخ غداً (الأربعاء)، فقال في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»: «لن أؤجل الخطاب، سوف أتحدث عن الإنجازات التي حققناها». ولم يفصح ترمب ما إذا كان سوف يذكر إجراءات العزل في خطابه، أم لا. وقد قال مسؤول في البيت الأبيض إن عنوان الخطاب هذا العام هو «العودة الأميركية الرائعة»، وأضاف المسؤول للصحافيين: «في خطابه، سوف يعرض الرئيس رؤية لتفاؤل لا يستسلم». وتابع المسؤول: «سوف يشجع الكونغرس للعمل معه وبناء اقتصاد مزدهر يفسح المجال للأميركيين الأقل حظاً بحصد فوائد سريعة، ويعطي الأشخاص من كل الأطياف فرصاً جديدة».
ورغم تحبيذ الجمهوريين بعدم ذكر موضوع العزل في خطاب غير حزبي يهدف إلى إبلاغ الأميركيين بحال الولايات المتحدة، من غير المستبعد أن يذكر ترمب موضوع عزله في خطابه، فهو معروف بأنه غالباً ما يتجاهل الخطابات المكتوبة ويحبّذ الارتجال. وقد قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه نصح ترمب بعدم ذكر موضوع العزل بتاتاً: «لقد شجعته بأن يكون إيجابياً وأن يتحدث عن إنجازات الإدارة والخطط المستقبلية».
ويريد غراهام أن يحذو ترمب حذو الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، الذي هو أيضاً ألقى بخطاب حال الاتحاد خلال إجراءات عزله في عام 1999. ولم يذكر كلينتون موضوع العزل البتة في خطابه، بل تحدث عن لائحة طويلة من الإنجازات السياسية والاقتصادية والتعليمية. وحث على أهمية التعاون بين الحزبين لمعالجة مشاكل الأميركيين.
خطاب حال الاتحاد
من المتوقع أن يتحدث ترمب عن مواضيع الهجرة، في ظل قرار الإدارة الأميركية توسيع التشديدات على إجراءات الهجرة من بلدان كنيجيريا وإريتريا والسودان بعد أن كانت هذه التشديدات تشمل إيران وليبيا والصومال وسوريا واليمن وفنزويلا وكوريا الشمالية.
وستحتل السياسة الخارجية جزءاً لا بأس به من الخطاب، خصوصاً مع الإعلان الأخير عن «صفقة القرن» ومقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني وزيادة العقوبات على إيران. كما سيتحدث الرئيس الأميركي عن اتفاقات التبادل التجاري مع الصين والمكسيك وكندا.
وسيقف ترمب في قاعة مجلس النواب حيث سيستمع إليه المشرعون من الحزبين، وقد قررت الديمقراطيات في الكونغرس استقبال ترمب باللون الأبيض تضامناً مع النساء، على غرار العام الماضي. كما سيقاطع بعض الديمقراطيين الخطاب؛ فقد أعلن النائب ستيف كوهين، وهو من أوائل الداعين لعزل ترمب في عام 2017 أنه سيقاطع الخطاب قائلاً: «لا نية لدي (...) للاستماع إلى جملة من الأكاذيب».
وقررت القيادات الديمقراطية أن يأتي الرد الديمقراطي الرسمي على الخطاب على لسان حاكمة ولاية ميشيغان غريتشين ويتمر، وهي من المدافعين الشرسين عن حقوق المرأة. وقالت ويتمر في بيان: «إن الرد الديمقراطي هو فرصة مهمة لكي نظهر للأميركيين أن الديمقراطيين يعملون من أجلهم ومن أجل الأجيال القادمة».
مجريات المحاكمة
يتزامن وقت الخطاب مع قرب موعد تبرئة ترمب المتوقعة في مجلس الشيوخ، حيث يتوقع أن يصوت المجلس بعد ظهر يوم الأربعاء، ضد بندي الاتهام ضد ترمب في إجراءات عزله لاختتام المحاكمة. البندان هما عرقلة عمل الكونغرس، واستغلال منصبه لمآرب سياسية.
وقد قدم فريقا الدفاع والادعاء الحجج الختامية للمحاكمة يوم الاثنين بعد أن تمكن الديمقراطيون من تأجيل التصويت النهائي لتبرئة ترمب إلى يوم الأربعاء. وقال المتحدث باسم زعيم الأقلية تشاك شومر إن «(زعيم الأغلبية) مكونيل والجمهوريين أرادوا الاستعجال في التصويت لتبرئة ترمب، لكن الديمقراطيين يريدون أن يفسحوا المجال أمام فريق الادعاء لعرض حججه الأخيرة وأمام أعضاء مجلس الشيوخ بالحديث عن القضية».
وسوف يعرض أعضاء مجلس الشيوخ طوال اليوم الأسباب التي أدت إلى تصويتهم ضد العزل أو لصالحه، قبل أن ترفع الجلسات لاستقبال ترمب رسمياً وإلقائه خطاب حال الاتحاد أمام الكونغرس بمجلسيه مساء يوم الثلاثاء.
وعرض كبير المدعين آدم شيف الحجج الختامية لفريق الادعاء، وهو قال في مقابلة مع شبكة «سي بي إس»: «لن أستسلم، بل سأعيد تكرار الحجج التي تؤكد أن هناك حاجة لخلع الرئيس من منصبه». لكن مهما كرر شيف حججه ومواقفه، فالنتيجة محسومة لصالح تبرئة ترمب في مجلس الشيوخ. إذ يتطلب التصويت لخلعه ثلثي الأصوات، أي 67 صوتاً من أصل 100. وبما أن الديمقراطيين لم يتمكنوا من حصد الأغلبية البسيطة فقط في التصويت الأخير على استدعاء شهود، فإن النتيجة واضحة وتبرئة ترمب هي تحصيل حاصل.
استطلاعات الرأي
تأتي هذه التطورات في وقت أظهر فيه آخر استطلاع للرأي أن 46 في المائة من الأميركيين يدعمون خلع ترمب من منصبه مقابل 49 في المائة يدعمون بقاءه في منصبه. ويظهر الاستطلاع الذي أجرته «إن بي سي نيوز» وصحيفة «وول ستريت جورنال» أن 52 في المائة من الناخبين يعتقدون أن ترمب استغل منصبه عندما طلب من زعيم بلد أجنبي التحقيق مع نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، و53 في المائة من الناخبين يعتقدون أنه عرقل عمل الكونغرس. ووجد الاستطلاع انقسامات شديدة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حيال قضية العزل. فقد وصف الناخبون الديمقراطيون محاكمة ترمب بالضرورية والمبررة، فيما وصفها الجمهوريون بالسخيفة والمزيفة.