«ارتباك» أوامر الصدر يظهر انقساماً جيلياً بين أنصاره

TT

«ارتباك» أوامر الصدر يظهر انقساماً جيلياً بين أنصاره

بقبعاتهم الزرقاء التي تميزهم، يتنقل أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بخطى المزهو بالنصر، مع عودتهم إلى ساحة التحرير المركزية للاحتجاجات وسط بغداد، مصرين على أن يلاحظ الجميع ذلك.
يتمتع الصدر بشعبية واسعة في أوساط فقراء الشيعة، خصوصاً في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية الكبيرة قرب بغداد. وهو كان أحد أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً أساسياً في إعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين في عام 2003، مع مسيرة بدأت بمعارك ضارية مع القوات الأميركية حينها.
ومع ندرة ظهوره في العلن، يتوجه الصدر (46 عاماً) بشكل شبه يومي إلى مناصريه، مستغلاً منصة «تويتر» التي يحرك من خلالها شارعاً، ويهدئ آخر. ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دفع بالآلاف من «الصدريين» إلى الشوارع لدعم موجة احتجاجات غير مسبوقة في البلاد تطالب بتغيير كامل الطبقة السياسية، وتندد بالدعم الإيراني لها.
وفي أواخر الشهر الماضي، أمر الصدر أنصاره فجأة بحزم خيامهم، قبل أن يغير رأيه بعد أسبوع متمنياً عليهم العودة «لتجديد الثورة الإصلاحية السلمية». وصادق الصدر، السبت الماضي، على تكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي، تشكيل حكومة جديدة، رغم رفضه من الشارع، في خطوة أدت إلى تشتت في ساحات الاحتجاج.
حينها، أقدم الصدريون المتشددون على طرد المحتجين من مبنى مركزي في وسط العاصمة يسمى المطعم التركي، وصار رمزاً للحراك، وأزالوا صور قتلى التظاهرات واللافتات المطلبية. ويبدو أن مواقف الصدر المتقلبة، من خلال تغريداته، أفرزت رد فعل سلبياً في قاعدته الشعبية الكبيرة، كما يقول حتى مؤيدوه، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
نهاية الأسبوع الماضي، كان يمكن رؤية صور الصدر معلقة على عربات «توك توك» ثلاثية العجلات التي باتت أيقونة الاحتجاجات. ويقول نبيل، وهو أحد أتباع الصدر، إنه «إذا طلب منا سيدنا وقائدنا أن نرمي بأنفسنا في النار، سنفعل ذلك».
ويشير نبيل إلى أنه رفع خيمته عندما قال الصدر إنه سيتوقف عن دعم التحركات المناهضة للحكومة، لكنه عاد السبت بعد التوجيه المغاير. وعندما سُئل عمّا إذا كانت الأوامر المتناقضة تربكه، أجاب بالنفي، على غرار نادية عباس (45 عاماً) من مدينة الصدر. وتقول عباس إنها لا ترى «أي تناقض بين الأسبوع الماضي والآن». وأضافت: «كما يقول نفعل. كبيراً أم صغيراً».
لكن مؤيدي الصدر الأصغر سناً، لم يكونوا على يقين من ذلك. وتحدى كثيرون منهم أوامر رجل الدين الشهر الماضي، وبقوا في ساحة التحرير، وهم يراقبون بأسى أقرانهم وهم يحزمون خيامهم.
يقول حمزة (26 عاماً)، وهو يتبع «التيار الصدري»، إنه «منذ اللحظة التي أتيت فيها إلى هنا، عندما بدأت الثورة، رأيت كثيرين يموتون، يسقطون في الشارع ويلتقطهم شخص ما، وسيارات الإسعاف والدماء». ويضيف: «لقد اعتدنا على كل تلك المشاهد، ولكن أكثر ما يؤلمني هو مشاهدة تلك الخيام وهي تؤخذ بعيداً. شعرت كأنني من بلد وهم من بلد آخر».
أما حسين (24 عاماً)، فكان صعباً عليه شرح التناقض في الأوامر. يلفت المتظاهر ذو العينين الزرقاوين إلى أن الصدر «هو القائد، لكن بيانه لم يكن أمراً مباشراً بالانسحاب». لكن لو أن الصدر كان أصدر أمراً واضحاً بالانسحاب، لم يكن لينسحب «أبداً»، كما يقول.
علي (29 عاماً) من مدينة الصدر، قُتل شقيقه الأكبر في المعارك بصفوف «جيش المهدي» التابع للتيار الصدري. كان قد أمضى الأشهر الأربعة الماضية في خيمة في ساحة التحرير، لكنه يؤكد أنه لا يستطيع أن يتبع تغريدات الصدر بشكل أعمى. ويقول إن «للتيار الصدري قاعدة شعبية ضخمة، ثمانية ملايين شخص ليسوا قليلين»، وهو رقم مبالغ فيه إذا لا إحصاءات رسمية لذلك. ويضيف أن أولئك «قلوبهم مع الاحتجاجات، لكن الحب والطاعة شيئان مختلفان».
ويقول مصدر في «التيار الصدري» إن «خطر حدوث انشقاق موجود دائماً»، خصوصاً أن التيار شهد ذلك سابقاً. ويضيف: «في النهاية، هذه حركة دينية وليست حركة ديمقراطية».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.