في ظلّ تفشي فيروس «كورونا» في الصين، أصبح العمل من المنزل ضرورة ملحة، لا مجرد امتياز. وبينما تحذر المصانع والمتاجر والفنادق والمطاعم من تراجع حركة المرور ما يُحول المدن إلى مناطق أشباح، فخلف الأبواب المغلقة للمنازل تحاول آلاف الشركات اكتشاف سبل الاستمرار في العمل في عالم افتراضي.
ويقول ألفين فو، المدير في إحدى شركات الإعلانات في شنغهاي التي تضم 400 عامل، «إنها فرصة جيدة لنا لاختبار العمل من المنزل على نطاق واسع... ليس من السهل على أفراد وكالة إعلانية إبداعية العمل بشكل فردي، وسيعني ذلك الكثير من محادثات الفيديو والمكالمات الهاتفية»، وفق ما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وفي الوقت الحالي، لا يزال معظم الناس في الصين يعيشون عطلة العام القمري الجديد. ولكن مع عودة الشركات الصينية إلى العمل، فمن المحتمل أن تشهد البشرية أكبر تجربة «عمل من المنزل» في تاريخها.
وسيكون طليعة العاملين من المنازل موظفو المراكز المالية الصينية في هونغ كونغ وشنغهاي، وهما مدينتان فيهما مناطق تجارية مركزية تعتمد على مئات الآلاف من العاملين في المكاتب في مجالات التمويل، والخدمات اللوجستية، والتأمين، والقانون، وغيرها.
ويقول المستشار المالي في هونغ كونغ جيفري برور: «لا أحد يعقد أي اجتماعات، وجدول أعمالي فارغ... أحدهم فقط أرسل لي عبر البريد الإلكتروني يسألني: هل علينا أن نلتقي في مكان ما في فبراير (شباط)؟».
وأحد العوامل الأكثر إثارة للقلق للموظفين هو الانتشار السريع للفيروس، الذي يدفع إلى إحداث تغيرات يومية في توجهات الشركات.
وتشرح تيكو ماموتشافيلي، مديرة منسقي الحفلات في أحد فنادق بكين، أنها كان من المفترض أن تعود إلى العمل يوم (الجمعة) الماضي، ثم قررت الإدارة تمديد عطلتها حتى اليوم (الاثنين)، ثم تلقت إشعاراً بالعمل من المنزل لمدة يومين إضافيين. وبعد بضعة أيام، تم تمديد وضع العمل من المنزل حتى يوم 10 من الشهر الحالي.
ويخشى بعض المديرين من أن الوضع الجديد (العمل من المنزل) سيؤدي إلى خفض الإنتاجية، لكن هناك أدلة على عكس ذلك. فقد كشفت دراسة أُجريت عام 2015 أن الإنتاجية بين موظفي قسم الاتصال (كول سنتر) في إحدى وكالات السفر الصينية ارتفعت بنسبة 13 في المائة عند عملهم من المنزل، بسبب «عدد أقل من فترات الراحة وبيئات عمل أكثر راحة».
وقد تستطيع الشركات في بعض المجالات تفعيل وضع العمل من المنزل، في حين أن هذا الوضع قد لا يلائم مجالات أخرى. وفي هذا، يقول ديف تاي، وهو نائب مدير شركة صينية تعمل في مجال المخابز، وتُوظف 300 عامل، «سيكون هذا وقتاً عصيباً للغاية»، موضحاً أنه من المستحيل - إلى حد كبير - بالنسبة له وللآخرين في صناعته العمل من المنزل.
وأعلنت السلطات الصينية، اليوم، ارتفاع عدد الوفيات المؤكّدة في البلاد جرّاء فيروس «كورونا» المستجد إلى 360، بعدما أودى هذا الفيروس التنفّسي المميت بحياة 56 شخصاً إضافياً في مقاطعة هوبي، بؤرة الوباء في وسط البلاد، في حين بلغ عدد حالات الإصابة في الصين حتى الآن أكثر من 17 ألف حالة.
وأغلقت بورصتا الصين القارية (الاثنين) على تراجع تجاوز السبعة في المائة في أسوأ انخفاض يومي منذ صيف 2005، في أسواق تسودها حالة ذعر من وباء الفيروس، إذ سببت المخاوف من انتشاره موجة بيع بأولى جلسات التداول في سوق الأسهم الصينية، بعد عطلة العام القمري الجديد، ليتكبد المؤشر الرئيسي خسائر بلغت 420 مليار دولار.
فيروس «كورونا» يقود العالم إلى «أكبر تجربة عمل من المنزل»
فيروس «كورونا» يقود العالم إلى «أكبر تجربة عمل من المنزل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة