«صدمة» في السودان من اجتماع حمدوك بمستشار البشير

حمدوك وغازي صلاح الدين (رويترز/فيسبوك)
حمدوك وغازي صلاح الدين (رويترز/فيسبوك)
TT

«صدمة» في السودان من اجتماع حمدوك بمستشار البشير

حمدوك وغازي صلاح الدين (رويترز/فيسبوك)
حمدوك وغازي صلاح الدين (رويترز/فيسبوك)

لا يزال لقاء رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والإسلامي المنشق غازي صلاح الدين العتباني، المستشار السابق للرئيس المعزول عمر البشير، يشغل الساحة السياسية السودانية ويقسمها.
وفي حين رحب إسلاميون باللقاء، انتقده معارضون للنظام السابق بشدة واعتبروه «صفعة لمبادئ ثورة ديسمبر» التي دعت إلى القطيعة مع قادة انقلاب «الإنقاذ»من الإسلاميين، بغض النظر عن مواقفهم الحالية.
وغازي العتباني من القادة التاريخيين للإسلاميين السودانيين. وشارك في أعمال وعمليات «الجبهة الإسلامية»منذ سبعينات القرن الماضي، واشتهر بدوره في ما عرف بعملية «دار الهاتف» العسكرية التي نفذتها قوى «الجبهة الوطنية» المعارضة ضد نظام الرئيس الأسبق جعفر النميري.
وإلى جانب لقائه رئيس الوزراء، نشر العتباني على صفحته على موقع «فيسبوك» صوراً لاجتماع بينه وبين مبعوث الرئيس الأميركي إلى السودان دونالد بوث نهاية الشهر الماضي. ولم تكشف السفارة الأميركية في الخرطوم عن تفاصيل الاجتماع وما تم تداوله، ومثلها لم يفعل العتباني الذي اكتفى بنشر الصورة مع تعليق مقتضب نصه: «لقاء رئيس الجبهة الوطنية للتغيير ورئيس حركة الإصلاح الآن الدكتور غازي صلاح الدين العتباني بالمبعوث الأميركي السفير دونالد بوث».
وشارك العتباني في التخطيط لانقلاب «الإنقاذ» 30 يونيو (حزيران) 1989 بقيادة عرّاب الإسلاميين حسن الترابي، وتولى العديد من المناصب التنفيذية الرفيعه في الدولة، إلى جانب توليه لأمانة الحزب الحاكم المنحل «المؤتمر الوطني»، قبل أن يخوض صراعات كبيرة مع البشير على رغبته في تعديل الدستور بما يتيح له الترشح لدورة رئاسية جديدة بنهاية ولايته، وحول القمع الذي مارسته سلطات الأمن ضد المحتجين في انتفاضة سبتمبر (أيلول) 2013، ما أدى إلى فصله من الحزب ولحق به عدد من مناصريه.
وكوّن العتباني عشية فصله من الحزب الحاكم وقتها حركة «الإصلاح الآن» لمعارضة النظام، لكنه لم يلبث أن شارك في الحوار الوطني المعروف بحوار «الوثبة» الذي دعا إليه البشير، وبناء عليه شارك حزبه في المجلس الوطني (البرلمان).
وأثناء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، أعلن العتباني وحزبه الانسحاب من البرلمان والمجالس التشريعية الولائية، وبجانبه أكثر من 20 حزباً كونوا ما أطلقوا عليه «الجبهة الوطنية للتغيير»، وطالبوا بتغيير النظام.
وتتكون «الجبهة الوطنية للتغيير»التي لا يزال العتباني يتزعمها من مجموعات وشخصيات إسلامية مثيرة للجدل، مثل محمد علي الجزولي الذي اضطر إلى نفي اتهامات له بالانتماء إلى تنظيم «داعش»، وخال الرئيس المعزول الطيب مصطفى الذي ظل في موقعه في البرلمان رئيساً للجنة الإعلام.
ولم تقبل قوى «إعلان الحرية والتغيير» قادة أحزاب «الجبهة الوطنية للتغيير» بين قوى الثورة، واعتبرتها «امتداداً للنظام المعزول»، برغم مشاركة عدد من أنصارها في الثورة. ورغم رأي «الحرية والتغيير» الواضح في العتباني والتحالف السياسي الذي يمثله، فإن رئيس الوزراء عقد لقاء سرياً معه لم تكشف النقاب عنه إلاّ تصريحات منسوبة للعتباني، بأن اللقاء كان «نتيجة لرغبة مشتركة بين الطرفين، وتناول التحديات التي تواجه البلاد وتقريب وجهات النظر، للوصول إلى تحقيق نهضة البلاد باعتباره مشروعاً وطنياً متفق عليه».
أما مكتب حمدوك فقد ظل صامتاً ولم يعلق على تصريحات العتباني بشأن اللقاء ودواعيه. وأثار الاجتماع رفضاً واسعاً بين قوى «الحرية والتغيير» التي تمثل الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، مثلما استهجنه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة، باعتباره «خرقاً لنهج الثورة».
ووصف «تجمع المهنيين السودانيين» اللقاء بأنه «صدمة كبيرة». وقال المتحدث باسم التجمع إسماعيل التاج في تغريدة إن «لقاء غازي صلاح الدين رئيس الجبهة الوطنية للتغيير، ورئيس الوزراء بمكتبه، صدمة كبيرة، ويفتقر للحساسية السياسية، ولا يخدم مسيرة الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي».
ودعا التجمع الذي قاد التظاهرات التي أطاحت حكم البشير، رئيس الوزراء إلى تقديم «توضيحات سريعة لا غموض فيها» بشأن اللقاء، فيما أعلنت قيادات في «الحرية والتغيير» رفضها للاجتماع، واعتبرته «محاولة لتسوية سياسية بين الإسلاميين والحكومة الانتقالية».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.