«ارتياب» في دوافع الصدر بعد دعوته أتباعه للعودة إلى ساحات الاحتجاج

معتصمو ساحة التحرير: الثورة لن تنحرف عن مسارها ولن تخضع لوصاية أحد

مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)
مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)
TT

«ارتياب» في دوافع الصدر بعد دعوته أتباعه للعودة إلى ساحات الاحتجاج

مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)
مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في بغداد أمس (رويترز)

تنظر اتجاهات غير قليلة داخل جماعات الحراك بعين «الريبة» إلى دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أتباعه إلى الالتحاق مجددا بساحات التظاهر والاعتصام بعد أن طلب منهم الأسبوع الماضي مغادرتها على خلفية انتقادات وجهها ناشطون إلى الصدر لما اعتبروها «تقلبات حادة» في مواقفه من الحراك الاحتجاجي ومطالبه المحقة وآليات التصعيد التي يتخذها للضغط على الحكومة.
وفي مقابل حملات التشكيك في خطوات الصدر، تميل بعض جماعات الاحتجاج إلى التحفيف من حدة الاتهامات الموجهة للصدر وأتباعه وتتحمس للدفاع عن فكرة أن ساحات الاعتصام ليست حكرا على جهات محددة وترى أن عودة الصدريين يضيف زخما جديدا لحركة الاحتجاج.
وكان الصدر أعلن الأسبوع الماضي عدم تدخله «سلبا أو إيجابا» في الحراك الاحتجاجي ما دفع أنصاره إلى مغادرة الساحات، ثم عاد أول من أمس، وأعلن عن ضرورة «تجديد الثورة الإصلاحية السلمية» ودعا إلى التحضير لاعتصامات سلمية حاشدة قرب «المنطقة الخضراء» حيث مقر الحكومة والبرلمان.
ومنذ المظاهرة التي نظمها الصدر، الجمعة قبل الماضية، وبمشاركة أتباع بعض الفصائل المسلحة لإيران ضد الوجود الأميركي، بات كثير من النشطاء وقادة الحراك يوجهون انتقادات لاذعة لمواقفه ويتهمونه بالعمل من أجل مصالح خاصة تتعلق برغبته في الهيمنة على المشهد السياسي والاحتجاجي وتكريس نفسه «زعيما أوحد». وتميل بعض الاتجاهات إلى الاعتقاد بأن عودة الصدريين جاء نتيجة انتهاء المهلة (أمس) التي حددها رئيس الجمهورية برهم صالح للكتل السياسية لتقديم مرشحها إلى رئاسة الوزراء، وبالتالي سعي التيار إلى ممارسة الضغوط السياسية والشعبية لإرغام الرئيس صالح على تقديم مرشح مقبول من التيار الصدري.
في الأثناء، وفي مؤشر على العودة القوية لأتباع التيار الصدري إلى الحراك الاحتجاجي، انتشرت فرق «القبعات الزرق» التابعة للتيار، في وسط ساحة التحرير أمس، لممارسة واجب «تفتيش الداخلين إلى الساحة وحماية الموجودين فيها». كما انتشر «فيديو» يظهر أتباع التيار وهم يسيطرون على المنصة الرئيسية للمطعم التركي ويهتفون بحياة الصدر وأسرته.
عودة التيار أتباع التيار الصدري وما رافقها من لغط ومناكفات بين أتباع الصدر والمنتقدين له، دفعت الجماعات الفاعلة في ساحة التحرير إلى إصدار بيان على خلفية ذلك، وإن لم يشر صراحة إلى عودة الصدريين. وأكد البيان المذيل بتوقيع «معتصمو التحرير» على أربع نقاط أساسية، من بينها التأكيد على أن «الثورة لم تنحرف عن مسارها قط منذ بدايتها، حيث كانت تكرر دائما رفضها التام لوجوه الطبقة السياسية جميعاً، ورفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها».
وشدد البيان على أنه «لا قيادة للثورة، فالثورة شبابية خالصة لم يستطع أحد تجييرها لصالحه حتى اليوم، وهم وحدهم من قرر جميع الخطوات الماضية، وسيقررون المستقبلية أيضا، بلا وصاية من أحد سوى المتظاهرين أنفسهم، فكلهم قادة، وكلهم قاعدة».
وفي مسعى على ما يبدو للرد على بعض الجماعات الرافضة لعودة الصدريين، قال بيان المعتصمين: «كانت الساحة وما زالت بيتا للعراقيين جميعاً، الساخطين على ما وصل إليه حال وطننا، لذا ليس لأحد السلطة في رفض وقبول المشاركة والحضور فيها، الجميع مرحب به بشرط أن يكون عراقياً خالصاً غير مجير لمصلحة غير مصلحة العراق العامة، التي لا شأن لها بالمصالح الشخصية والحزبية الضيقة». الناشط والصحافي علي عبد الخالق، يتفق أن وراء عودة الصدر وأتباعه إلى ساحات التظاهر «شيئا أكبر يتعلق بالجانب السياسي». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المهم الآن بالنسبة للصدر، إصلاح ما يمكن إصلاحه رغم أني أشك في نجاح أي مساع في هذا الشأن، هذه الانتفاضة غيرت من عقلية الجميع، هذا جيل يفرض على الكل اللحاق به، ومن حاول العكس فسيخسر». ويرى أن «شيئا ما فُقد، هو الثقة، وأن خطوات الانضمام إلى معسكر يصفنا يومياً بالجوكرية والبعثية وأصحاب الأجندات أضاعت على الصدر ما تبقى له من جمهور من خارج تياره، في العموم أظن أنه كان يمكن فعل أفضل مما تم فعله، ورغم أن هناك من الصدريين من لم يغادر، ففي النهاية ليس لساحة التحرير أبواب وأقفال ومفاتيح».
من جهة أخرى، دعا المرجع الديني، محمد اليعقوبي، أمس، إلى الحفاظ على المسار الصحيح للمظاهرات السلمية، وطالب النخب والكفاءات بتحمل مسؤوليتهم في ترشيد الحراك الجماهيري. وذكر مكتب اليعقوبي، في بيان أن «المرجع اليعقوبي يدعو إلى الحفاظ على المسار الصحيح للمظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق على طول خط المواجهة والثورة ضد الظلم والفساد»، وشدد على «ضرورة منع الأجندات الداخلة الرامية إلى تشوية صورة المتظاهرين وحرف مسار المظاهرات وجعلها أداة للتخريب وإشاعة الفوضى». أما رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، فقد اعتبر في تغريدة عبر «تويتر» أن «على الحكام وسياسيي العراق الخجل من توسل المتظاهرين السلميين المطالبين بالإصلاح بطلب النجدة من المنظمات الدولية والإقليمية لحمايتهم».
من جهتها، نفت قيادة شرطة محافظة الديوانية، أمس، وجود حملة اعتقالات لناشطين في «ساحة الساعة» وسط المدينة. وقال المتحدث باسم الشرطة عامر الركابي، في تصريحات: «ننفي نفيا قاطعا الأنباء التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تنفيذ حملة اعتقالات بحق الناشطين المدنيين داخل ساحة الساعة التي يتظاهر ويعتصم بها أبناء الديوانية». وكانت وسائل الإعلام ومواقع التوصل الاجتماعي، تداولت أنباء تفيد بوجود حملة اعتقالات ضد المتظاهرين والناشطين في الديوانية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.