تقرير أممي يوثّق انتهاكات الحوثيين ويلوّح بمسارات تهريب الأسلحة

الخبراء أكدوا تطابق أسلحة جديدة تسلمتها الميليشيات مع أخرى مصنوعة في إيران

العقيد الركن تركي المالكي مستعرضاً أحد الصواريخ الحوثية التي أسقطها التحالف سابقاً  وأوضح إشارات تطابق قِطعها مع الصواريخ الإيرانية (واس)
العقيد الركن تركي المالكي مستعرضاً أحد الصواريخ الحوثية التي أسقطها التحالف سابقاً وأوضح إشارات تطابق قِطعها مع الصواريخ الإيرانية (واس)
TT

تقرير أممي يوثّق انتهاكات الحوثيين ويلوّح بمسارات تهريب الأسلحة

العقيد الركن تركي المالكي مستعرضاً أحد الصواريخ الحوثية التي أسقطها التحالف سابقاً  وأوضح إشارات تطابق قِطعها مع الصواريخ الإيرانية (واس)
العقيد الركن تركي المالكي مستعرضاً أحد الصواريخ الحوثية التي أسقطها التحالف سابقاً وأوضح إشارات تطابق قِطعها مع الصواريخ الإيرانية (واس)

رجح أحدث تقرير للجنة الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن في شأن اليمن وصول أسلحة نوعية للميليشيات الحوثية خلال 2019 عبر مسار تهريب يمر بعمان والسواحل الجنوبية إلى اليمن. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن التقرير الذي أرسله الخبراء إلى مجلس الأمن يتكون من أكثر من 200 صفحة، ويتضمن رصداً لكثير من جرائم الميليشيات الحوثية خلال العام الماضي، بما في ذلك خطف النساء واعتقالهن.
والتقرير الأممي ليس هو الأول من نوعه، إذ سبق للمنظمة الدولية إصدار كثير من التقارير التي تضمنت اتهامات للميليشيات الحوثية بإعاقة حركة العمل الإنساني وفرض القيود على المنظمات الدولية وسرقة المساعدات الإنسانية.
ومن المرتقب أن يضع التقرير الأحدث المجتمع الدولي أمام الانتهاكات الأخيرة التي حدثت خلال 2019 بشأن حظر وصول الأسلحة إلى اليمن، خصوصاً الأسلحة التي يرجح أنها مقبلة من إيران عبر شبكات التهريب. وأفاد التقرير الأممي الذي تسربت منه فقرات إلى وسائل الإعلام، بأن الميليشيات الحوثية باتت تستخدم نوعاً جديداً من الطائرات المسيرة من طراز «دلتا»، إضافة إلى نموذج جديد من صواريخ كروز البرية.
ولم يعرف أن هذا التسليح كان ضمن القوات اليمنية قبل الانقلاب الحوثي، غير أن الترجيحات تشير إلى ضلوع النظام الإيراني في تزويد الجماعة الانقلابية بمختلف أنواع الأسلحة، فضلاً عن وجود عشرات الخبراء الإيرانيين ومن عناصر حزب الله اللبناني في مناطق سيطرة الجماعة للإشراف على إعادة تجميع الصواريخ واستخدامها، وفق ما تقوله الحكومة اليمنية الشرعية وتقارير دولية أخرى.
ويعتقد المحققون الدوليون أن هناك اتجاهين ظهرا العام الماضي، قد يشكلان انتهاكاً للحظر، يتمثّل الاتّجاه الأوّل في نقل قطع غيار متوافرة تجاريّاً في بلدان صناعيّة مثل محرّكات طائرات بلا طيّار، التي يتمّ تسليمها إلى الحوثيين عبر مجموعة وسطاء، في حين يتمثل الاتجاه الآخر في استمرار تسليم الحوثيين رشاشات وقنابل وصواريخ مضادّة للدبابات ومنظومات من صواريخ «كروز» أكثر تطوراً.
وأوضح الخبراء في تقريرهم أن هذه الأسلحة لديها خصائص تقنية مشابهة لأسلحة مصنوعة في إيران، حيث يبدو أن القِطَع غير العسكريّة والعسكرية - بحسب تقديرهم - أُرسلت عبر مسار تهريب يمر بسلطنة عمان والساحل الجنوبي لليمن، عبر مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، وصولاً إلى صنعاء المختطفة من قبل الجماعة منذ أواخر 2014.
وفي الوقت الذي كانت فيه الجماعة الموالية لإيران أعلنت تبني عدد من الهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية السعودية، استبعد الخبراء الأمميون أن تكون الجماعة هي المسؤولة عن الهجمات، وهو ما يتسق مع استنتاجات سعودية في هذا الشأن أثبتتها التحقيقات الأولية، حيث أشارت إلى وقوف إيران وراء هذه الهجمات.
وكان مسؤولون يمنيون في محافظة الحديدة تحدثوا قبل أيام عن رصد أكثر من 12 زورقاً من زوارق الصيادين تحمل أسلحة وذخيرة ومعدات للميليشيات الحوثية وصلت إلى ميناء الحديدة، حيث يرجح أنها نقلت حمولتها من على متن سفن مجهولة في عرض البحر الأحمر.
واستند الخبراء إلى ما قامت به البحرية الأميركية من توقيف مركب شراعي في بحر العرب في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يحمل صواريخ يعتقد أنها كانت في طريقها إلى الحوثيين، وأشاروا إلى أن ذلك يثبت «استمرار النقل البحري في لعب دور في الانتهاكات المحتملة للحظر المستهدف للأسلحة».
واعترفت الجماعة الحوثية علناً العام الماضي بالنظام الإيراني وقامت بتعيين ممثل لها في طهران في منصب سفير اليمن، بعد أن أرسل زعيمها الحوثي رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يعترف فيها بنظام ولاية الفقيه الذي اعتبره امتداداً لحكم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب، كما كشف عن ذلك الموقع الرسمي لخامنئي.
وتعرض التقرير الأممي الأحدث إلى انتهاكات الميليشيات الحوثية للقانون الإنساني الدولي ولحقوق الإنسان من قبيل التوقيفات والاعتقالات التعسّفية وعمليّات الإخفاء القسري وتعذيب المحتجزين.
وذكر الخبراء أنهم حدّدوا شبكة حوثيّة متورّطة بقمع النساء اللاتي يُعارضن الحوثيين، بما في ذلك استخدام العنف الجنسي، يقودها القيادي الحوثي المتحدر من صعدة والمعين مسؤولاً للمباحث الجنائية في صنعاء ويدعى سلطان زابن.
وأشار التقرير الأممي إلى استمرار الميليشيات الحوثية في تعزيز سيطرتها السياسية والعسكرية، خصوصاً من خلال أجهزنها القمعية المنتشرة، التي تشمل ما يسمى «جهاز الأمن الوقائي» ومخابرات الجماعة التي وحدتها في جهاز جديد تحت اسم «جهاز المخابرات والأمن».
ووثق التقرير الأممي الأحدث - بسب ما تسرب من فقراته - قيام الميليشيات الحوثية بقمع المعارضين القبليين والسياسيين إضافة إلى ما قامت به فرق الأمن النسائية الحوثية المعرفة بـ«كتائب الزينبيات» من أعمال الاعتقال والاحتجاز التعسفي للنساء، والنهب، والاعتداء الجنسي، والضرب، والتعذيب، وتسهيل عمليات الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية.
وأكد المحققون الأمميون أن غياب سيادة القانون والرقابة سمح بالإثراء غير المشروع لقادة الميليشيات، إضافة إلى تورط الحوثيين في حالات انتهاك تدابير تجميد الأصول عن طريق السماح بتحويل الأصول المجمدة والأموال العامة.
وأشاروا في تقريرهم إلى ما تقوم به الجماعة من سيطرة على الأموال العامة والخاصة لمصلحة الجماعة الحوثية عبر القيادي في الجماعة صالح مسفر الشاعر الذي عينته في منصب الحارس القضائي على أموال وعقارات ومنازل وشركات المعارضين للجماعة والمسؤولين في الحكومة الشرعية.
ووثق المحققون ما قامت به الجماعة من قمع لقبائل حجور في مديرية كشر في حجة وتنكيلهم برجال القبائل في عمران وإب، وقالوا إن النساء في مناطق سيطرة الجماعة يستهدفن بشكل مباشر وغير مباشر على السواء عندما يكنّ، أو يُنظر إليهن، على أنهن تهديد لحكم الحوثيين.
وأشار الفريق الأممي إلى أنه وثق نمطاً متزايداً من قمع المرأة عبر 11 حالة من النساء اللائي تعرضن للاعتقال والاحتجاز والضرب والتعذيب أو الاعتداء الجنسي بسبب انتماءاتهن، حيث تشير اتهامات الفريق للقيادي الحوثي سلطان زابن والقيادي الآخر عبد الحكيم الخيواني المعين قائداً لمخابرات الجماعة السياسية أو مشاركتهن في أنشطة سياسية أو احتجاجات عامة.
وكانت تقارير أممية وأخرى حقوقية محلية وحكومية وثقت قيام الميليشيات الحوثية بآلاف الانتهاكات في 2019 في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، سواء فيما يتعلق بقمع الحريات والمعارضين وخطفهم أو في تجريف الاقتصاد ونهب المؤسسات أو سرقة المساعدات الإنسانية.
وقبل نحو أسبوع، أقدم مسلحون حوثيون على نهب أكثر من 127 طناً من المساعدات الإنسانية من مستودع لبرنامج الغذاء العالمي في محافظة حجة، وتحديداً في مديرية أسلم، بحسب بيان للبرنامج الأممي.
وتتهم الحكومة اليمنية الميليشيات الحوثية بأنها احتجزت ونهبت منذ وصول لجنة المراقبين الدوليين إلى الحديدة عقب اتفاق استوكهولم في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2018 إلى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019، نحو 440 شاحنة محملة بمساعدات غذائية وأدوية ومستلزمات طبية ووقود خاص بالمستشفيات في محافظات الحديدة وإب وصنعاء.
وذكرت الاتهامات أن الجماعة نهبت مساعدات طبية خاصة بشلل الأطفال وإنفلونزا الخنازير في عدد من المحافظات وقامت ببيعها للمستشفيات الخاصة بمبالغ كبيرة، ونهبت مبلغ 600 مليون ريال (الدولار 600 ريال) تابعاً لمنظمة الصحة العالمية خاصاً بلقاحات شلل الأطفال في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
كما منعت الجماعة العام الماضي 120 موظفاً من الوصول إلى أحد مخازن برنامج الأغذية العالمي في الحديدة الذي يحتوي على 51 ألف طن من المساعدات تكفي لأكثر من 3.7 مليون شخص لأكثر من 8 أشهر، وقصفت تلك المخازن، ما أدى إلى إتلاف كمية كبيرة من تلك المساعدات، فضلاً عن احتجاز 20 موظفاً تابعين لوكالة التعاون التقني والتنمية الفرنسية (ACTED) (شريك برنامج الأغذية العالمي في محافظة حجة) ومنعتهم من تنفيذ المشاريع الإغاثية، كما منعتهم من مغادرة مديرية بني قيس بالمحافظة وصادرت جوازاتهم لأكثر من أسبوع.
وأغلقت الميليشيات - بحسب تقارير حكومية - مكاتب منظمات أممية ودولية في محافظات الضالع وذمار وإب وصنعاء، واقتحمت مخازن المنظمات في محافظات ريمة وذمار والضالع، واحتجزت فريق منظمة الصحة العالمية في مطار صنعاء وصادرت أجهزة مستلزمات خاصة بالمنظمة، كما قامت بإغلاق الطريق الواصلة بين الحديدة وصنعاء واحتجاز عدد من القوافل الإغاثية فيها.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.