«تين» مطعم يحاكي الشاطئ وتنفس الثقافة في جزيرة السعديات

أن تجد مطعماً شرقياً في عاصمة عربية ليس بالأمر الغريب أو الصعب، ولكن أن تستهدي إلى مطعم شرقي الهوية وغربي الهوى وعالمي الجودة والنوعية، أمر لا بد أن يشدك ويجعلك تتوق لتجربته والتكلم عنه.
في منتجع جميرا جزيرة السعديات، تجد أكثر من شيء يشدك منذ أن تطأ قدمك ردهة الفندق الصديق للبيئة، فمدخله الرئيس يوازي الأفق الذي يسيج المحيط، فترى نفسك في عالم من الزرقة التي تجعل المحيط يوهمك بأنه يلفك من كل جنب وزاوية، قطع زجاجية بتدرجات عديدة للون الأزرق تتدلى من الأسقف، ولون المحيط يعكس بلازورديته على الأثاث، وتتنفس البيئة النظيفة التي تترجم في منع استخدام المواد البلاستيكية بالشراكة مع منظمة «Trust Your Water»، بهدف طرح الحلول للتخلص من زجاجات المياه البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة. فتصميم المنتجع يأخذ في حسبانه ضرورة الحد من التأثير على موائل الجزيرة التي تشمل نظام الكثبان الرملية البيئية في جزيرة السعديات، والنباتات والحيوانات الفطرية، والسلاحف صقرية المنقار المهددة بالانقراض. وتشمل التدابير المقترحة تقديم زجاجات بلاستيكية قابلة لإعادة الاستخدام مجاناً للزوار لتشجيعهم على إعادة تعبئة زجاجات المياه من محطات المياه التي تقدم مياهاً محلية مفلترة في كافة أرجاء المنتجع، ووقف استخدام قشّات الشرب البلاستيكية.
هذا المنتجع يتعدى كونه مجرد نزل للإقامة، فهو أشبه بمدينة كاملة، فيضم عدداً كبيراً من المطاعم، ويقع بالقرب من المرافق الثقافية العالمية مثل متحف اللوفر وغونهايم، ويقع بمحاذاة الشاطئ، ويقدم الكثير من النشاطات الرياضية. ولكنه يعرف أيضاً كونه من أهم عناوين الذواقة في الإمارات نسبة لنوعية وتنوع المطاعم الموجودة فيه.
وبعد تجربة أكثر من مطعم في المنتجع، لفتنا مطعم «تين» الشرقي، فهو يقدم المأكولات الشامية، ولكن بقالب جديد من نوعه، وهذا ما تفتقره بعض المطاعم الشرقية داخل الدول العربية وخارجها.
فنجح مطعم «تين» بأن يجعل له مكانة خاصة على خارطة الطعام في أبوظبي لأنه استطاع رسم خط مميز لم تفلح مطاعم أخرى في التوصل إليها.
لنبدأ بالموقع، فهو يقع بمحاذاة الشاطئ مباشرة، ويتمتع بجلسات خارجية، بعضها يسمح فيها التدخين، والبعض الآخر مخصص للشيشة، لكي لا يزعج التدخين الزبائن غير المدخنين.
الديكور الداخلي جميل وعصري جداً، المطبخ واسع، ويمكنك رؤية الطهاة وهم يقومون بتحضير الأطباق، وأكثر ما يميزه قائمة الطعام وتنوعها، والأهم نوعية المنتجات التي تستخدم في جميع الأطباق.
طريقة تقديم الأطباق عصرية جداً، ووضع فيها جهد واضح لجعلها جميلة ولذيذة بالوقت نفسه، فطريقة التزيين راقية، وتدخل فاكهة التين في الكثير منها تيمناً باسم المطعم.
من اللافت مزج المكونات غير المعهودة في المطبخ الشرقي بطريقة تتناغم جداً مع النكهات العربية، فبدلاً من استخدام اللحم البقري المحلي يتم استقدام أغلى صنف من اللحم المعروف بـ«واغو بيف»، وهذا النوع يشتهر بنكهته وطراوته وسعره العالي جداً، ولهذا السبب تناول المشاوي في «تين» أمر أوصي به لأن اللحم يختلف بمذاقه عن أي لحم تذوقته في وقت سابق في أي مطعم آخر.
الخدمة في المطعم جيدة جداً، والأهم هو إلمام العاملين فيه بالأطباق الموجودة على قائمة الطعام، وهذا الأمر يعتبر شيئاً مشجعاً في أي مطعم، لأن طريقة شرح النادل مهمة جداً، وتجعل التجربة أفضل بكثير.
ألذ ما تذوقناه إلى جانب المشاوي (اللحم والسمك) كانت المقبلات، التي قد تظن بأنها مثل غيرها من المقبلات في المطاعم الشرقية الأخرى لتكتشف بأن النكهات التي تضاف إلى مازة تين تختلف تماماً، وفيها الكثير من التفنن والابتكار، فيضاف الزعتر ودبس الرمان إلى الكثير من الأطباق مما يعطيها مذاقاً إضافياً.
يفتح المطعم أبوابه في عطلة نهاية الأسبوع للفطور والغداء والعشاء، ويقدم الفطور على طريقة أهالي بلاد الشام، ويتم تحضير كل الأصناف، بما فيها اللبنة وغيرها في مطبخ المطعم.