مئات الإسرائيليين المعتقلين في دول أجنبية يريدون تحركاً من نتنياهو لتأمين الإفراج عنهم

TT

مئات الإسرائيليين المعتقلين في دول أجنبية يريدون تحركاً من نتنياهو لتأمين الإفراج عنهم

بعد أن خفتت الأضواء عن الشابة الإسرائيلية نوعما يسسخار، التي تورطت في قضية مخدرات في روسيا، وتدخل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنفسه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمنحها العفو، وسافر خصيصاً إلى موسكو حتى يحملها معه بالطائرة بعد الإفراج عنها، فجّرت جهات قانونية قضية وجود مئات المعتقلين والمسجونين الإسرائيليين في الخارج وطالبت نتنياهو بالتعامل بالمثل والعمل على إطلاق سراحهم.
وقال المحامي مردخاي تسيبين، المتخصص في محاكم الجنايات الدولية، إن هناك 400 إسرائيلي على الأقل يقبعون اليوم في سجون ومعتقلات في مختلف دول العالم. وأشار إلى أن كثيرين منهم يعانون أكثر من يسسخار، لكن الدولة لا تتحرك لتحريرهم وإنقاذهم و«أنا أفهمها في ذلك. فالدول السليمة لا تحاول التدخل في الإجراءات القانونية الداخلية للدول الأخرى. ومع أنني شريك في فرحة يسسخار وأهلها، فإنني أرى أن نتنياهو قام بعملية تمييز وتفضيل للشابة على مواطنين آخرين».
وظهر في الإعلام الإسرائيلي أهالي الكثير من المعتقلين الإسرائيليين حول العالم والذين شكوا من عدم الاكتراث لأبنائهم أو بناتهم وتساءلوا عن سبب تجند نتنياهو بكل قوته لإطلاق سراح يسسخار ومنحه روسيا هدايا في مقابل ذلك، بينما هو لم يحرّك ساكناً لإطلاق أولادهم.
وأكدت مصادر مقربة من وزارة الخارجية الإسرائيلية أن عدد المعتقلين الإسرائيليين في الخارج، المسجلين لديها، فاق 400 شخص، قسم كبير منهم في تايلاند. وهناك شابتان معتقلتان في ليما، عاصمة البيرو، بعد أن تم ضبط 30 كيلوغراماً من الهيروين في حقيبتيهما، وإحداهن معوقة نفسياً ويبدو أن أحد تجّار المخدرات الإسرائيليين استغل بساطتهما ووضع المخدرات في حقيبتيهما من دون علمهما بعدما أفهمهما أنهما مسافرتان إلى الولايات المتحدة. وقد مضى على اعتقالهما 6 أشهر، ولم يسع نتنياهو إلى إطلاقهما. وقال محاميهما، نيس بن نتان، إنه يتوقع من نتنياهو ووزرائه أن يتصرفوا مع موكلتيه مثلما تعامل مع يسسخار. وأضاف: «لا شك في أن لدينا في هذه الدولة مشكلة جدية. فمن الذي يقرر كيف تتعامل الدولة مع أبنائها المعتقلين في الخارج ولماذا يتم التعامل بهذا الشكل؟ فهل توجد هنا مصلحة حزبية ضيقة؟!».
واعتبرت أوساط سياسية تصرف نتنياهو مع يسسخار «مسرحية» غير مدروسة جيداً هدفها أن يكسب أصوات الناخبين في الانتخابات عندما يظهر نفسه كمن لا يفرّط في المواطن الإسرائيلي في الخارج، حتى لو كان مهرب مخدرات. لكنها أضافت أن رئيس الوزراء ظهر في المقابل بوصفه مفرّطاً بمئات الإسرائيليين في الخارج الذين لا أحد يذكرهم ويكترث بمعاناتهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.