روسيا تنفي قصف مستشفى في شمال غربي سوريا

أنقرة تتواصل مع موسكو بشأن إدلب

TT

روسيا تنفي قصف مستشفى في شمال غربي سوريا

نفت وزارة الدفاع الروسية صحة تقارير تحدثت عن قيام الطيران الروسي بقصف أهداف مدنية في إدلب، ووصفت الاتهامات في بيان بأنها «استفزاز إعلامي».
وأفاد البيان، بأن «التقارير التي أوردتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية وزعمت قيام طائرة حربية روسية بقصف مستشفى ومخبز قرب بلدة أريحا جنوب مدينة إدلب ليست صحيحة، وتشكل استفزازاً إعلامياً»، موضحاً أن «الطيران الروسي لم ينفذ أي مهام قتالية في المنطقة المذكورة».
وكانت التقارير أشارت إلى أن طائرات حربية روسية نفذت ضربة ضد أهداف في أريحا أسفرت عن مقتل 10 مدنيين على الأقل.
وكان لافتاً أن وسائل إعلام روسية وجهت اتهامات غير مباشرة لتركيا في هذا الموضوع، عبر الإشارة إلى أن الاتهامات ضد الطيران الروسي صدرت عن وسائل إعلام تركية. وبرزت أمس، مساعٍ من موسكو وأنقرة لتطويق التوتر المتزايد بينهما بسبب تطورات الوضع الميداني في إدلب؛ إذ بحث رئيس الأركان العامة في الجيش الروسي فاليري غيراسيموف، في اتصال هاتفي، مع نظيره التركي ياشار غولر، الوضع في المنطقة. ولفتت مصادر عسكرية إلى أن الطرفين ناقشا بشكل مفصل التطورات على الأرض.
وجاء الاتصال بعد مرور يوم واحد على اتهام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجانب الروسي بعدم الالتزام باتفاقات وقف النار التي تم التوصل إليها في سوتشي وعبر جولات الحوار في آستانة. وقال إردوغان: «لسوء الحظ، لا تلتزم روسيا باتفاقات آستانة أو سوتشي. انتظرنا، حتى الآن، لكن من الآن فصاعداً نعتزم التصرف بأنفسنا. هذا ليس تهديداً، لكن نتوقع أن ترسل روسيا التحذير اللازم للنظام السوري».
وكانت موسكو تجاهلت التعليق على تطورات العمليات العسكرية الجارية حول إدلب، واكتفت في البيانات العسكرية بالتركيز على «انتهاكات المسلحين» وكررت أكثر من مرة أن النشاط العسكري للقوات النظامية يتركز في «مواجهة الهجمات التي يشنها إرهابيون على المواقع العسكرية السورية». وأعلنت وزارة الدفاع الروسية قبل يومين، أن حصيلة خسائر النظام منذ التاسع من يناير (كانون الثاني) بلغت 211 عسكرياً سورياً.
وقال مدير مركز حميميم للمصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، يوري بورينكوف، إنه «قتل في سوريا منذ 9 يناير 211 عسكرياً سورياً، وأصيب أكثر من 300 بجروح، جراء الاشتباكات مع التشكيلات المسلحة غير الشرعية، وعمليات القصف من جانبها». وأضاف بورينكوف أن «حصيلة الضحايا بين المدنيين في مناطق سيطرة الحكومة جراء عمليات القصف خلال الفترة ذاتها بلغت 121 قتيلاً و254 جريحاً».
وأكد المسؤول العسكري على «استمرار الأعمال القتالية الضارية في منطقة إدلب لخفض التصعيد والتي بدأها مسلحو تنظيم (هيئة تحرير الشام)، المكون بالدرجة الأولى من عناصر (جبهة النصرة) المصنفة على لوائح الإرهاب الدولية». وذكر أن القوات الحكومية السورية تمكنت، خلال تلك الفترة من تحرير 27 بلدة وقرية في منطقة إدلب، مشيراً إلى أنه يجري اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لضمان عودة الأهالي فيها إلى الحياة الطبيعية في أسرع وقت.
في الوقت ذاته، أرسل الجيش التركي مزيدا من التعزيزات العسكرية إلى الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا مؤلفة من مدرعات ومركبات محملة بجنود. وسبق أن أرسلت تركيا خلال الأيام القليلة الماضية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى إدلب لتعزيز نقاط مراقبتها العسكرية المنتشرة هناك. وقالت مصادر إن الجيش التركي أنشأ نقطة جديدة في سراقب التي تقترب منها قوات النظام بعد سيطرتها على معرة النعمان ثاني أكبر المدن في إدلب.
وفي السياق ذاته، قال مساعد وزير الخارجية التركي سادات أونال إن هجمات النظام السوري على إدلب أدت إلى زيادة التوتر والعنف في سوريا، مشيرا إلى أن أنقرة تكثف لقاءاتها مع روسيا والأطراف المعنية من أجل خفض التصعيد في إدلب.
وأكد ضرورة السعي من أجل الحل السياسي في سوريا، استنادا إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، اضطر 502 ألف سوري إلى ترك ديارهم بسبب القصف العنيف، حيث زادت حركة النزوح مع تواصل قصف النظام وحلفائه على المنطقة. كما أسفرت الهجمات عن نزوح أكثر من مليون مدني إلى مناطق هادئة نسبيا، أو قريبة من الحدود التركية.
وفي مايو (أيار) 2017 أعلنت تركيا وروسيا وإيران توصلها إلى اتفاق «منطقة خفض التصعيد» بإدلب، في إطار اجتماعات آستانة المتعلقة بالشأن السوري، إلا أن قوات النظام وداعميه تواصل شن هجماتها على المنطقة، رغم التفاهم المبرم بين تركيا وروسيا في سوتشي.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.