لم يعد هناك ملاذ لصناعة النفط الحكومية الإيرانية بعد أن تخلت الصين عن تلك المهمة بسبب العقوبات الأميركية. كما ستتعرض فرنسا لضغوط شديدة عند التعامل مع النفط الإيراني بسبب طبيعة العقوبات الأميركية، ولها عبرة فيما تعرض له بنك «بي إن بي باريبا» من غرامات بسبب خرقه سياسة العقوبات الأميركية.
وقالت مجلة «فوربس»، إن رسالة واشنطن واضحة: «اشترِ نفطاً من إيران وانتظر العقاب». وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد فرضت الأسبوع الماضي عقوبات على شركة «شاندونغ كيوانغدا» الصينية للبتروكيماويات وشركتي «تريليانس للبتروكيماويات» و«جياشينغ»، ومقرهما هونغ كونغ، لشرائها ونقلها المنتجات النفطية الإيرانية.
وطالت العقوبات أيضاً اثنين من المسؤولين التنفيذيين للشركات المذكورة، هما علي بايانداريان، العضو المنتدب لشركة «تريليانس للبتروكيماويات» وتشيتشينغ وانج، رئيس مجلس الإدارة والممثل القانوني لشركة «شاندونغ كيوانغدا للبتروكيماويات المحدودة». وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو: «لقد تسببت الضغوط الاقتصادية التي فرضناها في تراجع عائدات النفط الإيراني بواقع 80 في المائة، وما زلنا مصممين على التخلص من نسبة 20 في المائة المتبقية». وأضاف قوله، إن «حرمان إيران من الأموال والثروات هو المسار الصحيح لحملها على اتخاذ قرارات صعبة».
وقالت المجلة، إذا كانت الحرب الاقتصادية لا تقل تأثيراً عن الحرب باستخدام الأسلحة التقليدية، فإن إيران محاصرة بالفعل، وهو ما انعكس على اقتصادها الراكد منذ عامين. كما وقال البنك الدولي، إن حالة الركود في إيران قد تستمر على حالها طوال العام الحالي، لكن هذا الوضع كان قبل ضغوط العقوبات الأخيرة، وهو ما يضع الدول الأخرى في حالة تأهب انتظاراً لضربة أخرى كبيرة للاقتصاد الإيراني.
وفي 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، أعلن ترمب العقوبات التي تجاوزت النفط والغاز وأصبحت الآن تستهدف قطاعات التشييد والتعدين والتصنيع وصناعة النسيج. فقد انخفضت صادرات البضائع الإيرانية إلى الولايات المتحدة إلى الصفر، في حين اقتصرت الواردات على الاحتياجات الإنسانية مثل الأدوية والمعدات الطبية. وحاولت الإدارات الأميركية المتتالية استنزاف الاقتصاد الإيراني وتجفيف منابع الأموال التي يُعتقد أنها تُستخدم لتمويل العمليات الإرهابية في جميع أنحاء العالم؛ لذلك فإن متابعة القطاعات التي لم تتأثر هو جزء من استراتيجية إدارة ترمب المتمثلة في ممارسة «أقصى قدر من الضغط» على إيران.
وفي السياق نفسه، قال آلان إنسلين، رئيس مؤسسة «بيكر دونلسون» للتجارة الدولية والأمن القومي، إن «هذه الجولة الأخيرة تمثل قيداً على ما يمكن للناس فعله تجاه إيران. إن القيود المفروضة والإجراءات التي يمكن للأفراد والشركات الأميركية اتخاذها لم تكن سوى خط في الرمال جرى رسمه منذ فترة طويلة. إن الجزء الأكثر أهمية من هذا الأمر التنفيذي الأخير هو توسيع النطاق أمام ما يمكن للأطراف غير الأميركية القيام به، أو ما يطلق عليه العقوبات الثانوية». لقد تراجعت التجارة مع إيران منذ انسحاب ترمب من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وافترضت الكثير من الشركات في جميع أنحاء العالم أن العقوبات سترفع بالكامل عن إيران حال بقيت تلك الصفقة النووية سارية، وهو ما لم يحدث، وبقيت العقوبات على النفط.
لم تكن غالبية الأعمال محظورة، وكانت الشركات تتعامل بسهولة مع مخاطر شراء النفط الإيراني أو عند العمل في سوق النفط الإيراني على المستوى المحلي. لكن عندما انسحب ترمب من الاتفاق النووي، وعادت جميع العقوبات وأضيفت عقوبات جديدة في غضون أشهر، ووجدت الشركات الأوروبية نفسها في مأزق بعد أن اعتقدت أن كل شيء على ما يرام بين طهران وواشنطن. وفي وقت سابق من الشهر الحالي، تحدث وزير الخارجية مايك بومبيو عن سياسة إيران في مرحلة ما بعد قاسم سليماني، في معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد، قائلاً إن الهدف هو «حرمان النظام من الموارد التي يحتاج إليها لممارسة نشاطه الخبيث في جميع أنحاء العالم».
النفط الإيراني يفقد ملاذاته الآمنة تحت وقع العقوبات الأميركية
النفط الإيراني يفقد ملاذاته الآمنة تحت وقع العقوبات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة