«سجال فكري» بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة يثير اهتماماً متزايداً

أحمد الطيب - محمد الخشت
أحمد الطيب - محمد الخشت
TT

«سجال فكري» بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة يثير اهتماماً متزايداً

أحمد الطيب - محمد الخشت
أحمد الطيب - محمد الخشت

أثار «سجال فكري» بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، في ختام مؤتمر «الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي»، حول «آليات تجديد الخطاب الديني والتعامل مع التراث»، اهتماما واسعا في مصر، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين مؤيد ومعارض.
وقال الطيب في رده على الخشت إن توصيف التراث بأنه «يورث الضعف والتراجع مزايدة». ومبرزا أن «التجديد ليس هو الانتقال من بيت والدي إلى بيت آخر، كما قلت يا دكتور الخشت، هذا ليس تجديداً، هذا إهمال وترك وإعلان الفرقة لبيت الوالد، مع احترامي للوالد... التجديد يا سيدي في بيت الوالد يكون بما يناسب أنماط البناء المعاصرة».
وكان الخشت قد رفض في كلمته أمام المؤتمر محاولة «إحياء علوم الدين»، ودعا إلى ضرورة «تطوير علوم الدين»، موضحاً أن «العلوم التي نشأت حول الدين علوم إنسانية تروم فهم الوحي الإلهي، وعلوم التفسير والفقه وأصول الدين، وعلوم مصطلح الحديث وعلم الرجال أو علم الجرح والتعديل، هي علوم إنسانية أنشأها بشر، وكل ما جاء بها اجتهادات بشرية، ومن ثم فهي قابلة للتطوير».
وتداول رواد مواقع التواصل مناوشات الطيب والخشت بشكل كبير أمس، وظلت كلمات الرجلين الأكثر تداولا على مواقع التواصل لفترة طويلة. وفي هذا السياق، ذكرت إلهام شاهين على «فيسبوك» أن «شيخ الأزهر مُجدد بحق، فقد وضع لبنات وأسس العمل الحديث في الأزهر لخدمة الأمة الإسلامية كلها».
من جانبه، قال إبراهيم صابر على «فيسبوك»: «أحبك بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى»، وحدث صفحته الشخصية بصورة لشيخ الأزهر. أما محمد عبد الشكور فقال على «فيسبوك»: «الشيخ الطيب يحاول استعادة دور الأزهر، أن تأتي متأخراً خير من عدم وصولك، ربنا يساعده ويعيد دور الأئمة السابقين».
من جهته، علق السياسي البارز الدكتور محمد البرادعي، النائب السابق لرئيس الجمهورية، قائلاً: «عندما يقول شيخ الأزهر إن شخصيتنا انتهت كعرب ومسلمين، وإننا أصبحنا لا شيء، وإنه يشعر بالخزي وهو يشاهد ترمب ونتنياهو يخططان لنا أعتقد أنه يعبر بصدق عما يجيش في صدر كل عربي».
بدوره، قال الشيخ أحمد إبراهيم، على «تويتر»: «رئيس جامعة القاهرة أحرج نفسه عندما تكلم فيما لا يحسنه، وكان الواجب عليه التحضير الجيد للكلمة لتكون مناسبة لجلال الحدث وموضوعه، بدلاً من الخواطر والارتجال، الذي وضع الرجل في موضع لا يحسد عليه، وكان يمكنه أن يوصل فكرته بطريقة أفضل من هذا».
وكان الطيب قد قال للخشت: «كنت أود أن تكون الكلمة التي ستلقى في مؤتمر عالمي دولي، وفي موضوع دقيق وهو التجديد، أن تكون مُعدة سابقاً ومدروسة، لا أن تأتي نتيجة تداعي الأفكار والخواطر».
في المقابل، رفض أحمد توفيق على «تويتر» الطريقة التي رد بها شيخ الأزهر على الخشت، خاصة عندما لم يسمح شيخ الأزهر للدكتور الخشت بالتعقيب، فضلاً عن التصفيق الحاد الذي كان يتردد في القاعة عقب كل عبارة نقد يقولها الطيب، مؤكداً أن «الأزهر يقف حارساً على التراث الذي دمر حياتنا».
واتفق معه محمد إبراهيم على «فيسبوك»، قائلاً: «البعض يرى أن ما قاله شيخ الأزهر هو دفاع عن الإسلام، وهذا غير حقيقي. فشيخ الأزهر أراد إيصال رسائل كثيرة غير مباشرة من خلال رده على الدكتور الخشت... ورد الدكتور الطيب به كثير من التعالي».
فيما تساءل طه فرغلي، على صفحته بـ«فيسبوك» قائلا: «لا أعرف لماذا حول الأزهريون مناقشة الطيب والخشت إلى ساحة معركة... تهليل وتصفيق وتكبير وتشيير، هي ليست معركة؛ بل بداية جادة لنقاش محترم ورصين على طريق التجديد... التحية بقدر ما هي واجبة للدكتور الطيب - رغم نبرة سخرية أحيانا في نقده - فهي واجبة أيضاً للدكتور الخشت، الذي كان شجاعاً في طرحه، وأيضاً محترماً في تقبل النقد».
وعلق الدكتور الخشت على اختلافه مع شيخ الأزهر، قائلاً إن شيخ الأزهر «حمّل كلامي معاني لم أتحدث عنها، ولم أقصدها على الإطلاق، ورد على أسئلة لم أسألها، وكلامي معه لم يمثل أي شيء من الشذوذ»، على حد قوله.



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».