رحلة مع أشرف عبد الباقي: «حقيبة الأدوية» لا تفارقني بسبب حبي لتذوق الأطباق المحلية والغريبة

TT

رحلة مع أشرف عبد الباقي: «حقيبة الأدوية» لا تفارقني بسبب حبي لتذوق الأطباق المحلية والغريبة

يؤمن الفنان المصري أشرف عبد الباقي بأهمية السفر، ويفخر برحلاته الكثيرة إلى بلدان الشرق والغرب. فقد أتاحت له - كما يقول – أن يستبدل بالكتب العيش في الواقع، والاحتكاك بمجتمعات وثقافات مختلفة. يقول: «إن الطعام ثقافة، والأزياء ثقافة، وزيارة الأماكن التاريخية ثقافة، يلمسها الزائر بنفسه». لذا تعددت سفراته إلى الخارج، وإن كان بعضها للعمل. في حواره مع «الشرق الأوسط»، تحدث عبد الباقي عن أهم الوجهات التي زارها قائلاً:
> الكويت كانت رحلتي الأولى خارج مصر، وأول مرة أستقل فيها الطائرة. كان ذلك في عام 1987 لعرض مسرحية «خشب الورد»، التي كانت أيضاً أول عروضي المسرحية الكبيرة. رفاقي في الرحلة زادوا من متعتها، وكان في مقدمتهم الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي، والنجم محمود عبد العزيز، رحمهما الله. كنت في غاية السعادة وأنا أستقل الطائرة؛ حيث تغلبت سعادتي على خوفي. بعدها زرت معظم الدول العربية بتقديم عروض مسرحية، وكانت أحدث هذه الرحلات إلى السعودية، للمشاركة في موسم الرياض؛ حيث قدمنا مسرحية «جريما في المعادي». كان استقبال الجمهور السعودي أكثر من رائع، مع العلم بأنها لم تكن أول مرة أزور فيها المملكة، فقد زرتها من قبل لتدريب الشباب على التمثيل المسرحي في «مسرح السعودية»، واكتشاف الموهوبين منهم، لتقديم عروض يشاركون فيها، على غرار تجربتي في «مسرح مصر». طبعاً لا تكتمل الزيارة إلى المملكة من دون أداء العمرة أو فريضة الحج، فهي رحلات تغذي الروح والقلب.
> زيارات عديدة قمت بها إلى دول أوروبية، مثل فرنسا وهولندا وإنجلترا. وفي الفترة الماضية تعددت زياراتي إليها لعرض مسرحية «جريما في المعادي»، كما سافرت إلى التشيك لتصميم العرائس التي استعنت بها في المسرح. كونهم بارعين في هذا المجال جعلني أُحضر بعضهم معي إلى مصر لتدريب بعض العاملين معنا على تصميم العرائس. أكثر ما يسعدني في أوروبا النظام الذي يتغلغل في ثقافتها، فالطابور التزام، وقوانين المرور التزام للجميع، وكل شيء يتم بنظام واحترام.
> أنا من عشاق السفر، وأتمتع بكل التجارب؛ لكني لا أميل كثيراً إلى البرد القارس. فأنا أتذكر رحلة إلى بلجيكا لم تكن مريحة تماماً بسبب الطقس. بمجرد أن هبطت من الطائرة أصابتني رعشة شديدة، لم تنفع معها كل الملابس السميكة التي التحفت بها.
> أما الرحلة التي لن أنساها أبداً، فكانت مع زوجتي وبناتي، وكانت رحلة بحرية على متن سفينة عملاقة تحط بموانئ عدة في البحر المتوسط. كانت السفينة عملاقة تضم مسرحاً يسع 3500 كرسي، ويقدم كل يوم عرضاً جديداً، وكنا نقيم في الدور الـ25، ولا نشعر بحركة السفينة، وفي كل صباح نستيقظ لنجد أنفسنا في ميناء جديد وثقافة مختلفة.
> أتردد كثيراً على الولايات المتحدة؛ حيث يقيم بها بعض أشقائي منذ 25 عاماً؛ لكني لا أحب بعض مدنها، مثل نيويورك، بسبب ازدحامها وضجيجها، وأفضل عليها نورث كارولاينا لهدوئها. فهي ولاية ريفية مقارنةً بغيرها.
> في كل رحلة سفر لا أستغني عن حقيبة الأدوية الاحتياطية للبرد والمعدة؛ خصوصاً أني أحب أن أتذوق الأطباق المحلية. فالأكل بالنسبة لي ثقافة، لذا لا أرى أنه من واجبي تذوق كل الأطباق التقليدية، من السوشي إلى الضفادع.
> أكثر مكان أسعد بزيارته بشكل سنوي، مدينة أسوان في صعيد مصر، وخصوصاً في فصل الشتاء. وأشعر بفخر كبير وأنا أرى السياح يقفون في حالة انبهار وإجلال أما مآثرها التاريخية. وفي كل مرة أزورها، أو أزور الأقصر، أكتشف مواقع جديدة ساحرة بها.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».