عباس يرفض خطة ترمب ويتمسك بدولة عاصمتها القدس الشرقية

الرئيس محمود عباس مع قادة فلسطينيين ينهي كلمته بعد إعلان ترمب خطته للسلام امس (إ ف ب)
الرئيس محمود عباس مع قادة فلسطينيين ينهي كلمته بعد إعلان ترمب خطته للسلام امس (إ ف ب)
TT

عباس يرفض خطة ترمب ويتمسك بدولة عاصمتها القدس الشرقية

الرئيس محمود عباس مع قادة فلسطينيين ينهي كلمته بعد إعلان ترمب خطته للسلام امس (إ ف ب)
الرئيس محمود عباس مع قادة فلسطينيين ينهي كلمته بعد إعلان ترمب خطته للسلام امس (إ ف ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد انتهاء اجتماع القيادة الفلسطينية، أمس، إن القدس ليست للبيع. وأضاف: «أريد أن أقول للثنائي ترمب ونتنياهو، إن القدس ليست للبيع وكل حقوقنا ليست للبيع وليست للمساومة، وصفقتكم المؤامرة لن تمر».
وأضاف عباس: «الصفقة لن تمر». وأردف: «أتوجه في هذه اللحظات الدقيقة والحاسمة إلى الكل الفلسطيني من أجل رص الصفوف وتعميق الوحدة». وأكد عباس أن استراتيجية الفلسطينيين تعتمد على استمرار الكفاح لإقامة الدولة.
وشاهد عباس خطاب ترمب عبر شاشة كبيرة في أثناء اجتماع القيادة. وأعلن أن القيادة سوف تبدأ فوراً اتخاذ الإجراءات التي تتطلب تغيير الدور الوظيفي للسلطة الوطنية. وأضاف: «لن نركع ولن نستسلم وسنبقى قابضين على الجمر ونحن لها. المؤامرات وصفقات العصر إلى فشل وزوال ولن تخلق حقاً ولن تنشئ التزاماً». وقال عباس: «استمعنا لترمب يتحدث عن صفعة العصر وسنعيدها صفعات. كلها مرفوضة». وأضاف: «لم نجد شيئاً جديداً. لا حاجة لأن نسمع أو ننتظر كما كان يقول لنا البعض. لم يتغير موقفنا وبعد أن سمعنا هذا الهراء نقول ألف مرة لا لصفقة العصر».
وتابع: «نعتبر الصفقة نهاية مشروع وعد بلفور. هي النهاية التي كانوا يقصدونها من وراء وعد بلفور للوصول إليها. لأننا عندما نقرأ الوعد نقرأ نفس الكلام. الآن كشفوا عن وجههم وعن حقيقتهم وعادوا إلى البداية ليطبّقوا كل ما أرادوا في عام 2020». وقال عباس: «الصفقة تستند إلى وعد بلفور الذي صنعته أميركا وبريطانيا».
وكان عباس دعا إلى عقد اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطته للسلام لتدارس آليات الرد عليها، ووجه الدعوة لحركتي حماس والجهاد لحضور الاجتماع. وأعلن ترمب أمس خطته للسلام التي تقوم على دولتين، لكنه أعطى إسرائيل القدس كاملة عاصمة لها بدون تقسيم، وتعهد بالاعتراف بسيادة إسرائيل على أراضٍ يجب أن تضمها من أجل أمنها وهي منطقة الغور الحدودية ومستوطنات، مقابل دولة فلسطينية جديدة متصلة وعاصمتها في القدس. وقال ترمب لعباس إنه سيقف معه إذا وافق في كل خطوة.
ورد عباس برفض الصفقة بصيغتها الحالية. وقال عباس إنه يرفض الصفقة المخالفة للشرعية الدولية التي تتجاهل كل حقوق الفلسطينيين. مضيفاً: «نقول لا كبيرة للصفقة. لن تمر». وحديث عباس تم أمام أعضاء منظمة التحرير والفصائل وحركتي حماس والجهاد، وعلى وقع مظاهرات في الشارع الفلسطيني في الضفة وغزة، هتفت ضد ترمب وأحرقت صوره على نطاق واسع. وشكل حضور حماس والجهاد مقدمة لاحتمال توحيد الفلسطينيين في مواجهة الخطة الأميركية. ووضعت منظمة التحرير هدف الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام من بين عدة أهداف أخرى، وهي: إقامة الدولة الفلسطينية، وسحب الاعتراف بإسرائيل، والذهاب إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة لاتخاذ قرارات تحت إطار البند السابع.
وهاتف أمس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الرئيس عباس، وقال هنية لعباس: «نحن جميعاً في خندق مشترك للحفاظ على قضيتنا الفلسطينية وحقوقنا الكاملة في القدس واللاجئين والدولة». ودعا هنية، إلى وضع جميع الخلافات جانباً والوقوف صفاً واحداً في مواجهة مخطط تصفية المشروع الوطني الفلسطيني. وعبر عن وقوف حركة حماس خلف مواقف عباس في رفض ما يسمى بصفقة القرن الهادفة لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني. وأكد هنية أهمية الوحدة الوطنية وجاهزية الحركة للعمل المشترك سياسياً وميدانياً في إطار نضالنا الشعبي لقطع الطريق على هذه التوجهات الأميركية الإسرائيلية. وثمن عباس مبادرة هنية، وأكد على موقفه الواضح برفض هذه الصفقة والعمل على المسارات السياسية والدبلوماسية والشعبية لمواجهتها، مرحباً بالعمل المشترك في الداخل والخارج بهذا الإطار. وتم الاتفاق خلال الاتصال على استمرار التنسيق والتواصل المستمرين.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، أشاد مسبقاً بدعوة عباس الفصائل للاجتماع في رام الله لبحث مواجهة صفقة القرن. وقال الحية: «نحن اليوم موحدون تحت علمنا الفلسطيني لإسقاط صفقة القرن، وشعبنا موحد عند الملمّات، وفي وجه الاحتلال كبندقية واحدة وثورة واحدة، وإن هذا المشهد الوحدوي هو أول مسمار في نعش صفقة القرن، ويظن ترمب أنه يمكن في غفلة من التاريخ أن يمرر صفقة تنهي القضية الفلسطينية، وأن يمرر إجراءات يمكن من خلالها شطب حق العودة، أو يلتهم أرضنا».
ومضى يقول: «رغم خلافاتنا؛ فدون القدس رقابنا، ودون الأقصى حياتنا، ودون فلسطين وحق العودة كل ما نملك». وأكد: «صفقة القرن لن تمر وفينا عرق ينبض». كما أعلن مسؤول العلاقات الوطنية في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، أن حركته جاهزة لأي اجتماع سيبحث آليات العمل الوطني لمواجهة خطة ترمب.
وفي هذه الأثناء، أرسل كذلك القيادي المفصول من فتح محمد دحلان رسالة لعباس، قال فيها إنه «يتوجب علينا التخلي عما يفرقنا والعودة إلى ما يوحدنا لنقف معاً في الدفاع عن شعبنا وحقوقه ومقدساته». وأضاف: «عيون شعبنا شاخصة إليك بانتظار ما ستتخذ من قرارات ومواقف تجسد كفاح شعبنا الطويل، وتضحيات قوافل شهداء وأسرى ثورتنا المباركة. ‏‎إن شعبنا في انتظار قرارات حاسمة تصبح قاطرة للمواقف العربية والدولية، وبالتالي علينا ودون إبطاء أن نخرج للعالم بمواقف واضحة حاسمة لا تحتمل التأويل». ولا يتوقع أن يتخذ عباس قرارات فورية قد تؤدي لانهيار السلطة الفلسطينية. ويريد الرئيس الفلسطيني إجراء مشاورات أوسع ودعماً داخلياً وعربياً لخطواته، وكذلك دعا الجامعة العربية لاجتماع طارئ سيعقد السبت ويحضره شخصياً.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».