الناشطون يتصدون لمحاولة قوى الأمن فتح الطريق وسط بيروت

متظاهرون يعيدون إقفال طريق فتحتها قوات الأمن وسط بيروت (أ.ب)
متظاهرون يعيدون إقفال طريق فتحتها قوات الأمن وسط بيروت (أ.ب)
TT

الناشطون يتصدون لمحاولة قوى الأمن فتح الطريق وسط بيروت

متظاهرون يعيدون إقفال طريق فتحتها قوات الأمن وسط بيروت (أ.ب)
متظاهرون يعيدون إقفال طريق فتحتها قوات الأمن وسط بيروت (أ.ب)

أثارت إجراءات اتخذتها قوى الأمن الداخلي أمس الثلاثاء لمحاولة فتح الطريق عند ساحة الشهداء في وسط بيروت، استياء في صفوف الناشطين الذين تداعوا إلى المكان وأعادوا إقفال الطريق وطرق أخرى تؤدي إلى وسط العاصمة.
واعتبر الناشطون أن ما يحصل يندرج بإطار ما سموه «خطط قوى السلطة للقضاء على الانتفاضة الشعبية»، منبهين لتعريض حياتهم للخطر من خلال إفساح المجال أمام «العناصر الحزبية غير المنضبطة للتعرض لهم كما حصل أكثر من مرة في الأشهر الماضية».
وبعد الظهر، صدر عن وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي بيان نفى فيه ما يثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن قرار أمني صادر عنه لفض اعتصام وسط بيروت، مشيرا إلى أن إزالة الحواجز الحديدية عند مداخل ساحة الشهداء أتت بهدف تسهيل حركة المرور أمام المواطنين في العاصمة. وأكد فهمي على حرية التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي وهو حق كفله الدستور والقوانين.
وشكلت ساحة الشهداء النقطة الرئيسية لتجمع ناشطي انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) وتم فيها نصب مجموعة من الخيم. وذكّر الناشط في الحراك المدني لوسيان أبو رجيلي أنه «تم في أكثر من مناسبة إحراق الخيم في ساحة الشهداء كما (قبضة الثورة) إضافة للتعرض للناشطين والمتظاهرين من قبل مناصري الأحزاب الذين هاجموا الساحة مرارا»، معتبرا أن «قرار إزالة العوائق الحديدية وسحب العناصر الأمنية التي كانت تؤمن نوعا من الحماية للمعتصمين وبخاصة أولئك الذين ينامون في الخيم قرار مدان وغير مسؤول كما أنه خطير وأشبه باللعب بالنار لأنه يفتح المجال أمام تعريض حياة الناشطين للخطر».
ورأى أبو رجيلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة الجديدة - القديمة من منطلق أنها تعتمد نفس النهج بطريقة تعاطيها مع حرية التعبير والتظاهر، لا تزال تحاول الالتفاف على مطالبنا، وها هي تذهب اليوم أبعد من ذلك بتعريض حياة معارضيها للخطر، مضيفا: «قالوا اتركوا الطرقات مفتوحة واتجهوا إلى الساحات فإذا بهم اليوم يدفعوننا لإخلاء الساحات، وهو ما لن ينجحوا به وما لن نسمح به». وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» يوم أمس عن إقدام القوى الأمنية على فتح الطريق من الممتد من جريدة «النهار» باتجاه مسجد محمد الأمين، بعد إزالة العوائق الحديدية من وسط الطريق، متحدثة عن «اتجاه لإزالة الخيم المنصوبة في ساحة الشهداء».
وفور شيوع الخبر توافد عشرات المحتجين إلى الساحة لمساندة رفاقهم الذين كانوا يحاولون منع القوى الأمنية من فتح الطريق. ونشطت الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات التي تعمم عادة أخبار تحركات الناشطين التي تحث اللبنانيين للنزول إلى الساحة للتصدي لفتح الطريق.
وعمد المحتجون إلى وضع العوائق الحديدية وركنوا سياراتهم في منتصف الطريق، قرب مدخل فندق «لوغراي» وافترش بعضهم الأرض رافضين فتح الطريق، ورفعوا الأعلام اللبنانية وشعارات «الانتفاضة». وفي وقت لاحق استخدموا بلوكات الباطون والعوائق الحديدة لإعادة إقفال الساحة كما الطريق الأساسي الذي يصل بين منطقة الصيفي ووسط العاصمة.
وشدد الناشطون على أن الحواجز الحديدية التي كانت تعمل قوى الأمن على إزالتها «كانت تحمي الخيام من الاعتداءات المتكررة من مناصري السلطة»، وركزوا على أهمية حماية ما سموها «مكتسبات الثورة» أي الساحات والمساحات المفتوحة، ولامركزية التحركات، والمسيرات في بيروت والمناطق والأحياء.
واتجهت الأنظار كذلك إلى مدينة طرابلس حيث عبّر الناشطون عن مخاوفهم من أن يسري على «ساحة النور»، وهي النقطة المركزية للحراك الشعبي شمال لبنان، ما حصل في ساحة الشهداء في بيروت خاصة في ظل المعلومات عن إزالة عناصر في قوى الأمن يوم أمس أعمدة كانت تشكل دعائم للمنصة الرئيسية.
وأشارت الناشطة في الحراك الشعبي في طرابلس أميرة داية إلى حصول استنفار في صفوف الناشطين في المدينة أمس بعد الأخبار التي وصلت من ساحة الشهداء، لافتة إلى أنهم لم يبلغوا بأي شيء رسمي وكل ما حصل أنه تم إزالة بعض دعائم المنصة الرئيسية، وقالت داية لـ«الشرق الأوسط»: «ندرك تماما أن لدى قوى السلطة خطط لشرذمة الثورة بهدف القضاء عليها، وهي تستثمر حاليا في تعب بعض اللبنانيين ومطالبة آخرين بإعطاء فرصة للحكومة للقضاء على الثورة، لكن الثوار الحقيقيين يعون هذا تماما ويدركون أن المسار طويل ويرفضون إعطاء المزيد من الفرص لسلطة أثبتت فشلها على مر عشرات السنوات».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.