إجماع أميركي على أن خطة السلام التي أعلنها ترمب تخدمه ونتنياهو انتخابياً... وتطبيقها يواجه عقبات

إجماع أميركي على أن خطة السلام التي أعلنها ترمب  تخدمه ونتنياهو انتخابياً... وتطبيقها يواجه عقبات
TT

إجماع أميركي على أن خطة السلام التي أعلنها ترمب تخدمه ونتنياهو انتخابياً... وتطبيقها يواجه عقبات

إجماع أميركي على أن خطة السلام التي أعلنها ترمب  تخدمه ونتنياهو انتخابياً... وتطبيقها يواجه عقبات

على الرغم من تشديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على قادة إسرائيل بعدم اتخاذ خطوات أحادية الجانب، وبأن خطته للسلام تقوم على حل الدولتين، فإن معظم التعليقات التي حفلت بها وسائل الإعلام الأميركية وكذلك من بعض الخبراء والدبلوماسيين السابقين الذين تولوا مسؤوليات في عملية السلام في الشرق الأوسط، أجمعت على أن «صفقة القرن» التي كشف عن شقها السياسي ترمب في المؤتمر الصحافي وإلى جانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، تميل بشكل حاسم لضمان مصلحة إسرائيل في القضايا الرئيسية، وتقدم خدمة انتخابية للرجلين.
غير أن ما يلفت في تغطية الإعلان عن «صفقة القرن» هو حجم التغطية الخجولة من كبريات وسائل الإعلام الأميركية، وخصوصا المرئية منها. وباستثناء محطة فوكس نيوز الداعمة لترمب التي نقلت مؤتمره الصحافي بالكامل وجزء من كلمة نتنياهو، فالأخرى بالكاد نقلت وقائع المؤتمر، أو خصصت فقرات حوارية لمناقشة تداعيات الكشف عنها، علما بأنها يوم الاثنين خصصت فقرة إخبارية صغيرة عن لقاءات ترمب بنتنياهو وبمنافسه بيني غانتس.
البعض اعتبر ذلك إخفاقا جزئيا لجهود ترمب في لفت الأنظار بعيدا عن محاكمته في ملف العزل، الذي بقي هو الحدث الرئيسي على شاشات التلفزة الرئيسية.
يقول غيث العمري الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن الأسباب تعود إلى أن الناخب الأميركي لا يزال يميل إلى التركيز على القضايا الداخلية، وخصوصا على متابعة ملف العزل، رغم النجاحات التي حققها ترمب في تحويل سياساته الخارجية إلى مادة انتخابية. لكن الفارق أن ملف عملية السلام في الشرق الأوسط ليس من أولويات الناخب الأميركي ولا يشكل خطرا على مصالح الولايات المتحدة. في حين أن ملف الصين مهم بسبب تنافسها الاقتصادي والاستراتيجي مع أميركا ويؤثر على مصالح شريعة اجتماعية واسعة، وروسيا بسبب ملف تدخلها المفترض في الانتخابات الأميركية، وإيران بسبب الخوف من أن يؤدي الصراع معها إلى حرب جديدة.
يضيف العمري أن الأمر سيكون مختلفا لو كنا نتحدث عن توقيع اتفاقية سلام، لكن ما جرى الثلاثاء هو عرض لخطة سلام. ويسود اعتقاد واسع لدى مختلف شرائح الطبقة السياسية الأميركية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومن قوى دولية وعربية، بأنها لن تؤدي إلى شيء ولن تحقق شيئا في المدى المنظور. وهي خدمة خالصة لنتنياهو الذي يواجه تحقيقا رسميا بتهم الفساد في الكنيست الإسرائيلي، تضغط على الفلسطينيين الذي تراهن قيادتهم السياسية على احتمال ألا يتم التجديد لترمب وبالتالي إفشال خطته، فيما إدارته تعدهم بأربع سنوات جديدة، حيث سيضطرون حينها للجلوس والتفاوض معها.
وقال آرون ديفيد ميلر، المستشار السابق لوزراء الخارجية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إن «الخطة تمنح إسرائيل معظم ما تريد وإدارة ترمب تحاول الحصول على الأقل على عدم ممانعة عربية للخطة. الإسرائيليون سيقولون نعم، أو نعم ولكن، والفلسطينيون سيقولون لا».
وقال دينيس روس، الذي كان وسيط إدارات جمهورية وديمقراطية في ملف السلام في «الشرق الأوسط» إن «آفاق الخطة ستعتمد بشدة على ردود فعل القادة العرب». وأضاف «إذا اعتبر عدد من الزعماء العرب أن الخطة جيدة، عندها قد يكون لها أرجل بغض النظر عن الرفض الفلسطيني».
وكرر مارتن إنديك، الذي شغل منصب المبعوث الخاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في عامي 2013 و2014 بقيادة وزير الخارجية آنذاك جون كيري القول: «من الواضح أن الخطة هي لمصلحة طرف واحد وليست خطة سلام محتملة، وتدخل صارخ في الانتخابات الإسرائيلية».
حتى بعض قادة المستوطنات الإسرائيلية الذين حضروا إلى واشنطن للمشاركة في الحدث، أعربوا عن اعتقادهم بأن الكشف عن «خطة السلام» دافعها انتخابي لكل من ترمب ونتنياهو.
وقال عوديد رفيفي، أحد كبار ممثلي المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية التي يسكنها نحو 450 ألف مستوطن: «لدينا توقعات كبيرة، لكنني أخشى أن يكون الأمر حاجة انتخابية متبادلة بين نتنياهو والرئيس ترمب الذي يخوض سنة انتخابية ويحتاج إلى تقديم مادة لأنصاره المتشددين في الولايات المتحدة».
صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت إن «بعض المحللين يعتبرون أن الرفض الفلسطيني قد يستخدمه بعض القادة الإسرائيليين المتشددين الذين يرغبون في التحرك بسرعة لضم جزء كبير من الضفة الغربية، واستغلال هذا الرفض للقول لأنصارهم بأن الدبلوماسية وصلت إلى طريق مسدود». وأضافت أن نتنياهو الذي يسعى أيضا للحصول على دعم الناخبين اليمينيين لتشكيل حكومة بعد الانتخابات التي ستجري في مارس (آذار) المقبل، سيدعو بدوره إلى دعم هذا الضم لأجزاء واسعة من الضفة الغربية.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.