مدنيو طرابلس... ضحايا محتملون تحت رحمة «القصف العشوائي»

البعثة الأممية تطالب طرفي الحرب بتحقيق مستقل في مقتل مهاجرين

بائع في سوق للأسماك بمدينة بنغازي أمس (أ.ف.ب)
بائع في سوق للأسماك بمدينة بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

مدنيو طرابلس... ضحايا محتملون تحت رحمة «القصف العشوائي»

بائع في سوق للأسماك بمدينة بنغازي أمس (أ.ف.ب)
بائع في سوق للأسماك بمدينة بنغازي أمس (أ.ف.ب)

انهمك المواطن الليبي أيوب إمساعد مع 3 من أشقائه في نقل بعض ما أمكنهم حمله من أثاث منزلهم على ظهر شاحنة كبيرة للفرار من القصف الصاروخي الذي استهدف منطقة أبوقرين (جنوب شرقي مدينة مصراتة)، بحثاً عن مأوى جديد يقي أسرتهم من الموت، بعدما شهدت بلدتهم معركة مستعرة بين الجيش الوطني وقوات «الوفاق» المدعومة بالميليشيات الأحد الماضي، قضي فيها 14 شخصاً من الجانبين.
وضعية إمساعد، الذي قال في اتصال بـ«الشرق الأوسط» أمس إنه لا يعلم إلى أين سيذهب هو وأشقاؤه ووالدته قبل أن يشير إلى احتمالية انتقالهم إلى مدينة جنزور (12 كيلومتراً غرب طرابلس)، تعكس إلى حد كبير مأساة آلاف المواطنين في العاصمة، ممن تقع منازلهم في مناطق الاشتباكات بين القوتين.
وأضاف إمساعد (26 عاماً): «لا نستطيع المغادرة بكل أمتعتنا، سنضطر إلى تركها في المنزل المكون من 3 طوابق... أبي سبقنا إلى جنزور لتدبير منزل، وأخبرنا أن الأوضاع هناك أكثر أمناً... الحرب لم تصلها بعد».
وقضي عشرات المواطنين في طرابلس منذ اندلاع الحرب قبل قرابة 10 أشهر، وتهدمت منازل ودمرت مزارع بغارات جوية وبالقصف الصاروخي العشوائي. ودعت الأمم المتحدة، في تقرير أصدرته أمس، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين، مشيرة إلى سقوط ما لا يقل عن 287 مدنياً، وإصابة 369 مثلهم، خلال العام الماضي.
وعملية «بركان الغضب»، التابعة لقوات حكومة «الوفاق»، اكتفت بالتنبيه على المدنيين في المنطقة الممتدة من أبوقرين حتى سرت شرقاً، والجفرة جنوباً، بضرورة الابتعاد عن تمركزات «القوات المعتدية»، وعدم السماح لهم باتخاذهم دروعاً بشرية، في إشارة إلى الجيش الوطني.
ونقل أحد أعضاء جمعية «الهلال الأحمر الليبي» في طرابلس (هو من أوصلنا إلى المواطن إمساعد) أن آلاف المدنيين في العاصمة يعانون وضعاً معيشياً صعباً، وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس: «فور الإعلان عن هدنة لوقف إطلاق النار، بدأنا في إجلاء العالقين بمنازلهم، خارج نطاق العمليات العسكرية، لكن للأسف بعض هؤلاء وجدناهم قد فارقوا الحياة، لأسباب منها الرعب أو انتهاء طعامهم».
وأضاف القيادي بالجمعية، الذي تحفظ على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية: «أسرة أيوب إمساعد تعد حالة من بين آلاف الحالات المشابهة؛ يوجد هناك عائلات كثيرة تريد المغادرة ولا تستطيع بسبب الخوف وقلة المال، أو أنهم ينتظرون وقف الحرب، وللأسف هؤلاء أو غيرهم ربما يسقطون في أي لحظة إن لم يتم إسعافهم فوراً»، منوهاً إلى أنهم «يتلقون مئات الاستغاثات، ولا يتمكنون من إنقاذهم بسبب تواصل القتال».
وبلغت حصيلة القتلى منذ بداية المعارك بين الطرفين 3538 شخصاً، بينهم 287 مدنياً، منهم 29 عنصراً طبياً، و49 سيدة، و56 طفلاً، بالإضافة إلى 10123 جريحاً، وفقاً لإحصائيات مستشفيات غريان العام والميداني قصر بن غشير والخضراء والميداني تاجوراء ابن سينا سرت والسبيعة ومصراتة العام والزهراء وترهونة العام وشارع الزاوية وطريق المطار وأبو سليم.
وتسببت الحرب في نزوح أكثر من 140 ألف مواطن، بحسب الأمم المتحدة، عن منازلهم، بعضهم يقيم في مساكن مستأجرة أو في مصانع ومدارس معطلة، وبعضهم الآخر ينام في الشوارع وفي محيط البنايات.
ومعاناة المواطنين في طرابلس لا تختلف كثيراً عن مأساة المستشفيات والأطقم الطبية هناك، فمن قبل استهدفت القذائف العشوائية مستشفى الصفوة بمنطقة الهضبة القاسي السبت الماضي، ما أسفر عن جرح حسام نوري المبروك وياسين على عسكر اللذين تصادف وجودهما بالمصحة في أثناء تأديتهما عملهما بها، ونقلا إلى مستشفى الحوادث أبو سليم لتلقي العلاج.
وعلى خلفية استهداف الأحياء السكنية ومقار المهاجرين غير النظاميين في طرابلس، جددت الأمم المتحدة دعوتها أمس لأطراف النزاع في ليبيا لإجراء تحقيقات مستقلة نزيهة، لضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي، فيما يتعلق بالغارتين الجويتين اللتين استهدفتا مجمع مباني الضمان في تاجوراء، في 2 يوليو (تموز) الماضي، وأسفرتا عن مقتل ما لا يقل عن 53 مهاجراً ولاجئاً في مركز احتجاز تاجوراء.
ودعت الأمم المتحدة، في تقريرها، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وقوع مأساة مماثلة في النزاع الحالي، لافتة إلى أن 60 في المائة من هذه الخسائر سببها يعود إلى الغارات الجوية.
وأشار التقرير إلى أن غارة أصابت ورشة مركبات في المجمع تستخدمها القوات الأمنية التابعة لحكومة الوفاق، وهي تبعد 105 أمتار عن مركز إيواء المهاجرين الذي تعرض لغارة ثانية بعد 10 دقائق من الأولى، متابعاً: «أصيب المركز بقنبلة ألقيت من الجو، وقد عثر على جزء كبير منها في الفتحة التي أحدثتها، وقيّم الخبراء العسكريون في فريق البعثة أن صافي المحتوى المتفجر للقنبلة يتراوح بين 50 و100 كيلوغرام تقريباً، بما يعادل قنبلة (TNT)، وأن الوزن الإجمالي للقنبلة أعلى بكثير، أي تزن 250 كيلوغراماً على الأقل».
واستكملت البعثة في تقريرها: «يبدو أن الضربات الجوية نفذتها طائرات تابعة لدولة أجنبية، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا العتاد الجوي خاضع لقيادة الجيش الليبي أم نفذه طيران دولة داعمة له».
وقال غسان سلامة، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: «إن هجوم يوليو (تموز) 2019 في تاجوراء مثال مأساوي على الكيفية التي أصبح بها استخدام القوة الجوية سمة مهيمنة في الصراع المدني الليبي، وعلى المخاطر والعواقب المباشرة للتدخل الأجنبي على المدنيين»، مضيفاً أنه «لهذا السبب يتعين ترسيخ الالتزامات التي تم التعهد بها في برلين، في 19 يناير (كانون الثاني)، لإنهاء هذا التدخل، والالتزام بحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة».
ويدعو التقرير جميع الأطراف، لا سيما حكومة الوفاق والجيش الليبي، فضلاً عن أي من الدول التي تدعم أي من الطرفين، إلى إجراء تحقيقات في الغارات الجوية بهدف ضمان الملاحقة السريعة للمسؤولين عن تلك الهجمات. وأوصت البعثة حكومة «الوفاق» و«الجيش الوطني» بإجراء تحقيقات مستقلة نزيهة وافية حول الغارات الجوية، ومنح تعويضات ملائمة للضحايا وأسرهم، واتخاذ تدابير تمنع تكرار الحادث، ودعتهم إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، لا سيما الالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين.
ودعت البعثة إلى إغلاق جميع مراكز احتجاز المهاجرين، مع ضمان حصولهم على الحماية والمساعدة فوراً، وإعطاء أولوية للمراكز داخل المجمعات الخاضعة لسيطرة أطراف النزاع، واتخاذ خطوات فورية لضمان عدم احتجاز المهاجرين قرب الأهداف العسكرية المحتملة.



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.