جيب بوش يقترب من اتخاذ قراره حول الترشح لرئاسة أميركا

بوش الأب أكبر المتحمسين.. والمتبرعون والمؤيدون يستعدون لاحتمال دخول ثالث فرد من العائلة سباق البيت الأبيض

جيب بوش (نيويورك تايمز)
جيب بوش (نيويورك تايمز)
TT

جيب بوش يقترب من اتخاذ قراره حول الترشح لرئاسة أميركا

جيب بوش (نيويورك تايمز)
جيب بوش (نيويورك تايمز)

عندما يقرر جيب بوش، إذا كان سيترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية أو لا، لن يكون هناك اجتماع عائلي عند ميت رومني أو تجمع في نقطة ووكر في كينيبونكبورت بولاية مين، لدراسة الإيجابيات والسلبيات. يقول جيب بوش الابن: «لا أعتقد أن الأمر سيكون مثل استطلاع رأي داخلي كبير».
ولكن إذا حدث ذلك الاستطلاع فإنه سيؤشر إلى خوض الانتخابات، إذ بينما يقترب جيب بوش من اتخاذ قراره بأن يكون ثالث فرد في أسرة جورج بوش الأب يسعى إلى منصب الرئاسة، تبدأ عائلة بوش الكبيرة وشبكة مقربيها، فيما عدا استثناء بارز، حشد التأييد لهذه الاحتمالية وتستعد لها.
وقال جيب بوش في لقاء معه: «لا شك أن الناس يشعرون بالحماس تجاه الأمر»، وهم المتبرعون والمشاركون في الحياة السياسية والأشخاص الذين يعرفهم في تالاهاسي عندما كان حاكما. «أما بالنسبة إلى العائلة فنحن مستعدون في الحالتين». وأضاف أن الأهم من ذلك هو أن والدته، وكولومبا، زوجة المرشح المحتمل التي تكره السياسة، أعطته موافقتها.
وداخل إطار العائلة، أكبر المشجعين لترشح جيب بوش هما جورج بوش الأب وجورج بوش الابن، وكلاهما يعلم بشأن الترشح للرئاسة وكلاهما مهتم بتمديد إرث العائلة إن لم يكن هدفهما هو إصلاحه. وتظل باربارا بوش، السيدة الأولى السابقة ووالدة جيب بوش، معارضة وفقا لأشخاص مقربين من العائلة، ولكن تم إقناعها بالتوقف عن التصريح بذلك علنا. ويدعم القرار أيضا جورج بوش، ابن جيب الثاني، الذي يخوض انتخابات مفتش الأراضي بتكساس.
وهناك بعد ذلك عائلة بوش الأكبر، التي تتكون من مجموعة كبيرة من الأصدقاء والمستشارين والخبراء الاستراتيجيين وجامعي التبرعات والمتبرعين والمؤيدين الذين تجمعوا عبر الأجيال في الحياة العامة. وفي حالة جيب بوش، الذي كان حاكما سابقا لفلوريدا على مدار فترتين، تزيد فرص وصوله إلى المنصب.
صرح أحد المقربين من العائلة والذي يعرف جيب بوش منذ عقود ولا يريد ذكر اسمه مثل آخرين: «إنهم مثل الخيول التي تقف في انتظار فتح البوابة للخروج».
منذ 6 أعوام فقط، في نهاية فترة بوش الأخيرة المضطربة، كان يبدو ذلك غير وارد. ولكن المتاعب التي يواجهها الرئيس باراك أوباما، والانقسامات الداخلية في الحزب الجمهوري، والحنين الجديد إلى فترة بوش الرئاسية الأولى، والآراء التي بدأت تميل إلى اللين قليلا بشأن فترة رئاسته الثانية، غيرت من الحراك بما يكفي لأن يجعل ترشح فرد آخر من عائلة بوش أمرا معقولا. وفي حين يرغب جيب بوش في الترشح بصفته الشخصية، فإن هذه عائلة لديها شيء ما تريد إثباته على الدوام.
بالنسبة إلى بوش الأب، كان جيب دائما الابن الذي يتوقع له أن يقطع شوطا بعيدا في الحياة السياسية وهو الابن الجاد في مسيرته. بعد أن أقلع جورج بوش الابن عن الكحوليات وتفوق على شقيقه، ظل بوش الأب يحمل آمالا لابنه الثاني. ورغم بلوغه التسعين من العمر وصحته الذابلة، فإنه أصبح مفعما بالحياة بعد طرح إمكانية خوض جيب الانتخابات، بناء على ما صرح به أصدقاء.
يقول جيم ماكغراث، المتحدث باسم الرئيس الأسبق: «إذا كان القرار يرجع إلى والده، لاختار أن يترشح». ولكن تتحفظ عائلة بوش على فرضية كونها عائلة حاكمة. يقول ماكغراث: «إنهم يشعرون بحساسية بالغة تجاه فكرة أن يظن أي شخص أن العائلة تملك حق الترشح. أولا، هذا ليس صحيحا. ثانيا، إنهم يعرفون أن هذا سيضر بالترشح إذا انتشرت هذه الفكرة».
أما بالنسبة لجورج دبليو بوش، فلم يكن مقربا على وجه خاص من جيب الذي يصغره بـ7 أعوام. وفي جميع الأحوال، كان الرئيس السابق أقرب إلى شقيقهما الأصغر مارفين الذي كان يزوره في البيت الأبيض أو كامب ديفيد بانتظام. ولكن أصبح جورج بوش الابن مؤيدا صريحا لخوض جيب سباق الترشح للرئاسة. وقال الشخص المقرب من العائلة إن «الشخص الوحيد الذي يحاول فعليا دفع جيب يترشح للرئاسة هو جورج دبليو، وهو يتحدث عن الأمر طوال الوقت».
مارس الرئيس السابق ضغطا على جيب عندما تقابل الاثنان في دالاس في الشهر الماضي، ولكنه اعترف ضاحكا بأن ضغطه قد يؤدي إلى نتيجة عكسية. وصرح بوش بعد ذلك لقناة «فوكس نيوز» قائلا: «لا أعتقد أنه أحب أن يدفعه شقيقه الأكبر إلى فعل شيء».
لا يعني أي من ذلك أن جيب بوش سوف يترشح. لقد أعلن أنه سوف يتخذ قراره بحلول نهاية العام، وقد يريد ببساطة ترك هذا الاحتمال مفتوحا لكي يعزز من نفوذه على الساحة السياسية. يقول البعض الذين تحدثوا معه في الأشهر الأخيرة إنه لم يبدِ الحماس ذاته الذي يظهره كل من والده وشقيقه في هذه المرحلة. قال مستشارون لبوش إنه لم يفوض أي شخص لجمع المال أو تنظيم الأشخاص للعمل في حملة من أجله. ويشار إلى بعض المواقف التي اتخذها بشأن الهجرة والضرائب والتعليم تتعارض مع العقيدة السائدة في حزبه. وهو يعلم أنه سيكون عليه البحث عن وسيلة لإبعاد ذاته عن القرارات التي اتخذها والده وشقيقه التي لا تحظى بشعبية.
كما أنه قال علنا إنه لا يريد الترشح إذا كان ذلك يعني الوقوع في «دوامة معركة الطين»، مما يشير إلى إدراكه لمخاطر جلب أسرته تحت أضواء السياسة الحديثة القاسية. ويذكر أنه تم إيقاف زوجته كولومبا ذات مرة من قبل مسؤولي الجمارك بسبب عدم إفصاحها عن القيمة الكاملة لجواهر وملابس قيمتها 19 ألف دولار اشترتها من باريس، وتم اعتقال ابنته نويل بتهمة تتعلق بالمخدرات منذ 10 أعوام.
قالت سالي برادشو، مستشارة بوش القديمة: «من المؤكد أنه لم يعط أي شخص أعلمه تفويضا للتحدث مع متبرعين محتملين أو فريق للحملة لكي يكون مستعدا للانتخابات دون أي إنذار. لا يعني ذلك أن لا يتصل بنا الناس ليقولوا إنهم يريدون من جيب الترشح. ولكنه لم يعط الضوء الأخضر لذلك».
ومع ذلك، كان بوش نشيطا في مجال الحملات، حيث يعمل بفاعلية على حشد الدعم. وقد ظهر في أكثر من 35 فاعلية انتخابية لشخصيات بارزة مثل حكام الولايات.
* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.