مصر والسودان وإثيوبيا إلى جولة «الاتفاق الشامل» بشأن «سد النهضة»

وزراء الخارجية والري يجتمعون في واشنطن غداً

TT

مصر والسودان وإثيوبيا إلى جولة «الاتفاق الشامل» بشأن «سد النهضة»

تتجه الأنظار في مصر والسودان وإثيوبيا، إلى العاصمة الأميركية، التي تستضيف غداً (الثلاثاء)، جولة تأمل الدول الأربع أن تكون الأخيرة في مضمار مفاوضات «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا.
وتستهدف الاجتماعات التي تعقد في واشنطن على مدار يومين، بحضور وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث وممثلون للإدارة الأميركية و«البنك الدولي»، التوصل إلى «اتفاق شامل حول ملء وإدارة السد الإثيوبي».
وتوجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمس، إلى واشنطن للمشاركة في «اجتماعات الجولة الأخيرة لوزراء الخارجية والري حول سد النهضة».
وأثمر الإعلان المشترك، الذي استضافته واشنطن منتصف الشهر الجاري، توافقاً على «ملء السد على مراحل خلال موسم الأمطار - من يوليو (تموز) إلى أغسطس (آب) وقد يستمر إلى سبتمبر (أيلول) - بطريقة (تكيفية وتعاونية) تأخذ بعين الاعتبار (الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق، والتأثير المُحتمل للتعبئة على الخزانات الموجودة في اتجاه مجرى النهر)»، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أي من القضايا الخلافية، التي أحبطت الجولات الفنية خلال الشهرين الماضيين، ومن بينها قواعد التشغيل السد، ومعايير الجفاف، ومقدار المياه المتدفقة إلى مصر.
وتدشن إثيوبيا السد منذ 2011 على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل) بهدف توليد الكهرباء. لكن مصر تخشى من تأثير السد على حصتها من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب، التي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة.
في غضون ذلك، أكد رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي، أن «وثيقة الأمن المائي العربي التي أصدرها البرلمان العربي في دورته الأخيرة هدفها دعم الدول العربية في الحصول على حقوقها المائية».
وقال السلمي، في بيان أمس، إنه «انطلاقاً من مسؤولية البرلمان العربي في صيانة الأمن القومي العربي، وإيماناً منه بأن الأمن المائي يشكل إحدى أهم ركائز الأمن القومي العربي، أصدر البرلمان في جلسته التي عقدت في القاهرة منتصف الشهر الجاري وثيقة الأمن المائي العربي كوثيقة عربية مرجعية في مجال تحقيق الأمن المائي العربي، وذلك بعد مناقشتها مع عدد من الخبراء العرب ودراستها مع الوزارات المعنية بالموارد المائية في الدول العربية، ومع المجالس والبرلمانات الوطنية في الدول العربية».
وأشار السلمي إلى أن «الهدف من وثيقة الأمن المائي العربي هو معالجة تحديات الأمن المائي العربي؛ سواء الطبيعية أو البشرية في الدول العربية من خلال وضع الأطر القانونية والتنموية للمحافظة على موارد المياه المتاحة في الدول العربية وترشيدها».
وشدد على أن الوثيقة «تهدف أيضاً إلى الحفاظ على الحقوق السيادية للدول العربية من موارد المياه المشتركة مع الدول الأخرى وفقاً لمبادئ المعاهدات والقوانين الدولية، والاتفاقيات المبرمة بين الدول، ومواجهة الأطماع الخارجية في الاستيلاء على المياه العربية، ودعم الدول العربية في الحصول على حقوقها المائية، والدفاع عن الحقوق المائية للشعوب العربية القابعة تحت الاحتلال، ودعم علاقات التنسيق والتعاون بين الدول العربية بشأن قضايا المياه تحقيقاً للأمن المائي العربي من خلال تبني رؤية عربية موحدة لضمان الحماية القانونية للحقوق والحصص المائية العربية في المياه المشتركة مع الدول الأخرى، في ضوء زيادة المنافسة على المستوى الدولي على المصادر المائية المحدودة، ما جعلها مصدراً من مصادر التوتر والصراعات الدولية».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.