الأردن يترقب إعلان صفقة القرن «متمسكاً بثوابته»

الصفدي نفى أي طروحات تتعلق بفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية

TT

الأردن يترقب إعلان صفقة القرن «متمسكاً بثوابته»

فتح الإعلان الأميركي عن قرب موعد إعلان خطة السلام، أو ما بات يعرف بصفقة القرن، مروحة جدل واسعة على الساحة الأردنية، ما دفع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي للقاء كتاب وصحافيين في جلسة مغلقة للتأكيد على موقف الأردن الرافض لأي طروحات لا تشمل خيار حل الدولتين. مشدداً على أن أي إجراءات أحادية من الجانب الإسرائيلي وخارج قرارات الشرعية الدولية ستواجه بكل ما هو متاح سياسيا ودبلوماسيا.
في مواجهة ذلك نفى الصفدي خلال اللقاء أي طروحات تتعلق بالمساس بقرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، وهو القرار الذي منع تجنيس نحو 3 ملايين فلسطيني داخل الضفة الغربية ومقيمين في الأردن، الأمر الذي يحول دون العبث بحقوق الفلسطينيين التاريخية.
وبالعودة لموقف عمان الرسمي من صفقة القرن، بات مركز القرار على اطلاع حول أبرز ملامح الخطة، ويستعد لمواجهة الإعلان عنها بسلسلة نشاطات دبلوماسية قد تضغط أوروبيا لدعم الموقف الأردني والفلسطيني بمواجهة الصفقة الأميركية، على ما أفادت مصادر سياسية رفيعة لـ«الشرق الأوسط».
وكان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قد تحدث لتلفزيون فرانس 24 قبل نحو عشرة أيام رافضا الاستعجال في اتخاذ المواقف من صفقة القرن، واعتبر أن عدم معرفة الخطة هي مشكلة، لكنه أيد فكرة الجمع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، معتبرا ذلك بمثابة «نصف الكأس الممتلئة» من الصفقة.
وأمام ذلك أكدت مصادر سياسية أردنية رفيعة على جاهزية الأردن «التعامل مع أزمة صفقة القرن وإداراتها في أقصى الحدود»، خصوصا في ظل تقديرات مركز القرار في عمان، بأن «المرحلة المقبلة ستكون من أصعب المراحل السياسية» التي مرت بها البلاد والمنطقة العربية، وإن تطلب الأمر «وضع معاهدة السلام على الميزان».
وفيما تحدثت ذات المصادر عن إمكانات التحرك أردنياً في المساحة المتاحة سياسيا ودبلوماسيا، شددت المصادر على أن الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية مؤسس له منذ عقود ولن يتم التعامل مع القضية على أساس ردود الفعل، بل ضمن استراتيجية الدولة الأردنية وكل مكوناتها، في إشارات واضحة إلى أن الأردن مستعد لمواجهة صفقة القرن بخطط بديلة قياساً على المتغيرات التي ستحملها مضامين الصفقة.
وأوضحت المصادر أن التعامل سيكون وفق قاعدتين أساسيتين هما حماية المصالح الأردنية العليا، ودعم موقف الفلسطينيين، وفق رؤيا متوازية، مشددة على أن الأردن يرفض الإعلان عن «أي موقف قبل إعلان الخطة كاملة».
وفيما اعتبرت المصادر الأردنية أن الموقف العربي داعم ومنسجم مع الموقف الأردني، أكدت أن الأردن لن يكون جزءا من تنفيذ أي مخطط، ولن يتم التعامل مع الصفقة كواقع كما حصل مع إعلان الإدارة الأميركية القدس عاصمة لإسرائيل. وأمام الخشية من تعرض المملكة إلى ضغوط اقتصادية، خصوصاً في ظل استمرارية اتفاق تعاون مع الولايات المتحدة لمدة 5 سنوات يتعلق بمساعدات بمقدار مليار و600 مليون دولار أميركي، تحدثت المصادر أن المملكة ستتعامل مع أي ضغوط انطلاقاً من قاعدتين «الأولى حماية ثوابت الأردن، ومقاومة الضغوط بما لا يؤدي إلى ضغط جديد».
في هذا المقام أعاد ساسة أردنيون التعبير عن خشيتهم من الضغط الاقتصادي الذي يمكن ممارسته على البلاد، خصوصا بعد اعتراف وزير الطاقة الأسبق إبراهيم سيف الذي شهدت فترته إبرام اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل بواسطة شركة نوبل إنيرجي، بأن الولايات المتحدة الأميركية ضغطت على الأردن من أجل توقيع الاتفاقية مع الشركة الأميركية، من منطلق اشتراط الدول المانحة والمساعدة لتفضيل مصالح شركاتها الاقتصادية في المنطقة.
في تلك الجلسة المغلقة التي حضرها ثلاثة وزراء طاقة جرى في عهدهم مرور اتفاقية الغاز الإسرائيلي، وهم محمد حامد وإبراهيم سيف والوزيرة الحالية هالة زواتي، حاولوا خلالها تقديم المبررات الفنية لتوقيع الاتفاق الذي جوبه برفض شعبي وبرلماني واسع، غير أن اللقاء فشل في الإجابة عن أسئلة الارتباط الاقتصادي مع إسرائيل في ذروة ما تشهده العلاقات بين عمان وتل أبيب من أزمات متلاحقة.
إلى ذلك قال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة خلال افتتاح جلسة أمس الأحد، إن مجلس النواب يعلن وقوفه خلف مواقف الملك عبد الله الثاني، أمام تسابق المعلومات عن اقتراب الإعلان الأميركي عن خطة السلام. واعتبر الطراونة أن مطالب العاهل الأردني بحماية حقوق الشعب الفلسطيني ورفع الظلم عنهم، تأتي مدعومة بتمسك المملكة بحل الدولتين كمدخل يضمن استقرار المنطقة، وعبر تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ودعم خيار قيام دولة فلسطين كاملة السيادة الكرامة على أرضها وعاصمتها القدس الشريف.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.