هل يبدأ تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في 2020؟

هل يبدأ تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في 2020؟
TT

هل يبدأ تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في 2020؟

هل يبدأ تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في 2020؟

بدأت في النصف الثاني من العام الماضي استشارات حكومية في أوروبا وبريطانيا حول خطوات لضبط وتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي وتكليف الشركات المسؤولة عنها بواجب الاهتمام بمصالح المستخدمين وإزالة المحتوى الضار بكل أنواعه. وفي حالة عدم تطبيق قواعد عمل متفق عليها من المواقع الإلكترونية سوف تتعرض الشركات المخالفة لغرامات فادحة أو حتى لحجب مواقعها.
لكن حتى الآن ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي تعتمد على الرقابة الذاتية وتوفر كل وسيلة قواعدها الخاصة حول ما هو غير مقبول للنشر ومعايير التعامل المتوقعة من المستخدمين تجاه بعضهم البعض. وتشمل المحاذير المواد الإباحية والإرهاب والأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية أو المحتوى الذي قد يؤثر على الصحة النفسية.
وترى الحكومات أن على المواقع أن تطبق المزيد من الرقابة الذاتية على محتواها. ولكن المواقع بدورها ترى أنها تبذل بالفعل جهودا غير عادية من أجل الحفاظ على المعايير المطلوبة من دون الحاجة إلى رقابة حكومية. وتقول إدارة موقع «يوتيوب» إنها تزيل ملايين من مقاطع الفيديو شهريا من على موقعها منها نسبة 75 في المائة تزال قبل أن يراها مشاهد واحد. وتصل نسبة الإزالة التلقائية من أدوات مراقبة فورية إلى نحو 81 في المائة.
وتستخدم يوتيوب 10 آلاف موظف على نطاق عالمي تتعلق وظائفهم بإزالة المحتوى غير المقبول من على الشبكة. ويزيد هذا العدد ثلاثة أضعاف إلى 30 ألف موظف في «فيسبوك» التي تملك أيضا «إنستغرام». وأزالت «فيسبوك» 15.4 مليون قطعة من المحتويات العنيفة بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين صعودا من 7.9 مليون قطعة في الأشهر الثلاثة الأسبق.
وفي بعض الأحوال يتم ضبط المحتوى المخالف وإزالته تلقائيا قبل أن يصل إلى المشاهدين. وتؤكد الشركة أن نسبة 99.5 في المائة من المواد المخالفة تمت إزالتها بتقنيات الرصد والإزالة التلقائية.
وفي حين ترى الحكومات أن المواقع الإلكترونية يجب أن تكون مسؤولة عما ينشر عليها، ترى شركات التواصل أن الشخص الذي يرفع هذه المواد إلى الشبكات هو الذي يجب أن يكون مسؤولا جنائيا وليست الشركات التي تدير منصات التواصل. وتوجد سوابق لاتهام أشخاص بوضع مواد مخلة على الشبكات تتعلق بالإرهاب أو الانتقام عن طريق نشر مقاطع جنسية للضحايا. وترى شركات التواصل أنها مجرد أوعية للمعلومات وليست رقيبة عليها، ولكن بعض القانونيين يرون أن مواقع التواصل يجب أن تعامل كناشرة للمعلومات على قدم المساواة مع الصحف ووسائل الإعلام الأخرى.
وتعمل بعض الحكومات حاليا على تغيير الوضع القائم عن طريق سن تشريعات تجبر شركات التواصل على إزالة المواد الضارة وغير القانونية، وأن تحول أولويتها لحماية زبائنها من الجماهير المشاركة، خصوصا الأطفال والكبار من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وعلى الرغم من أن معظم شبكات التواصل تعمل على نطاق عالمي فإن قوانين تنظيم نشاطها تختلف ما بين دولة وأخرى. في بريطانيا مثلا ما زالت مواقع التواصل تعمل بحرية تامة حتى الآن، وتعتمد على مبدأ الرقابة الذاتية، بينما يختلف الوضع في الدول الأخرى. ويمكن متابعة تأثير القوانين في الدول التي طبقت بالفعل أساليب رقابة على الإنترنت. وهي تتراوح بين قوانين رادعة ورقابة تامة.
وأصدرت ألمانيا في عام 2018 قانونا يجبر الشركات التي لديها أكثر من مليوني مستخدم أن تطبق مراجعة واضحة للشكاوى وأن تزيل أي مواد غير قانونية من على مواقعها خلال 24 ساعة، في حالات المخالفات الواضحة يمكن أن يتعرض الأفراد إلى غرامة تصل إلى خمسة ملايين يورو (5.6 مليون دولار) بينما تصل غرامة الشركات إلى 50 مليون يورو.
وفي العام الأول لتطبيق القانون ظهرت 714 شكوى من مستخدمين ضد مواقع لم تحذف محتويات مخالفة خلال 24 ساعة. وتشير وزارة العدل الألمانية إلى أن هذا الرقم كان أصغر بكثير من رقم 25 ألف شكوى الذي توقعته. ولم تفرض الوزارة أي غرامات حتى الآن.
وعلى المستوى الأوروبي تواجه شركات التواصل الاجتماعي غرامات إذا لم تحذف مقاطع الفيديو الإرهابية في خلال ساعة من وضعها على الشبكة. ويعمل الاتحاد الأوروبي على حماية المعلومات الشخصية لمستخدمي شبكات التواصل. كما نقل الاتحاد الأوروبي مسؤولية نشر مواد ذات حقوق نشر محفوظة إلى المواقع التي تنشرها بدلا من انتظار شكوى المستخدمين إزاء هذه المواد.
وتتشدد أستراليا في حالات بث مقاطع إرهابية على الشبكات، خصوصا بعد حادث مسجد نيوزيلندا الذي تم بثه مباشرة على «فيسبوك». وتصل عقوبات بث مثل هذه المقاطع الآن إلى سجن المسؤولين في الشركة لمدة ثلاث سنوات وعقوبات مالية تصل إلى نسبة 10 في المائة من إيرادات الشركة على المستوى العالمي.
وتم تعيين مراقب حكومي أسترالي له صلاحيات طلب حذف أي مواد أو فيديو مخالف بما في ذلك مقاطع الفيديو الإباحية التي تبث بغرض التشهير والانتقام. ويمكن لهذا المسؤول أن يحذر الشركات بحذف المقاطع المخالفة خلال 48 ساعة وإلا تعرضت لغرامة تصل إلى نصف مليون دولار أسترالي وغرامة للأفراد تصل إلى مائة ألف دولار أسترالي. وجاء التعيين والمراقبة بعد انتحار مذيعة تلفزيونية شهيرة بعد حملة تشهير تعرضت لها على «تويتر».
وتلجأ دول أخرى إلى معايير مغايرة. فالصين مثلا تمنع مواقع «تويتر» و«غوغل» و«واتساب» وتوفر الحكومة الصينية مواقع مماثلة لمواطنيها مثل «وايبو» و«بايدو» و«وي تشات». وتحذف الحكومة الصينية مئات المواقع سنويا وآلاف التطبيقات وفق معايير صارمة خصوصا في المحادثات السياسية التي تشمل كلمات حساسة مثل «تيانمان سكوير». وتشمل الرقابة والمنع مواقع القمار ونسخا من التطبيقات التي تستخدم في أغراض غير قانونية.
وفي روسيا، تحافظ الحكومة على سرية معلومات مواطنيها بالاشتراط على شركات التواصل أن تكون المعلومات الشخصية للمواطنين الروس محفوظة في خزانات معلومات إلكترونية داخل روسيا. وهناك قضايا ضد «فيسبوك» و«تويتر» من رقابة المعلومات الروسية لأن طرق حفظ المعلومات لديهما غير شفافة.



كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».