«فواكه اللحوم»... ارتبطت بالطبقة الشعبية واليوم تصل إلى الميسورين

الشهرة التي حظيت بها «فواكه اللحوم» جعلتها أشبه بمطبخ مصري متكامل، وعالم منفصل من الأصناف والأطباق المتنوعة، يختلف كلية عن الأصناف المعروفة للمطبخ التقليدي، وباتت تجذب جميع فئات المصريين، رغم شهرتها التاريخية بصفتها أصنافاً ارتبطت بالطبقات الشعبية. وساهم تنوع الأصناف، والإقبال الواسع، في انتشار المطاعم في كثير من المدن والأحياء الشعبية، التي يطلق عليها المصريون منذ سنوات اسم «المسمط».
وفواكه اللحوم، التي يُطلق عليها أيضاً «أكسسوارات البهائم»، هي المكونات والأجزاء الداخلية للذبائح (الماشية)، مثل: الكوارع، والفشة، والكبدة، والطحال، واللسان، ولحمة الرأس، والممبار، والكرشة، والعكاوي.
وتنتشر المطاعم التي تقدم هذه الأصناف في كثير من المدن المصرية، وتتركز في الأحياء الشعبية، حيث يُعد «السيدة زينب» (جنوب القاهرة) أحد أشهر الأحياء الشعبية التي تنتشر فيها مطاعم تاريخية تُقدم وجبات فواكه اللحوم، ومنها مطعم «بحة» بمنطقة الناصرية، و«بجة» بحي عابدين، ومطعم «الركيب» بميدان السيدة، إضافة لكثير من المطاعم الصغيرة. كما تنتشر في كثير من الأحياء الشعبية «عربات طعام» تقدم بعض الأصناف البسيطة من فواكه اللحوم.
وتعد الكوارع (أرجل الماشية) أشهر أصناف فواكه اللحوم، وتقدم «مخلية» وسط الحساء، حيث ينزع منها العظام. كما تحظى «فتة الكوارع» بشهرة واسعة بين المصريين، وكذلك «الممبار»، الذي يطلق عليه أيضاً «سجق»، وهو عبارة عن أمعاء الماشية التي يتم تنظيفها وحشوها بالأرز الذي يحتوي على خلطة تتضمن أنواعاً كثيرة من التوابل، وتُقدم معظم أصناف فواكه اللحوم محمرة في الدهون، لذلك يطلق المصريون على هذه الأكلات أيضاً اسم «السمين». كما تقدم كثير من المطاعم أصنافاً متنوعة من الطواجن التي يتم تسويتها في الأفران، منها طاجن «العكاوي»، وهي ذيول العجول والذبائح، حيث يتم طهوها مع شرائح البصل والطماطم والفلفل، بإضافة أنواع مختلفة من التوابل.
وتجذب أكلات فواكه اللحوم فئات متنوعة من المصريين، حيث تجمع الأغنياء والفقراء بسبب تنوع أصنافها التي تلبي تطلعات وأذواق مختلفة.
يقول خالد بجة، أحد مديري مطعم «بجة» لأكسسورارت البهائم وفواكه اللحوم، لـ«الشرق الأوسط» إن «تنوع مكونات البهائم من فواكه اللحوم أدى إلى تنوع الزبائن، فكل صنف يجذب أنواعاً مختلفة من الزبائن، لذلك تجد الأغنياء والفقراء يقبلون على هذه الأصناف».
ويرى بجة، وهو نجل مؤسس المطعم، أن «تميز أصناف فواكه اللحوم يعتمد بالأساس على تراكم الخبرة في طريقة تحضيرها، فهي ليست كالأصناف الأخرى في المطبخ المصري، حيث يمكنك أن تقرأ الوصفة ثم تعدها. فالخبرة العملية في التعامل مع الأطباق المتنوعة من أكسسوارات البهائم هي المحك الرئيسي للجودة».
ويعد طبق «المشكل» أحد الأصناف التي تلقى إقبالاً واسعاً، ويحتوي على أنواع مختلفة من مكونات فواكه اللحوم، منها الفشة والكبدة واللسان والطحال ولحمة الرأس والممبار، التي يتم تحميرها بالدهون الطبيعية مع شرائح البصل والفلفل والطماطم، حيث يمكن للزبائن استبعاد أي من تلك الأصناف من أطباقهم، والاكتفاء بأصناف محددة، ويقدم طبق الحساء (الشوربة) مع أصناف أكسسوارات اللحوم كافة.
وانتقلت شهرة فواكه اللحوم من الأحياء الشعبية للفنادق الشهيرة التي أدخلت بعض أصنافها إلى قائمة مطاعمها بسبب الإقبال الواسع عليها الذي دفع أيضاً كثيراً من المطاعم الكبيرة إلى تقديم بعض أصناف أكسسوارات البهائم ضمن قوائم أطعمتها وأطباقها الأخرى، وتعد «فتة الكوارع» أحد الأصناف التي دخلت في قوائم الطعام بكثير من الفنادق والمطاعم التي تقدم أصنافاً متنوعة.
الشيف علاء الشربيني يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الشهرة التي تحظى بها فواكه اللحوم تعتبر تاريخية، فمنذ أن تعلم الإنسان ذبح البهائم وهو يحرص على أن يأكل كل شيء في الذبيحة. ولم تعد هذه الأصناف قاصرة على الطبقات الشعبية، بل جذبت الطبقات كافة من الأغنياء والفقراء على السواء، كما يقوم الناس بطهو بعضها في المنازل، بجانب الأطباق التقليدية المعروفة».
ويضيف الشربيني: «اتجهت بعض المطاعم الكبيرة والفنادق لإدخال بعض أصناف فواكه المذبح إلى قائمة أطعمتها، مثل الكوارع والممبار، ولا تستطيع هذه المطاعم التوسع في تقديم أصناف أخرى بسبب ما تخلفه من دهون تحتاج إلى تنظيف سيربك مطبخ المطعم، وقد يؤثر على قائمة الطعام الرئيسية».