تجارة الحيوانات «الغريبة» وتناولها في قفص الاتهام بعد تفشي «كورونا»

علماء جددوا الدعوات لوقفها مع وصول ضحايا الفيروس إلى 41 قتيلاً

عدد من الحيوانات البرية في الصين بعد أن أوقفت الشرطة الاتجار بها (أ.ب)
عدد من الحيوانات البرية في الصين بعد أن أوقفت الشرطة الاتجار بها (أ.ب)
TT

تجارة الحيوانات «الغريبة» وتناولها في قفص الاتهام بعد تفشي «كورونا»

عدد من الحيوانات البرية في الصين بعد أن أوقفت الشرطة الاتجار بها (أ.ب)
عدد من الحيوانات البرية في الصين بعد أن أوقفت الشرطة الاتجار بها (أ.ب)

جدد تفشي فيروس كورونا في الصين الدعوات من أجل تطبيق القوانين التي تحظر الاتجار في الأنواع الغريبة من الحيوانات البرية وتناولها.
وأثار الفيروس الجديد تساؤلات حول كيفية انتشار فيروس مرة أخرى بالرغم من «الدروس المستفادة» من انتشار فيروس «سارس» الذي أودى بحياة نحو 800 شخص وأصاب أكثر من 8000 شخص في الصين بين عامي 2002 – 2003، وفقا لتقرير نشرته وكالة «أسوشيتد برس».
وذكر التقرير أن الإقبال على الحيوانات البرية في آسيا وبخاصة الصين يعجّل بانقراض الأنواع، إضافة إلى كونه تهديداً صحياً دائماً لم تتمكن السلطات من معالجته بالكامل وسط مخاطر متزايدة من وباء عالمي جديد.

وأصدرت وزارة الزراعة الصينية أمراً في وقت سابق هذا الأسبوع بتشديد الرقابة على التجارة في الحياة البرية، في محاولة للسيطرة على أزمة تفشي فيروس «كورونا» والذي انطلق من مدينة ووهان الصناعية الكبيرة.
وفي الوقت نفسه، ناشدت جمعية الحفاظ على الحياة البرية ومقرها نيويورك وضع حد لأسواق الحياة البرية في كل مكان، وليس فقط في الصين.
والأمراض حيوانية المنشأ، أو تلك التي يصاب بها البشر والتي نشأت في أنواع أخرى، مسؤولة عن نسبة كبيرة من الأمراض المعدية البشرية. ولا يأتي جميع تلك الأمراض من تجارة الحياة البرية، فمثلا داء الكلب مستوطن في الكثير من الأنواع، وهو واحد من أكبر أسباب الوفاة في العالم النامي. ويقول الخبراء إن الاختلاط بين الحيوانات البرية يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المتحورة ونموها بشكل أكبر مع انتشارها في أسواق غير منظمة.
وقال كريستيان والتزر، المدير التنفيذي للبرنامج الصحي لجمعية الحفاظ على الحياة البرية: «إذا استمرت هذه الأسواق، واستمر الاستهلاك البشري للحيوانات البرية غير القانونية وغير المنظمة، فسيظل الجمهور يواجه مخاطر متزايدة من فيروسات جديدة ناشئة، وربما تكون أكثر فتكا ومصدر انتشار الوباء في المستقبل».
وعدَّ والتزر أسواق الحيوانات البرية «مختبرات مثالية لتهيئة فرص ظهور هذه الفيروسات».
وحظر الأمر الصادر عن وزارة الزراعة الصينية، بتاريخ 21 يناير (كانون الثاني) الجاري، جميع شحنات الحيوانات البرية من ووهان. كما دعا إلى تكثيف عمليات التفتيش وزيادة الوعي العام حول مخاطر تناولها.

ولم يعلن الباحثون بعد عن مصدر قاطع لهذا التفشي الأخير لفيروس «كورونا»، والذي يشبه فيروسات أخرى يمكن أن تصيب أنواعاً متعددة من الكائنات.
وكان أحد الإجراءات الأولى التي اتخذتها سلطات ووهان إغلاق سوق «هونان» للمأكولات البحرية بالجملة، والذي ظهرت فيه 41 حالة من الحالات الأولى المصابة بالفيروس، والذي اعتبره جون إبستاين، وهو عالم أوبئة في منظمة «إيكوهيلث أليانس» غير الحكومية والمعنية بالحيوانات والبيئية والأمراض الناشئة، «الصندوق الأسود الكبير حتى الآن».
وقال إبستاين، والذي كان في الصين بعد تفشي سارس وساعد في الجهود العالمية لقرابة عقدين من الزمن للوصول لمصدر سارس، إن الباحثين يشتبهون بالخفافيش كونها مصدر الفيروس الجديد، لكنهم لم يتأكدوا من ذلك حتى الآن.
وارتبط سارس بالكثير من الحيوانات مثل الخفافيش والقطط. ومن المعروف أن الخفافيش تؤوي فيروسات «كورونا»، لكن العلماء لم يفهموا حتى الآن طبيعة الفيروس الجديد وكيف ينتقل من الحيوانات للبشر، حسب «أسوشيتد برس».
وأضاف إبستاين أنه من المحتمل أن يكون الفيروس الجديد انتقل أولا إلى حيوان ثديي مجهول الهوية، مفسرا بأن أحد الحيوانات الثديية في سوق ووهان، مثل النمس أو كلاب الراكون، قد يكون السبب في نقل الفيروس الجديد إلى البشر.
وقال إبستاين ردا على تكهنات إعلامية حديثة تشير إلى أن مصدر الفيروس الجديد هو الثعابين، إنه لا يوجد دليل معقول على تورط الثعابين في تفشي الفيروس.
وتابع إبستاين بأن الحملة على الاتجار في الحيوانات البرية استمرت حوالي ستة أشهر فقط بعد تفشي سارس منتصف عام 2003، مضيفا: «الحل بسيط. بمعنى أننا نعرف أين هي المشكلة»، في إشارة لأسواق الاتجار بالحيوانات البرية.
وذكرت الوكالة أنه في مدن مثل بكين وشانغهاي وهونغ كونغ، هناك أسواق تلبي احتياجات الذواقة الذين يبحثون عن «النكهات البرية»، وفي بعض المدن مثل بعض أجزاء لاوس وفيتنام وكمبوديا ودول جنوب شرقي آسيا الأخرى، يجد محبو الأطباق الغريبة جميع الأنواع معروضة للبيع، مثل البانغولين والسمندل والعقارب وحتى القنفذ أو الكلاب.
وكمثال على ذلك، ظهرت قائمة طعام لأحد الباعة في سوق ووهان تم تداولها عبر الإنترنت تظهر أكثر من 110 أنواع من الحيوانات للبيع.

وتظهر سجلات المحكمة أن السلطات في هوبي، المقاطعة التي يقع فيها ووهان، قد حققت في 250 قضية تتعلق بالاتجار في الحيوانات البرية والصيد غير المشروع في عام 2019 وحده. ووفقا لتقارير وسائل إعلام محلية، فمنذ عام 2018 تم اصطياد ما يقدر بنحو 16000 من الحيوانات البرية في المقاطعة التي يعيش بها أكثر من 60 مليون شخص.
وأظهرت لقطات فيديو صوّرها نشطاء في مقاطعتي تشجيانغ وآنهوي بشرق الصين، اللتين لهما تاريخ طويل في استهلاك الأنواع البرية، الكثير من الأنواع البرية في السوق.
وارتفع عدد الوفيات بالفيروس إلى 41 في الصين وأكثر من 1300 إصابة على مستوى العالم، لكن معظم الحالات موجودة في ووهان. وفي محاولة لاحتواء تفشي الفيروس، عزلت الصين 12 مدينة و43 مليون شخص، بعدما أوقفت وسائل النقل العام عن العمل وعلقت التجمعات العامة.
يشار إلى أن الفيروس الجديد ينتمي لنفس سلالة الفيروسات التي سببت متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، وهو مرض أصاب حوالي 8000 شخص في أنحاء العالم خلال عامي 2002 – 2003، توفي منهم حوالي 800.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».