عباس يطلب من الأمير تشارلز اعتراف بريطانيا بفلسطين

ولي العهد البريطاني زار مسجد عمر وكنيسة المهد مشيداً بالتآخي الإسلامي ـ المسيحي في بيت لحم

TT

عباس يطلب من الأمير تشارلز اعتراف بريطانيا بفلسطين

طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين، وذلك خلال استقباله ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في قصر الرئاسة بمدينة بيت لحم.
وقال عباس الذي التقى الأمير تشارلز بعد يوم من لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون: «نرحب بولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في فلسطين، يسعدنا جداً أن نستقبلك هنا في المدينة المقدسة، مولد سيدنا المسيح مدينة بيت لحم، مدينة التعايش الإسلامي - المسيحي». وأضاف: «لقد زرتم كنيسة المهد وزرتم أيضاً مسجد عمر بن الخطاب، وشاهدتم المسلمين والمسيحيين يعيشون مع بعضهم بعضاً».
وأعرب الرئيس الفلسطيني عن شكره للمملكة المتحدة على «مساعدتها لنا في بناء مؤسسات الدولة»، وأيضاً مساعداتها المقدمة لوكالة «الأونروا». وتابع: «كما نشكر بريطانيا لقبولها حل الدولتين ورفضها ما تسمى صفقة العصر». وأردف: «أملنا في المستقبل القريب أن نسمع اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين؛ لأننا سمعنا أن البرلمان البريطاني أوصى الحكومة بذلك، فنتمنى أن يحصل ذلك. شكراً لهذه الزيارة، ونتمنى زيارة أخرى لكم في عيد الميلاد المقبل».
ورد ولي العهد البريطاني بالتعبير عن شكره، قائلاً إنه «شرف كبير لي زيارة فلسطين، ولقاء الرئيس محمود عباس في مدينة المسيح بيت لحم». وأضاف: «إن العلاقات البريطانية - الفلسطينية علاقات متجذرة، ونسعى دائماً إلى دعم وتطوير هذه العلاقات، عبر دعم المؤسسات الفلسطينية، ونتمنى الوصول إلى السلام في المنطقة بأقرب وقت ممكن».
وعقد عباس وضيفه جلسة مباحثات موسعة تناولت القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكان الأمير تشارلز وصل إلى بيت لحم قادماً من إسرائيل فزار مسجد عمر بن الخطاب، كما زار كنسية المهد، وهما مبنيان متقابلان. واستمع تشارلز إلى شروح حول تاريخ المسجد، ومن ثم توجه إلى كنيسة المهد وتفقد شرحاً عن أعمال الترميم في الكنيسة واللوحات الفسيفسائية فيها قبل أن يؤدي صلاة خاصة في كنيسة مار جرجس في كنيسة المهد، ويتلقى هدية تذكارية.
وأشار الأمير تشارلز إلى الأهمية الكبيرة لبيت لحم وكنيسة المهد. وأضاف إن «المسيحيين والمسلمين عاشوا في شوارع وأرياف هذه المدينة بتآخٍ وسلام طوال القرون الماضية». وزاد: «سرني زيارة مسجد عمر ورؤية التآخي الإسلامي - المسيحي». وتابع: «لقد تقاسم أتباع الديانات السماوية الثلاث على هذه الأرض المعاناة، وذاقوا مرارة التشريد في هذا البلد وخارجه، وخلال جولتي في بيت لحم حاولت أن أعزز ثقافة التفاهم بين أتباع الديانات المختلفة لأذكّر الناس بما يوحدنا وننسى ما يفرقنا. علينا أن نتجاوز الخلافات ونسعى لتحقيق السلام، لننسى آلام الماضي».
وعبّر تشارلز عن أمله بأن يأتي المستقبل بالحرية والعدالة والمساواة لجميع الفلسطينيين.
ولاحقاً، زرع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز شتلة زيتون في دير الكرمل بمدينة بيت لحم، في اختتام زيارته.
وبعد لقائه الأمير تشارلز، استقبل عباس الرئيس الأرميني أرمين سركيسيان، والوفد المرافق، في قصر الرئاسة بمدينة بيت لحم. ورحّب عباس بالضيف، مؤكداً أهمية زيارة بيت لحم، مدينة مهد السيد المسيح، و«الاطلاع على الأوضاع الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني جراء الاحتلال».
وهنأ عبّاس الرئيس الأرميني بأعياد الميلاد وفق التقويم الأرمني «خاصة أن الفلسطينيين من أصول أرمينية يشكلون جزءاً مهماً من أبناء شعبنا، ونحرص كل عام على المشاركة بهذه المناسبة الدينية الوطنية».
ورد الرئيس سركيسيان بالتأكيد على موقف بلاده الداعم لتحقيق السلام والاستقرار وفق قرارات الشرعية الدولية. وشدد سركيسيان على حرص بلاده على «تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين الصديقين في الكثير من المجالات ذات الاهتمام المشترك، لما فيه مصلحة البلدين».
وزار رئيس أرمينيا أيضاً كنيسة المهد وتجوّل في أرجائها، مستمعاً إلى شرح مفصل عنها.


مقالات ذات صلة

واشنطن ترفض تشبيه الرئيس البرازيلي الحملة الإسرائيلية على غزة بالمحرقة

الولايات المتحدة​ منظر عام للبيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

واشنطن ترفض تشبيه الرئيس البرازيلي الحملة الإسرائيلية على غزة بالمحرقة

أعلنت الولايات المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، رفضها تصريحات الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا التي شبه فيها الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة بالمحرقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يحذر من تصاعد «معاداة السامية»

احتفل الرئيس الأميركي جو بايدن، باليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة‭‭‬،‬‬ وحذر مما وصفها بـ«زيادة مثيرة للقلق في معاداة السامية» بعد هجمات حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيفية - د.ب.أ)

الحصانة الدبلوماسية تجنّب عباس ملاحقة قضائية في ألمانيا

أكد مدّعون في برلين اليوم أن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المرتبطة بالمحرقة التي أدلى بها خلال زيارة العام الماضي ترقى إلى التحريض على الكراهية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في إسرائيل في زيارة للأخير لإظهار التضامن في 17 أكتوبر 2023 بعد هجوم «حماس» غير المسبوق على إسرائيل (د.ب.أ)

نتنياهو: على العالم أن يقف خلف إسرائيل من أجل «هزيمة حماس»

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إلى دعم دولي واسع النطاق، في الحرب التي تخوضها بلاده ضد حركة «حماس» الحاكمة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

بسبب تصريحاته عن المحرقة... تجريد محمود عباس من وسام فرنسي رفيع

جرّدت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، اليوم (الجمعة)، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من أرفع أوسمة العاصمة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.