الصين تعزل ملايين الأشخاص وتغلق مناطق للحد من فيروس «كورونا الجديد»

ألمانيا تتجهّز وبريطانيا تفحص القادمين وروسيا تعلّق رحلاتها من ووهان

أشخاص في هونغ كونغ يستخدمون أقنعة تحسبا من الإصابة بفيروس كورونا الجديد (د.ب.أ)
أشخاص في هونغ كونغ يستخدمون أقنعة تحسبا من الإصابة بفيروس كورونا الجديد (د.ب.أ)
TT

الصين تعزل ملايين الأشخاص وتغلق مناطق للحد من فيروس «كورونا الجديد»

أشخاص في هونغ كونغ يستخدمون أقنعة تحسبا من الإصابة بفيروس كورونا الجديد (د.ب.أ)
أشخاص في هونغ كونغ يستخدمون أقنعة تحسبا من الإصابة بفيروس كورونا الجديد (د.ب.أ)

قالت منظمة الصحة العالمية، أمس، إنّ من المرجح استمرار ارتفاع عدد حالات الإصابة بالسلالة الجديدة من فيروس كورونا في الصين، مضيفة أنّ من السابق لأوانه تقييم مدى خطورة الوضع.
وصرّح طارق جاسرفيتش المتحدث باسم المنظمة في إفادة صحافية في جنيف أمس بأنّ «التركيز لا ينصبّ بشدّة على الأعداد، التي نعلم أنها سترتفع». وتابع بأنّه «من السابق لأوانه استخلاص نتائج بشأن مدى شراسة الفيروس». مضيفاً أنّ المنظمة قد تدرس مع شبكة خبرائها استخدام علاجات ولقاحات متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، الناتجة عن إحدى سلالات فيروس كورونا، كعلاج محتمل للسلالة الجديدة من الفيروس.
وفي الصين حيث ظهر الفيروس، كثّفت سلطاتها أمس، الجهود لاحتواء انتشاره، فعزلت أكثر من أربعين مليون شخص وأغلقت عدداً كبيراً من المواقع التي تلقى إقبالاً كبيراً بما فيها أقسام من سور الصين العظيم الشهير.
وأعلن عن ارتفاع عدد الوفيّات جرّاء الوباء الفيروسي في الصين إلى 26 من أصل 830 إصابة، فيما امتنعت منظمة الصحة العالمية عن إعلان حالة طوارئ صحية دولية.
وظهر هذا المرض الغامض في ديسمبر (كانون الأول)، في سوق لبيع ثمار البحر بالجملة في مدينة ووهان بوسط الصين. ومن أصل 830 حالة، تُعتبر 177 حالة على أنها خطيرة حسب آخر حصيلة، فيما «شُفي» 34 شخصاً وغادروا المستشفى. وأخضع للفحص أكثر من ألف شخص يُشتبه بإصابتهم.
وأبلغ عن حالتي وفاة للمرة الأولى بعيداً عن مركز الوباء: واحدة في هوبي وهي المنطقة المحيطة ببكين، والثانية في مقاطعة هايلونغجيانغ الواقعة على الحدود مع روسيا.

السياحة والسفر
إلى ذلك، حذر مجلس السياحة والسفر العالمي أمس، من أنّ انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين، يمكن أن يترك «تأثيرا اقتصاديا طويل الأمد» على السياحة العالمية في حال سُمح بانتشار الذعر. وقالت رئيسة المجلس غلوريا غيفارا إنّ «الحالات السابقة أثبتت لنا أنّ إغلاق المطارات وإلغاء الرحلات الجوية وإغلاق الحدود، غالبا ما يكون لها تأثير اقتصادي أكبر من تأثير الوباء نفسه». وأضافت أنّ «التواصل السريع والدقيق والشّفاف مهم للغاية لاحتواء الذّعر والتخفيف من الخسائر الاقتصادية السلبية». مؤكّدة أنّ «احتواء الانتشار غير الضروري للذعر هو بأهمية وقف الفيروس نفسه».
وغيفارا هي وزير السياحة المكسيكية السابقة التي شاركت في جهود التخفيف من تأثيرات انتشار فيروس إنفلونزا «إتش 1 إن 1» الذي قدرت أضراره الاقتصادية بنحو 55 مليار دولار (50 مليار يورو)، حسب المجلس الذي مقره لندن. وفي مؤشر على حال القلق التي سادت في جميع أنحاء الصين، أعلنت السلطات إغلاق أقسام من سور الصين العظيم ومواقع رمزية مثل مقابر مينغ. وسيُبقي استاد بكين الوطني الذي شُيّد للألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، أبوابه مغلقة حتى 30 يناير (كانون الثاني). وفي بكين، أغلقت «المدينة المحرمة» وهي القصر الإمبراطوري القديم، أبوابها منذ أول من أمس، حتى إشعار آخر وأُلغيت احتفالات رأس السنة الجديدة التي تجمّع عادة مئات ملايين الأشخاص في الحدائق للاحتفال. وفي شنغهاي، أعلنت مدينة ملاهي «ديزني لاند» التابعة لشركة والت ديزني إنّها أغلقت أبوابها اليوم، للمساعدة في منع انتشار الفيروس.
وقالت شنغهاي ديزني ريزورت المشغلة لشنغهاي ديزني على موقعها الإلكتروني: «استجابة لجهود الوقاية والسيطرة على تفشي المرض ومن أجل ضمان صحة وسلامة ضيوفنا وموظفينا تغلق شنغهاي ديزني ريزورت مؤقتا شنغهاي ديزني لاند». وأضافت: «سنستمر في مراقبة الموقف عن كثب... وسنعلن عن موعد استئناف العمل بعد التأكد من سلامة الموقف». ومن مونتريال، ألغى «سيرك دو سولاي» الكندي عرضا كان مقررا في بكين بناءً على طلب السلطات.
وفي مواجهة الأزمة، اتخذ النظام الشيوعي أوّّل من أمس، قراراً غير مسبوق بمنع كل القطارات والطّائرات من مغادرة ووهان وبإغلاق الطرق السريعة.
وتوجه عدد قليل من الطائرات إلى المدينة خلال النهار. وتلقّت الحافلات والسفن في نهر يانغتسي، أطول نهر في الصين وتقع ووهان على ضفافه، الأمر بالتوقّف في الاتجاهين.

قرارات «الصحة العالمية»
وكانت منظمة الصحة العالمية أول من أمس، عقب اجتماع امتدّ على يومين في مقرّها بجنيف، قد أقرّت بوجود «حالة طوارئ في الصين»، لكنّها اعتبرت أنّه «من المبكر جداً» التحدّث عن «حالة طوارئ صحية عالمية». وخلال تاريخها، لم تستخدم المنظمة حتى الآن مصطلح حال الطوارئ العالمية إلّا في حالات وباء نادرة تتطلب استجابة دولية حازمة، مثل إنفلونزا الخنازير «إتش 1 إن 1» عام 2009 وفيروس «زيكا» عام 2016، وإيبولا الذي اجتاح قسماً من غرب أفريقيا بين عامي 2014 و2016 وجمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2018.
وتؤكد المنظمة أنّ لا دليل حتى الآن على انتقال العدوى من إنسان لآخر خارج الصين، مضيفة: «يبدو أنّ الأمر يقتصر حتى الآن على مجموعات أسرية وعلى العاملين في مجال الرعاية الصحية».
وفي دافوس حيث يُعقد المنتدى الاقتصادي العالمي، أعلن التحالف من أجل ابتكارات تحسباً من الأوبئة أول من أمس، أنّ التجارب الطبية المتعلّقة بإعداد أول لقاح يمكن أن تحصل «بدءاً من الصيف».

الأردن يستعد لمواجهة كورونا
أعلنت الحكومة الأردنية أمس، خلو الأردن من فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في الصين، مع تأكيد استعدادها للتعامل مع أي حالة يمكن أن تدخل عبر المعابر الحدودية. وقالت وزارة الصحة الأردنية في تصريح رسمي عبر وكالة الأنباء الرسمية (بترا) إنّ الأردن لديه خطة متكاملة للتعامل مع الفيروس، ومع أي إصابة تدخل عبر المطارات والحدود.
في السياق ذاته، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير ضيف الله الفايز إنّ وزارة الخارجية وشؤون المغتربين تتابع أحوال المواطنين والطلبة الأردنيين المقيمين في مدينة ووهان الصينية، عن طريق السفارة الأردنية في الصين، وذلك بعد انتشار فيروس كورونا الجديد. وبين الفايز، في تصريح رسمي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنّ السفارة قامت بحصر أعداد الطلبة، والبالغ عددهم نحو 100، وكذلك الرعايا الأردنيين الموجودين في مقاطعة خوبي التي تتبع مدينة ووهان، والتواصل مع الرعايا الأردنيين المسجلة تفاصيلهم لدى السفارة والذين أفادوا بعدم وجود أي إصابات مسجلة للأردنيين المقيمين في المدينة.
وأضاف الفايز أنّه تم التواصل مع إدارة الجامعة التي أفادت باتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية والاحتياطات لمكافحة انتشار الفيروس في حرم الجامعة، بالإضافة لإجراء فحوصات طبية ميدانية دورية. من جهة أخرى، وكإجراء احترازي قامت الحكومة المحلية لمدينة ووهان بتعليق الرحلات المغادرة والقادمة للمدينة ووسائل النقل العام لمنع انتشار الفيروس. وأهاب الفايز بالجالية الأردنية المقيمة في الصين وتحديدا في مدينة ووهان، الالتزام بالتعليمات والإرشادات الوقائية المعلنة من قبل السلطات الصينية، والإجراءات الاحترازية وتجنب المناطق المكتظة، والالتزام بإرشادات منظمة الصحة العالمية لتجنب الإصابة بالعدوى. والتواصل مع السفارة الأردنية في بيجين أو مركز عمليات الوزارة لحالات الطوارئ.

فحوصات في بريطانيا
وفي بريطانيا، قال البروفسور بول كوسفورد المدير الطبي الفخري لهيئة الصحة العامة في إنجلترا في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، إنّه «من المرجح بشدة اكتشاف حالات في بريطانيا». وأضاف: «لدينا مجموعة كاملة من الخطط الجاهزة للتطبيق في هذه الحالة، ويجري تطبيقها الآن». وتابع: «لا توجد حالات مصابة في بريطانيا حتى الآن؛ لكنّنا سنواصل الفحص». كما ذكر أنّ خمسة أشخاص خضعوا للفحص في بريطانيا وكانت النتيجة سلبية، مضيفا أنّ تسعة آخرين يخضعون للفحص. وتعرف نتيجة الفحوص في غضون 24 ساعة تقريبا.

ألمانيا تستعد لكورونا
وفي ألمانيا، ذكر رئيس قسم طب المناطق الحارة في مستشفى «ميديكال ميشن» في فورتسبورغ أن بلاده جاهزة جيدا للتعامل مع السلالة الجديدة من فيروس كورونا.
واتصل بالمستشفى الكثير من الأشخاص الذين يخشون الإصابة بالفيروس. وقال الطبيب أوغست شتيتش لـ(د.ب.أ) إن «المئات من الأشخاص القلقين أو ربما الآلاف» في ألمانيا معظمهم من المسافرين العائدين إلى بلادهم. وفي معظم الحالات، يمكن استبعاد الإصابة بفيروس كورونا بناء على معلومات مثل مدة الرحلة وفترة حضانة المرض. وقال شتيتش، الذي يشغل أيضا منصب رئيس معهد «ميديكال ميشن» في فورتسبورغ: «لكن الخوف موجود». موضحاً أنّ الانتشار السريع للأمراض المعدية، هو الثمن الذي يدفع بسبب أنماط الحياة الحديثة والعولمة. وقال إن انتشار الفيروس ليس بالأمر غير الاعتيادي، ولكن يجب التعامل معه بطريقة احترافية.

موسكو تعلق رحلات الطيران
من جانبها، عززت السلطات الروسية الرقابة الصحية على المعابر الحدودية مع الصين أوّل من أمس. فيما تقرّر تعليق رحلات الطيران القادمة إلى موسكو من مدينة ووهان الصينية وسط مخاوف من انتشار سلالة جديدة من فيروس كورونا، حسب ما ذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أمس، نقلا عن مصدر لم تحدّده.

الولايات المتحدة تسحب موظّفيها من ووهان
ومع انتشار الفيروس، سارعت الولايات المتحدة لسحب موظفي قنصليتها وأفراد أسرهم من مدينة ووهان الصينية، وقد أصدرت سلطاتها أمرا بذلك بسبب الانتشار السريع للفيروس الجديد، والمشكلات اللوجستية الناجمة عن إغلاق شبكة الطرق العامة، واكتظاظ المستشفيات في المدينة بالمرضى، وفقا لما ذكره متحدث باسم السفارة الأميركية في بكين، أمس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».