روسيا في «عهدة» حكومة «المشروعات القومية»

روسيا تأمل أن تعبر بها الحكومة الجديدة إلى عصر اقتصاد مزدهر معتمدة بشكل كبير على تنفيذ المشروعات القومية (أ.ف.ب)
روسيا تأمل أن تعبر بها الحكومة الجديدة إلى عصر اقتصاد مزدهر معتمدة بشكل كبير على تنفيذ المشروعات القومية (أ.ف.ب)
TT

روسيا في «عهدة» حكومة «المشروعات القومية»

روسيا تأمل أن تعبر بها الحكومة الجديدة إلى عصر اقتصاد مزدهر معتمدة بشكل كبير على تنفيذ المشروعات القومية (أ.ف.ب)
روسيا تأمل أن تعبر بها الحكومة الجديدة إلى عصر اقتصاد مزدهر معتمدة بشكل كبير على تنفيذ المشروعات القومية (أ.ف.ب)

دخلت روسيا مرحلة جديدة، يوم أمس، مع بدء عمل الحكومة الجديدة برئاسة ميخائيل ميشوستين، التي يُعول عليها في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، من خلال تنفيذ الخطة الاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتشمل «المشروعات الوطنية» التي أقرها ربيع عام 2018 وتدابير تحفيز «اجتماعية وديموغرافية» أعلن عنها أخيراً في رسالته السنوية للمجلس الفيدرالي.
وعلى هذا الأساس؛ جرى تشكيل الحكومة الجديدة، مع تعديلات طالت بصورة خاصة «الفريق الاقتصادي» في الحكومة السابقة، وتعزيزها بشخصيات اقتصادية تتمتع بنفوذ واسع، وخبرة عمل متراكمة على مدار سنوات طويلة مع الرئيس بوتين. وعبر اقتصاديون روس عن قناعتهم بنجاح الحكومة الجديدة في تنفيذ مهامها، بينما قالت «موديز» إن التغييرات الحكومية تخلق حالة «عدم وضوح في سياسة روسيا الاقتصادية».
وصادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الثلاثاء 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، على التعيينات في الحكومة الجديدة، التي بدت أقرب إلى «تعديلات
على الحكومة السابقة»؛ إذ احتفظ عدد من الوزراء بحقائبهم، مع تغيير عدد آخر، وفي مقدمتهم وزير التنمية الاقتصادية مكسيم أوريشكين، الذي تم تعيين مكسيم ريشيتنيكوف، حاكم إقليم بريموريا، خلفاً له، ويُقال إن أوريشكين سيعمل معاوناً اقتصادياً للرئيس الروسي. أما أنطون سيلوانوف، فقد احتفظ بحقيبة وزارة المالية فقط، بينما أعفي من مهامه نائباً لرئيس الحكومة. كما احتفظ ألكسندر نوفاك بمنصبه وزيراً الطاقة.
وجاءت التعديلات الأهم على مستوى «نواب» رئيس الحكومة المسؤولين عن الملفات الاقتصادية؛ إذ احتفظت تتيانا غوليكوفا بمنصبها نائبة لرئيس الحكومة، مسؤولة عن السياسات الاجتماعية، وكذلك احتفظ يوري بوريسوف بمنصبه نائباً لرئيس الحكومة، مع توسيع مهامه وتكليفه بالإشراف على ملف مجمع إنتاج الطاقة، فضلاً عن مهامه السابقة في الإشراف على عمل مجمع الصناعات الحربية وتنويعها. وانضم آندريه بيلاأوسوف، معاون الرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية سابقاً، إلى الحكومة الجديدة بصفة نائب أول لرئيسها مكلف بالإشراف على عمل «الفريق الاقتصادي»، الذي تقع على عاتقه المسؤوليات الأهم لجهة النتائج المرجوة من عمل حكومة ميشوستين. وانضم كذلك مارات حوسنولين، نائب عمدة موسكو سابقاً، إلى الحكومة الجديدة، بصفة نائب أول لرئيسها مسؤول عن ملف الإعمار والإسكان.
وأثار اهتمام المراقبين بصورة خاصة انتقال بيلاأوسوف من العمل معاوناً للرئيس في الشؤون الاقتصادية، إلى الحكومة بصفة نائب أول لرئيس الوزراء. ويبدو أن بوتين يعول عليه بصورة خاصة في تنفيذ أكثر فعالية للمشروعات القومية للتنمية الاقتصادية.
وفي تقرير يوم أمس، قالت صحيفة «آر بي كا» نقلاً عن مصدر مطلع على توزيع المهام في الحكومة الجديدة، إن بيلاأوسوف سيكون مسؤولاً في الحكومة الجديدة عن الإشراف على مشروعات قومية وتنفيذها بقيمة 25 تريليون روبل (نحو 404 مليارات دولار)، بينها الخطة الشاملة لتوسيع وتطوير البنى التحتية للنقل والمواصلات، وتشمل مسؤوليته الإشراف على عمل وزارة النقل والوكالة الفيدرالية للنقل الجوي، ووكالة الطرق البرية، وغيرها من مؤسسات في قطاع النقل. وسيساعده في البنى التحتية لشبكات النقل مارات حوسنولين، النائب الأول لرئيس الحكومة، صاحب الخبرة في تشييد البنى التحتية. ويقول ديمتري دولغين، كبير الاقتصاديين في وكالة «آي إن جي»، إن بيلاأوسوف شخصية مرتبطة بفكرة تعزيز المشروعات الوطنية وتمويلها، لذلك يُتوقع أن يساهم حضوره في الحكومة الجديدة في تنشيط الإنفاق على تلك المشروعات.
أما مارات حوسنولين، فقد برز اسمه خلال مشاركته في مشروعات الإسكان وتحديث البنى التحتية وتوسعتها في مدينة موسكو. ويرى مراقبون أنه سيركز على حل مشكلة توفير السكن بشكل عام، وللعائلات الشابة على وجه الخصوص، في إطار تنفيذ «تدابير مواجهة الأزمة الديموغرافية».
وأكدت الحكومة الروسية عبر خطواتها الأولى، حرصها على تنفيذ تلك المهام. وفي أول اجتماع مع أعضاء حكومته، كلف رئيس الوزراء ميشوستين، وزارة المالية بإعداد تعديلات على الميزانية، بهدف توفير مصادر تمويل التدابير الأخيرة التي أعلن عنها بوتين في مجال الدعم الاجتماعي للعائلات الروسية، والحد من مستوى الفقر، وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وفي تقديرات أولية لقدرة الحكومة الروسية الجديدة على تحقيق النتائج المرجوة منها، عبر آندريه كوستين مدير «في تي بي بنك» عن قناعته بأن «كثيراً من الأعمال ستتسارع وتيرتها مع الحكومة الجديدة، وسيتم اتخاذ قرارات للمضي في المشروعات القومية (...)، وسيكون هناك تحرك كبير باتجاه أتمتة الاقتصاد».
أما كيريل ديميتريف، مدير الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، فقد وصف الحكومة الجديدة بأنها «حكومة القفزة الاقتصادية»، لافتاً إلى احتفاظ وزراء ناجحين بمناصبهم، وانضمام مسؤولين آخرين إلى الحكومة، تمكنوا من تحقيق إنجازات في مواقع عملهم السابقة.
دولياً، عبر بوب دادلي، مدير شركة «بي بي» النفطية، عن أمله في أن تخفف الحكومة الجديدة من العبء الضريبي على القطاع النفطي الروسي. أما وكالة «موديز» فقد قالت إن «التغيير المفاجئ للحكومة الروسية يخلق شيئاً من عدم الوضوح في السياسة الاقتصادية الروسية، وفي الوقت ذاته فإن تصريحات بوتين وميشوستين تدفع للاعتقاد بأن الحكومة الجديدة ستواصل نهج الحكومة السابقة، الرامي إلى رفع وتيرة النمو وتحسين المؤشرات الاجتماعية، والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي».



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.