المغرب: رئيس السلطة القضائية يدعو إلى عدم التساهل مع الفساد

ارتفاع عدد القضايا المسجلة بمحاكم البلاد بنسبة 21 % في 2019

TT

المغرب: رئيس السلطة القضائية يدعو إلى عدم التساهل مع الفساد

قال مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن استقلال السلطة القضائية في المغرب «لم يكن أبدا غاية أو هدفا، بل ركيزة لضمان الحقوق وصون الحريات، ورد المظالم ومكافحة الفساد وتحقيق الأمن القضائي، والمساهمة في بناء المغرب الجديد في سياق عالم متحول بقيم وعلاقات معقدة متغيرة متسارعة».
وقدم فارس، أمس خلال الجلسة الرسمية لافتتاح السنة القضائية 2020 بالرباط، حصيلة أول سنتين من استقلال السلطة القضائية، وفصلها عن وزارة العدل بالمغرب. وقال إن «التحدي الذي كان أمامنا هو البناء في العمق، ومواجهة الإكراهات بكل واقعية وتغيير العقليات بكل صبر، والتوجه نحو المستقبل بفكر خلاق مبدع». مشددا على أن نجاح مشاريع مجتمعية كبرى كهذه «يتطلب الكثير من الجرأة والحكامة لوضع الأسس الصحيحة، وإرساء الممارسات الفضلى على أرضية صلبة وبخطى ثابتة». ومن بين الأوراش الكبرى لإرساء دعائم السلطة القضائية المستقلة خلال السنة الماضية، أشار فارس إلى استكمال التأسيس الهيكلي للسلطة القضائية، من خلال «حرص المجلس الأعلى للسلطة القضائية على إعداد مخطط استراتيجي للموارد البشرية، سواء على مستوى استقطاب الأطر والكفاءات، أو على مستوى تكوينها وتأهيلها، والرفع من قدراتها وتدبير شؤونها الإدارية، وتتبع مساراتها الوظيفية». كما عمل المجلس على «تكريس استقلال السلطة القضائية في بعده الفردي، الذي يرتكز في الكثير من مداخله على تكريس الضمانات الدستورية والقانونية المخولة لفائدة القضاة، وتتبع مساراتهم المهنية، وتدبير ملفاتهم الإدارية، وتلقي شكاواهم وتظلماتهم بفعالية وحرص ومسؤولية».
ودعا فارس المسؤولين القضائيين بمختلف محاكم المملكة إلى «صيانة حرمة المحاكم وهيبة العاملين بها، من خلال التزامكم بقيمكم الأخلاقية، وواجباتكم القانونية. وستجدون في المجلس الأعلى كل الدعم والسند لمكافحة جميع مظاهر الفساد، ومواجهة كل منافذ الاختلال والتسيب». كما دعاهم إلى جعل المحاكم نماذج لإدارة قضائية ناجعة وفضاءات لإنتاج عدالة سريعة متطورة... لا مجال فيها اليوم للتساهل مع المستهترين والسماسرة المتاجرين بمشاكل المواطنين وهمومهم.
وأضاف فارس موضحا: «يجب التذكير بكل حزم أن المجلس سيتصدى بنفس الجدية لكل الشكاوى الكيدية، التي تستهدف فقط التشهير أو التشويش، أو التأثير على حياد القضاة واستقلاليتهم». وقال إن «الدفاع عن استقلال القاضي وكرامته، وإن كان واجبا فرديا على القضاة، ويدخل في صميم عمل المجلس الأعلى كمؤسسة، فإنه في المقام الأول حق للجميع، ومكسب يجب الذود عنه والحفاظ عليه من كل المؤثرات. ولا بد أن يدرك الجميع أنه لا تساهل مع من يسيء إلى صورة القضاء، أو يطبع مع الفساد».
من جانبه، شدد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك ورئيس النيابة العامة، على الأهمية التي يكتسيها موضوع محاربة الفساد، داعيا كل أعضاء النيابة العامة إلى الإسهام في محاربة الفساد، وجعله على رأس اهتماماتهم. وأكد عبد النباوي أن «المرحلة تقتضي بذل المزيد من الجهد من أجل إرساء قواعد نيابة عامة مواطنة، قريبة من انشغالات المواطنين، مصغية لهم، وتتفاعل مع الأحداث التي تستأثر باهتمامهم». داعيا أعضاء النيابة العامة إلى الانخراط «عن اقتناع وإيمان في صياغة نموذج متطور للنيابة العامة، توفر للمواطن سهولة الولوج إلى العدالة، والانفتاح على المحيط، والتواصل الإيجابي، ومحاربة كل مظاهر الفساد، سواء داخل بيت العدالة أو خارجه، عن طريق الحرص المستمر على تطبيق القانون بفعالية ونجاعة».
وفي جرده للمعطيات الرقمية للسنة القضائية المنتهية، أشار عبد النباوي إلى أن عدد القضايا المسجلة خلال 2019 بلغ 51591 قضية مرتفعا بنسبة 21.21 في المائة مقارنة مع سنة 2018، فيما بلغ عدد القضايا المحكومة 46727 قضية، أي بزيادة 17.7 في المائة مقارنة بالعام السابق.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.