تونس تتخوف من تداعيات الأزمة الليبية على أمنها واقتصادها

TT

تونس تتخوف من تداعيات الأزمة الليبية على أمنها واقتصادها

التقى راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» التونسية، ورئيس البرلمان، في العاصمة التونسية أمس، أبيو ماسيمو كاستالدو، نائب رئيس البرلمان الأوروبي، ورئيس البعثة الأوروبية لملاحظة الانتخابات.
وقال ماسيمو كاستالدو في تصريحات صحافية، إن الأزمة الليبية الحالية «يمكن أن تؤثر على تونس من النواحي الأمنية والاقتصادية»، وهي المخاوف نفسها التي عبرت عنها عدة قيادات سياسية تونسية. وأشار في السياق ذاته إلى أهمية الدور الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي في حل الأزمة في ليبيا المجاورة، مؤكداً أنه «يعمل بطريقة مكثفة لحلحلة هذه الأزمة على جميع المستويات، ولتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، وضمان تطبيق وقف إطلاق النار المبرم بين رئيس حكومة (الوفاق) فائز السراج، وخليفة حفتر قائد (الجيش الوطني)، وحل النزاع بطريقة سلمية من خلال تنظيم الانتخابات»، على حد تعبيره.
وكان غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، قد أعلن في السابق عن تنظيم انتخابات في ليبيا نهاية السنة الماضية؛ غير أن الخلافات السياسية، وعدم الالتزام بما ورد من بنود في اتفاق الصخيرات بالمغرب، جعلا هذا الموعد غير ممكن.
من ناحيته، عبر راشد الغنوشي عن أمله في أن تتوحد الجهود لتسوية الأزمة في ليبيا سلمياً، تحت رعاية الأمم المتحدّة، حتى يتسنى تحقيق الاستقرار في المنطقة برمتها. ودعا إلى دعم التعاون الدبلوماسي والبرلماني بين الطرفين، لتفعيل دور تونس على المستوى الدولي بشكل أكبر.
يذكر أن رئيس البعثة الأوروبية لملاحظة الانتخابات، قدم للغنوشي التقرير النهائي لبعثة الاتحاد الأوروبي حول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي عرفتها تونس السنة الماضية، مشيراً إلى مساندة الاتحاد الأوروبي لتونس، بهدف تقوية مسارها الديمقراطي، ودعمها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
في غضون ذلك، قام أمس وفد من وزارة الداخلية التونسية بمختلف أسلاكها الأمنية، بزيارة إلى ولاية (محافظة) تطاوين (جنوب شرقي) للاطلاع على استعدادات تونس لاستقبال الوافدين من ليبيا، في حال تطور الأوضاع الأمنية هناك. وجاءت هذه الخطوة بعد أيام من إعداد السلطات التونسية مخطط طوارئ لاستقبال النازحين واللاجئين، في ظل هدنة هشة بين الطرفين الليبيين. ولوحت قبل فترة قصيرة باتخاذ «إجراءات استثنائية مناسبة» على الحدود مع ليبيا، لتأمين الأراضي التونسية، والمحافظة على الأمن القومي، أمام أي تصعيد محتمل في ليبيا المجاورة، وذلك بعد تغييبها عن مؤتمر برلين (ألمانيا) حول الملف الليبي الذي انعقد الأحد الماضي. وهي الخطوة التي خلفت جدلاً سياسياً واسعاً في تونس حول أسباب تغييبها، على الرغم من كونها إحدى دول الجوار الأكثر تأثراً بالأحداث في ليبيا المجاورة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.