السلطات السورية تواصل اعتقال المتعاملين بـ«غير الليرة»

TT

السلطات السورية تواصل اعتقال المتعاملين بـ«غير الليرة»

واصلت السلطات السورية إجراءاتها لضبط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي في دمشق ومناطق سيطرتها، في وقت ألغت فيه صفقة شراء حبوب من روسيا، بسبب عدم توفر قطع أجنبي.
وأفاد مصادر رسمية أمس بأن الشرطة أوقفت 11 شخصاً في محافظتي دمشق وحلب، بجرم التعامل بغير الليرة السورية، والمتاجرة بالعملة الصعبة بشكل غير مشروع.
وتم ذلك في إطار جهود ملاحقة المتعاملين بغير الليرة السورية، وتصريف العملات الأجنبية بالسوق السوداء.
وذكرت الداخلية السورية على صفحتها في «فيسبوك»، أنه تم إيقاف هؤلاء في 19 الشهر الجاري، وبالتحقيق معهم اعترفوا بمزاولة مهنة الصرافة دون ترخيص، وتحويل الأموال بطريقة غير قانونية، بهدف تحقيق الربح المادي. وأكدت الوزارة أنه يجري في الوقت الراهن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
وأوضحت الوزارة أن إدارة الأمن الجنائي بدمشق أوقفت ثمانية أشخاص، بجرم التعامل بالحوالات الخارجية بشكل غير قانوني، ومزاولة مهنة الصرافة دون ترخيص. وضبطت بحوزتهم عملات أجنبية ومبالغ مالية، بقيمة اثنين وعشرين مليوناً، و مائتين وأربعة وسبعين ألف ليرة سورية.
وفي حلب، أوقفت الشرطة ثلاثة أشخاص بجرم مزاولة مهنة الصرافة دون ترخيص، وضبطت بحوزتهم عملات أجنبية ومبالغ مالية بقيمة مليون ومائتين وسبعة وعشرين ألفاً وأربعين ليرة سورية.
كان الرئيس السوري بشار الأسد قد أصدر مرسومين، شمل الأول عقوبات على تعليقات في وسائل التواصل تتعلق بسعر الليرة، وقضى بالحبس لمدة سبع سنوات وغرامة مالية بمقدار ضعف قيمة المدفوعات لأي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية، سواء كان ذلك بالقطع الأجنبية أم المعادن الثمينة.
وتضمن المرسوم الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للرئاسة السورية، تعديل العقوبة بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وغرامة مالية تعادل ضعف قيمة المدفوعات، أو المبلغ المتعامل به، أو المسدد، أو الخدمات، أو السلع المعروضة.
وقال حاكم المصرف المركزي السوري حازم قرفول، إن الوضع في بلاده «أفضل بكثير مما يتوقع البعض»، وأعرب عن تفاؤله بنتائج إيجابية ستظهر على المدى المنظور.
وأوضح قرفول مساء الثلاثاء، أنه رغم الظروف الاقتصادية وتداعياتها فإن «ظرف سوريا وإمكاناتها ووضعها أفضل بكثير مما يتوقع البعض»، قائلاً إن ثمة دولاً أخرى مرت بظروف مشابهة «انهارت عملتها وطبعت عملة من فئة المليون وفئة المليار»، مشيراً إلى أنه لا ينكر الواقع أو يحاول تجميله، داعياً إلى تفهم الواقع وليس القبول به.
وأشار إلى أنه «كانت هناك إجراءات أسفرت عن وضع اليد على بعض المسيئين لبلدهم ولعملتهم»، وأن نتائج ذلك التحرك ستكون ملموسة مع الوقت. وأضاف أن المصرف أصدر قراراً بشراء الدولار من المواطنين بسعر تفضيلي يعادل 700 ليرة «حتى لا يتعرض المواطن للابتزاز أو المساءلة القانونية».
وتدهورت قيمة الليرة السورية بشكل حاد خلال الشهرين الماضيين، تزامناً مع فرض الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية حزمة من العقوبات الاقتصادية على حكومة النظام السوري، بحيث إن الدولار أصبح يساوي 1200 ليرة، بعدما كان يساوي 46 في عام 2011.
كما لعبت الأزمة الاقتصادية في المصارف اللبنانية دوراً في تراجع قيمة الليرة السورية، بسبب صعوبة سحب رجال الأعمال السوريين أموالهم التي تم إيداعها خلال السنوات الماضية.
وأعلن مصرف سوريا المركزي أمس، فتح باب شراء القطع الأجنبي بسعر تفضيلي حدده بـ700 ليرة سورية للدولار. وقال «المركزي» في بيان على صفحته الرسمية، إنه يمكن للحائزين على مبالغ بالعملات الأجنبية، البيع لفروع مصرف سوريا المركزي حصراً في المحافظات كافة، أي مبالغ بالدولار الأميركي أو اليورو، دون أي وثائق، وبسعر الصرف التفضيلي البالغ حالياً 700 ليرة سورية لكل دولار أميركي، والذي يتم تحديده يومياً من قبل مصرف سوريا المركزي.
وكان مصدر بالحكومة السورية قال الثلاثاء، إن مؤسسة الحبوب السورية ألغت مناقصة عالمية لشراء 200 ألف طن من القمح اللين للتوريد من روسيا، دون أن تتعاقد على أي كمية.
كانت مصادر قد قالت، الاثنين، إن المؤسسة السورية العامة لتجارة وتصنيع الحبوب لم تشترِ أيضاً، في مناقصة منفصلة لمائتي ألف طن من القمح الروسي، أُغلقت في 18 الشهر الماضي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.