بيلاروسيا تستعين بالنفط النرويجي بعد تعثر محادثاتها مع موسكو

اضطرت في وقت سابق للحصول على قرض من الصين بديلاً عن آخر روسي

توقفت صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا عمليا مطلع العام الحالي بعد الفشل في التوصل إلى اتفاقية جديدة (رويترز)
توقفت صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا عمليا مطلع العام الحالي بعد الفشل في التوصل إلى اتفاقية جديدة (رويترز)
TT

بيلاروسيا تستعين بالنفط النرويجي بعد تعثر محادثاتها مع موسكو

توقفت صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا عمليا مطلع العام الحالي بعد الفشل في التوصل إلى اتفاقية جديدة (رويترز)
توقفت صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا عمليا مطلع العام الحالي بعد الفشل في التوصل إلى اتفاقية جديدة (رويترز)

انتقلت بيلاروسيا من القول إلى الفعل في سعيها لتوفير النفط من مصادر بديلة، عن روسيا. وبعد ساعات على تأكيد صفقة نفط مع النرويج، أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أن بلاده لا يمكنها الاستغناء نهائياً عن النفط الروسي، لكنها تريد «تنويع المصادر»، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء البيلاروسية «بيل تا».
واتهم لوكاشينكو، روسيا، بالضغط على كازاخستان في موضوع النفط، وقال: «حليفنا لا يمنح الموافقة على توريد النفط من حليف آخر»، وأكد أنه أصدر «توجيهات بشراء أي نفط بالسعر العالمي»، وشدد على ضرورة أن تعتمد بلاده على روسيا في توفير 30 إلى 40 في المائة فقط من احتياجاتها النفطية، وتوفير 30 في المائة عبر دول البلطيق، و30 في المائة عبر أوكرانيا. وقال إن الاقتصاد البيلاروسي يضطر للعمل حالياً ضمن ظروف معقدة نتيجة المناورة الضريبية للقطاع النفطي الروسي، التي تحرم بيلاروسيا من رسوم ترانزيت النفط الروسي عبر شبكات أنابيبها، وقال إن «إيرادات الميزانية تتراجع، وتنخفض فاعلية عمل مصانعنا لتكرير النفط» نتيجة هذا الوضع.
كانت صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا توقفت عملياً مطلع العام الحالي، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاقية جديدة بها الصدد، نتيجة خلافات بين الجانبين حول الجانب المادي. وهو ما دفع بيلاروسيا للبحث عن النفط من مصادر بديلة. وأكدت شركة «بيل خيم نفط» البيلاروسية، في تصريحات لوكالة «تاس»، أمس، الأنباء حول شراء نفط من النرويج، وقالت إن الحديث يدور حول 80 ألف طن، سيتم نقلها بواسطة السكك الحديدية من ميناء كلايبيدي في ليتوانيا على بحر البلطيق، حتى مصفاة «نافتان» لتكرير النفط في بيلاروسيا. وستكون هذه الكمية كافية لتشغيل المصفاة ثلاثة أيام تقريباً، وهي تتمتع بقدرة تكرير 25 ألف طن من النفط يومياً، مع قدرات تكرير سنوية تصل حتى 9 ملايين طن من النفط.
ويرى مراقبون أن إقدام مينسك مؤخراً على هذه الخطوة يعكس خيبة أملها إزاء التعاون مع روسيا في هذا المجال، وتدني «سقف توقعاتها» باحتمال اختراق إيجابي سريع، يؤدي إلى تجاوز النقاط الخلافية التي تحول دون توقيع اتفاقية جديدة مع روسيا حول الصادرات النفطية الروسية إلى السوق البيلاروسية. وكانت بيلاروسيا لوحت، على لسان رئيسها لوكاشينكو، أكثر من مرة، بالبحث عن مصادر بديلة للنفط الروسي، بما في ذلك في مطلع عام 2018، حين طفت خلافات أيضاً حول الصادرات النفطية الروسية إلى بيلاروسيا. إلا أن مينسك لم تُقدم قبل ذلك على خطوة عملية في هذا الاتجاه. وبالتالي يعكس انتقالها الآن «من القول إلى التنفيذ» مدى التعقيدات في المحادثات حول ملفات الطاقة مع الحليفة روسيا.
وتتركز تلك الخلافات حول أربع نقاط رئيسة، متصلة بسعر النفط الروسي لبيلاروسيا، ورسوم صادراته عبر الأراضي البيلاروسية إلى أوروبا، وكيفية تحصيل بيلاروسيا تعويضات من الجانب الروسي، عن أضرار وخسائر نتيجة توقف ضخ النفط عبر شبكة أنابيب «دروجبا»، بعد اكتشاف نفط ملوث فيها، وأخيراً تعويضات عن خسائر الميزانية البيلاروسية مع بدء العمل بالمناورة الضريبية للقطاع النفطي الروسي، التي ستحرم بيلاروسيا من رسوم صادرات النفط الروسي عبر أراضيها.
أما جوهر الخلافات بين البلدين، في مجال الطاقة ومجالات اقتصادية أخرى، يبدو أنه يعود للتباين في قراءة كل منهما آليات التكامل الثنائي بموجب اتفاقيات تجمعهما. إذ تدعو بيلاروسيا إلى التعامل انطلاقاً من نص اتفاقية الدولة الاتحادية الروسية - البيلاروسية، واتفاقية الاتحاد الاقتصادي الأورواسي، وتنص كلاهما على إنشاء أسواق موحدة للطاقة بين البلدين، وعلى مستوى الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي، وبالتالي تطالب بأسعار للسوق البيلاروسية قريبة من الأسعار في السوق الروسية الداخلية. أما روسيا فترى أن الارتقاء بالتعاون حتى هذا المستوى يتطلب عملاً شاقاً في إنشاء أنظمة ضريبية وجمركية موحدة، واعتماد تشريعات أخرى بتأثير «فوق وطني»، يتعذر دونها توحيد الأسواق.
وحاول الرئيسان بوتين ولوكاشينكو نهاية العام الماضي، إيجاد صيغة تناسب الطرفين لتجاوز تلك النقاط الخلافية، وتوقيع اتفاقية جديد لإمدادات النفط الروسي، إلا أن الاتصالات المكثفة بينهما حتى الساعات الأخيرة من العام الماضي لم تحقق النتيجة المرجوة. وقالت وكالات أنباء حينها إن الرئيس البيلاروسي أصدر توجيهات بوقف المحادثات مع روسيا، والعمل على إيجاد مصادر بديلة عن النفط الروسي. وفي 1 يناير (كانون الثاني) الحالي، أي بعد انتهاء العمل باتفاقية النفط الروسية - البيلاروسية للعام 2019، توقفت روسيا عن ضخ النفط إلى بيلاروسيا. وقالت شركة «بيل خيم نفط» إن محطات التكرير تعمل ضمن الحد الأدنى، وكشفت عن محادثات تجري للتوصل إلى اتفاق حول الصادرات لشهر يناير فقط، وأكدت أنها تجري في موازاة ذلك محادثات لتوفير النفط من مصادر بديلة، وقالت إن الاحتياطي يكفي لتشغل محطات التكرير حتى منتصف الشهر.
وعلى الرغم من أن المحادثات بين الشركات النفطية الروسية والبيلاروسية أثمرت في النهاية عن اتفاق على ضخ الجانب الروسي 133 ألف طن نفط إلى المحطات البيلاروسية، خلال شهر يناير، بالسعر القديم، إلا أنها لم تكن محادثات على مستوى يؤدي إلى توقيع الاتفاق السنوي المنشود. وبانتظار جولة جديدة مقررة من المحادثات بين بوتين ولوكاشينكو، خلال الشهر الحالي، اضطرت بيلاروسيا للتوجه نحو النرويج لتوفير النفط للسوق المحلية.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».