الانقلابيون يفرضون إتاوات على المحامين وموثّقي العقود القانونية

يمنيون عند بوابة «باب اليمن» في المدينة القديمة من صنعاء أول من أمس (إ.ب.أ)
يمنيون عند بوابة «باب اليمن» في المدينة القديمة من صنعاء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الانقلابيون يفرضون إتاوات على المحامين وموثّقي العقود القانونية

يمنيون عند بوابة «باب اليمن» في المدينة القديمة من صنعاء أول من أمس (إ.ب.أ)
يمنيون عند بوابة «باب اليمن» في المدينة القديمة من صنعاء أول من أمس (إ.ب.أ)

عاودت الجماعة الحوثية من جديد تصعيد حملات النهب والابتزاز والتعسف بحق ما تبقى من فئات وشرائح المجتمع اليمني، شاملة هذه المرة قطاع المحامين والأمناء الشرعيين (أي موثقي العقود القانونية) في العاصمة صنعاء ومدن أخرى كالحديدة وإب وذمار وغيرها من المدن الواقعة تحت قبضتها.
وتواصلاً لمسلسل الميليشيات الذي انتهجته طوال سنوات انقلابها، فرضت الجماعة المدعومة من إيران، رسوماً جديدة على كل محام ومأمون شرعي، تحت اسم «ضرائب».
وأكدت وثائق رسمية حوثية أن الميليشيات الانقلابية فرضت دفع مبالغ مالية على كل معاملة لأي محامٍ أو مأمون شرعي، وذلك في إطار حملات الجبايات والإتاوات غير القانونية التي انتهجتها الجماعة لنهب المواطنين.
وكشفت الوثائق المتداولة عن أن مصلحة الضرائب الخاضعة للميليشيات في صنعاء أصدرت أخيراً توجيهات لرئيس محكمة الأموال العامة، بعدم قبول أي معاملة لأي محامٍ أو مأمون شرعي حتى يفي بسداد الضريبة لعام 2019 وما سبقها من سنوات.
كما طالبت الوثيقة المتداولة المحامين والأمناء الشرعيين بتقديم «إقراراتهم الضريبية المتأخرة» وهو ما يعني توجه الجماعة لجني ملايين الريالات من خلال هذا التدبير الانقلابي، وفق ما يقوله محامون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
وتعليقاً على الموضوع، انتقد محام يمني القرار الحوثي الجديد. وأكد المحامي صلاح حمزة، في منشور على حسابه بـ«فيسبوك»، أن المحامين لا يستحصلون شيئا من الأموال العامة، بينما كل ما يجنونه، منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء، يتم استخدامه لشراء الوقود ولتسديد فواتير الإنترنت والاتصالات، أي أنه يصب في خزائن الحوثيين، مضيفاً أن «ما يتبقى (من دخل المحامين) لا يكفي مصروفاً لأسرة».
وأضاف المحامي حمزة مخاطبا الحوثيين: «لا يخفاكم علما بأن كل أموال الجباية هذه التي أثقلتم بها المواطن هي مقابل خدمات ومرتبات لا تقدمون حتى الحد الأدنى منها».
وبدورهم، شكا محامون وأمناء شرعيون في كل من العاصمة صنعاء والحديدة وإب، من عمليات ابتزاز ونهب وتعسف غير قانونية ما تزال تطالهم من قبل ما وصفوها بـ«العصابات الحوثية الإجرامية».
وأكد عدد من المحامين والأمناء في الوقت نفسه، رفضهم القاطع لتلك الجبايات المفروضة عليهم مؤخراً من قبل الجماعة. واعتبروا أنها لو تمت فستصبح عادة بالنسبة لميليشيات تعيش وتقتات على النهب والسلب، وستتجدد بصورة شهرية إن لم تكن يومية كما يحدث اليوم لكثير من التجار وأصحاب المحال التجارية وغيرهم من اليمنيين، على حد قولهم.
وتعاني مختلف الفئات والشرائح اليمنية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى واقعة تحت سيطرة الانقلابيين، من جور وتعسف وبطش الجماعة، التي تمارس بحقهم وبصورة مستمرة أبشع أنواع الابتزاز والنهب والسلب والمصادرة منذ انقلابها على الشرعية واقتحامها العاصمة صنعاء في 2014.
وعلى صلة بالموضوع، وضمن مشروع النهب والابتزاز المنظم الذي تقوده الميليشيات، فرضت الجماعة مطلع الأسبوع الحالي جبايات وإتاوات مالية على شريحة المحامين بمحافظة إب، (وسط اليمن).
وأفادت مصادر قانونية في المحافظة بأن الميليشيات الحوثية فرضت جبايات وإتاوات مالية جديدة على العاملين في سلك المحاماة، وأدرجتها تحت إطار واسم الجبايات الضريبية الجديدة المقررة خلال العام الحالي.
وطبقاً للمصادر ذاتها، فإن الجماعة فرضت دفع أكثر 250 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال)، عن كل محامٍ في المحاكم الابتدائية، فضلاً عن دفع ضعف ذلك بالنسبة للمحامين في المحاكم الاستئنافية والعليا.
واعتبر مراقبون محليون ومهتمون بهذا الشأن أن وثيقة الميليشيات التي تستهدف المحامين والأمناء تكشف جلياً عن مساعيها الرامية لجعل هذا العام عاماً جديداً ومفتتحاً للإتاوات والجبايات ونهب ملايين الريالات من جيوب المواطنين اليمنيين.
ويقول ناشطون يمنيون إن شغل الميليشيات الشاغل هو مواصلة حملات الإتاوات في مختلف المناطق التي تخضع لسيطرتها، دونما مراعاة لتردي الوضع الاقتصادي لدى جميع أبناء الشعب اليمني، بسبب انقلابها وحروبها، ومصادرتها للحقوق والحريات، والامتناع عن دفع المرتبات للعام الخامس على التوالي.
وبحسب المراقبين والمهتمين، فإن قيادات الميليشيات الإرهابية تجني عشرات الملايين شهرياً على حساب ما تفرضه من جبايات غير قانونية على مختلف الفئات اليمنية.
واعتبر المراقبون أن فرض الميليشيات للجبايات المالية الأخيرة على شريحة المحامين والأمناء الشرعيين تحت اسم الضرائب، الهدف الرئيسي منها هو تمويل ما تسميه المجهود الحربي لدعم عملياتها القتالية بمختلف الجبهات فضلاً عن أهداف أخرى تقف خلف تلك الجبايات.
وكانت الميليشيات الانقلابية واستمراراً لجرائمها وانتهاكاتها بحق اليمنيين، قد أخضعت، أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عدداً كبيراً من الأمناء الشرعيين بأحياء العاصمة صنعاء، تحت قوة التهديد، لتلقي دورات طائفية تحت اسم «دورات ثقافية».
وأفادت حينها مصادر محلية في صنعاء بأن مشرفي الميليشيات أجبروا الأمناء الشرعيين في الأحياء والحارات بالأمانة على حضور الدورات التي تتضمَّن نهج الحوثيين لمدة عشرة أيام، بما في ذلك «الملازم الخمينية» وخطابات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وفيما يتعلق بممارسات القمع والتهديد والوعيد وحملات الاختطاف التي يتعرض لها قطاع المحامين بمناطق الميليشيات، هددت الجماعة مطلع الشهر الحالي أحد محامي الدفاع عن المختطفين بعد مطالبته بنزع القيود عن موكليه وإخراجهم إلى قاعة المحكمة، خلال الجلسة التي عُقدت في العاصمة صنعاء. وأكد محامي الدفاع عن المختطفين عبد المجيد صبرة، خلال بلاغ بهذا الشأن، أن المسلحين الحوثيين المسؤولين عن المختطفين هددوه بالاختطاف إثر مطالبته بتوفير ظروف مناسبة للمختطفين في قاعة المحكمة. وأشار إلى أن الحوثيين رفضوا مطالبه، مما دفع القاضي إلى رفع الجلسة والتوجيه بإعادة المختطفين إلى أماكن احتجازهم في مبنى الاستخبارات.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».