فريق السلام الأميركي يبحث في إسرائيل تسويق {صفقة القرن}

كوشنر في القدس... ويلتقي قادة عرباً في «دافوس»

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام معرض صور لـ75 ناجياً من المحرقة النازية أُقيم في ويستفاليا أمس (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام معرض صور لـ75 ناجياً من المحرقة النازية أُقيم في ويستفاليا أمس (أ.ف.ب)
TT

فريق السلام الأميركي يبحث في إسرائيل تسويق {صفقة القرن}

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام معرض صور لـ75 ناجياً من المحرقة النازية أُقيم في ويستفاليا أمس (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام معرض صور لـ75 ناجياً من المحرقة النازية أُقيم في ويستفاليا أمس (أ.ف.ب)

وصل فريق الإدارة الأميركية للسلام، إلى إسرائيل، أمس (الثلاثاء)، للمشاركة في مهرجان منتدى الهولوكوست، وإجراء بحوث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حول موعد طرح خطة السلام المعروفة بـ«صفقة القرن» وكيفية تسويقها لشعوب المنطقة.
ويضم الفريق كلاً من جاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترمب وصهره وهو الذي يقود الفريق، ونائبه مبعوث الرئيس لشؤون الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش، ومبعوث الرئيس للشؤون الإيرانية بريان هوك. ويضم كذلك ديفيد فريدمان، السفير الأميركي في إسرائيل. وقالت مصادر إسرائيلية إن الفريق سيواصل المباحثات الماضية حول موعد نشر الصفقة، إذ تتبلور لدى الإدارة فكرة إعلانها قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 2 مارس (آذار). وحسب وسائل الإعلام العبرية فإن الفريق سيجتمع أيضاً مع زعيم «كحول لفان» المعارض، بيني غانتس.
ويناقش نتنياهو مع الفريق الأميركي فوائد وأضرار نشر الخطة قبيل الانتخابات الإسرائيلية. وهناك من يخشى في الحكومة اليمينية في تل أبيب أن يؤدي النشر إلى إضرار بفرصه في الانتخابات، إذ إنه سيكون عليه إعلان موقف. والاتجاه لديه هو أن يقبل بها مع بعض التحفظات. وقد يضره هذا في صفوف اليمين الاستيطاني والمتشدد. وقد تساعد المعارضة التي تتجه لتأييد الصفقة بلا تحفظات.
ويذكر أن هذه هي المرة الثانية، خلال أسبوعين، التي يزور فيها ممثل لفريق السلام، إسرائيل. ففي 7 يناير (كانون الثاني) الجاري، التقى آفي بيركوفيتش والسفير فريدمان مع نتنياهو لمناقشة الخطة والتقى الاثنان أيضاً في وقت لاحق مع غانتس.
وكان فريق السلام الأميركي يخطط أصلاً لطرح الجزء السياسي من الخطة في الصيف الماضي، لكنه قرر الانتظار حتى تؤدي حكومة جديدة في إسرائيل اليمين. ومنذ ذلك الحين تعاني إسرائيل من أزمة سياسية وهي ذاهبة إلى انتخابات ثالثة في أقل من 11 شهراً. لذلك يقف فريق السلام الأميركي بين خيارين صعبين: الأول هو إطلاق الخطة على الرغم من الجمود السياسي في إسرائيل، ما قد يضر بفرص نجاحها. والثاني هو الانتظار حتى الانتخابات الإسرائيلية في مارس، والتي قد تؤدي إلى طريق مسدود مرة أخرى. في هذه الحالة، يكون قد فات الأوان لإطلاق الخطة مع قرب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم. ويرى الأميركيون أن تأخير نشرها، يترك فراغاً ينوي الأوروبيون ملأه بمبادرات من عندهم. وقد عبّر الأوروبيون عن موقفهم هذا في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أول من أمس (الاثنين)، في بروكسل حيث ناقشوا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعملية السلام المجمدة على مدار السنوات الست الماضية. وأكدوا ضرورة كسر الجمود والدفع بحل الدولتين على أساس حدود عام 1967 والاعتراف بدولة فلسطين، وهو الحل الذي ترفضه حكومة نتنياهو وكذلك إدارة الرئيس ترمب.
في سياق متصل تدرس الإدارة الأميركية حالياً فكرة إعلان الشق السياسي من خطة السلام المعروفة باسم «صفقة القرن»، وطرحها قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الثاني من شهر مارس (آذار) المقبل.
وقال مصدر بالبيت الأبيض في رده على «الشرق الأوسط»، إن الرئيس ترمب ومستشاريه يدرسون الأمر، ولم يتم اتخاذ قرار حول توقيت إعلان الخطة. وأوضح، أن الرئيس وفريقه يعقدون نقاشات حول مجموعة من الخيارات، لافتاً إلى أن «لا شيء مؤكداً في المرحلة الراهنة، وأن الإدارة في نقاش دائم حول أهمية وضرورة تحقيق السلام».
ويدرس فريق جاريد كوشنر (مهندس خطة السلام) إيجابيات وسلبيات طرح خطة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتأثير طرح الخطة في توقيت يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ومدى تأثير الإعلان على إعادة انتخاب ترمب ووعوده الانتخابية بالإعلان عن الخطة خلال ولايته الأولى، وفرص فوز ترمب بولاية ثانية.
في الوقت نفسه، فإن طرح الخطة قبل الانتخابات الإسرائيلية قد يعطي دفعة قوية لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه اتهامات بالفساد، وناشد الإدارة الأميركية مساعدته. وارتفعت التوقعات بإقدام الإدارة الأميركية على خطوة إعلان خطة السلام، بعد الإعلان عن سفر صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر إلى إسرائيل لحضور المنتدى العالمي الذي يعقد في الذكري السنوية للمحرقة (الهولوكوست). ويلتقي كوشنر الذي يرافق الرئيس ترمب في منتدى دافوس بسويسرا – عدداً من المسؤولين العرب قبل رحلته إلى إسرائيل.
ويصطحب كوشنر في رحلته لإسرائيل عدداً كبيراً من مستشاريه ومساعديه العاملين في ملف «صفقة القرن»، ولديه أجندة لقاءات خلال زيارته، أبرزها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخصمه السياسي بيني غانتس.
وتشير مصادر إلى أن الشق السياسي من خطة السلام يدعم نوايا إسرائيل بضم المستوطنات في الضفة الغربية، وربما أيضاً المستوطنات في غور الأردن، وتبرر ضمها باعتبارها خطوة ضرورة لحماية أمن إسرائيل، في حين يتم تصنيف بقية الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على أنها أراضي دولة انتقالية أو «فلسطين الجديدة»، مع إعطاء الجانب الفلسطيني بعض الصلاحيات الإدارية المحدودة نسبياً. ولا يزال الغموض يكتنف وضع اللاجئين الفلسطينيين في إطار الخطة، وأيضاً ما يتعلق بالمنطقة «ج» وفقاً لاتفاقيات أوسلو.
ويشير المراقبون إلى أن الإدارة الأميركية قد تسرع في إعلان الخطة لإضفاء شرعية على وعود القادة الإسرائيلية بضم المستوطنات، إلا أن مواقف الدول العربية الرافضة للخطة وما تحتويه من تقليص للحقوق الفلسطينية قد تقلل من فرص إعلان الخطة، خاصة أنه من المستبعد أن تنهي هذه الخطة النزاع بين الجانبين أو أن تجلب السلام.
وكان ترمب قد تعهد بحل النزاع العربي - الإسرائيلي وتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه اتخذ خطوات أحادية منحازة لصالح إسرائيل بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن؛ مما أثار غضب السلطة الفلسطينية، وقرر الرئيس محمود عباس إنهاء كل الاتصالات السياسية مع الإدارة الأميركية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».