شجار تلفزيوني على الهواء يشغل الأوساط الإعلامية والشعبية العراقية

تسبب فيه خلاف حول أعداد ضحايا الاحتجاجات

TT

شجار تلفزيوني على الهواء يشغل الأوساط الإعلامية والشعبية العراقية

تثير الإحصاءات حول أعداد الضحايا من القتلى والمصابين العراقيين الذين سقطوا بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع التي تطلقها القوات الأمنية نحو جموع المتظاهرين والمحتجين، جدلاً واسعاً داخل الأوساط العراقية منذ انطلاق المظاهرات مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفيما تؤكد جماعات الاحتجاج والإحصاءات غير الرسمية الصادرة عن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية مقتل ما لا يقل عن 500 متظاهر وإصابة نحو 24 ألفاً، ترفض الجهات المناهضة للمظاهرات والناطقين الحكوميين الرسميين ذلك وتدعي أن الأعداد أقل من ذلك بكثير، لكنها لم تقدم حتى الآن أي إحصاءات موثوقة بشأن الأعداد الحقيقية للضحايا، بل عمدت منذ الأسابيع الأولى لانطلاق المظاهرات إلى إلزام وزارة الصحة ومؤسساتها بعدم الإفصاح عن أي إحصاءات في هذا الاتجاه، مما عرضها إلى انتقادات واسعة بتعمد إخفاء أعداد الضحايا، واتهامات بالتستر على قتلتهم.
ومع كل موجة تصعيد واحتجاجات وسقوط أعداد جديدة من الضحايا يتصاعد الجدل وتنهال الاتهامات على الحكومة وأجهزتها الإعلامية والمتحدثين الرسميين لها، في مقابل اتهامات تصدر عن الحكومة وناطقها ضد المتظاهرين. ويأخذ الجدل عادة شكل أحاديث شخصية أو منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي أو على شكل مقابلات تلفزيونية. وفي هذا السياق انشغلت الأوساط الإعلامية والشعبية العراقية، أمس، بالشجار التلفزيوني المباشر بين مقدم البرامج نبيل جاسم والمتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء، اللواء عبد الكريم خلف، الذي كانت أرضيته الخلاف حول أعداد الضحايا الذين سقطوا في بغداد وبقية المحافظات في مظاهرات أول من أمس، التي عمد المتظاهرون خلالها إلى قطع الطرق بالإطارات المحترقة في كثير من المحافظات، مما أدى إلى وقوع صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 4 أشخاص، ضمنهم مصور تلفزيوني، وإصابة العشرات بجروح بليغة وبحالات اختناق بالقنابل المسلية للدموع، استناداً إلى طيف واسع من المتظاهرين ووكالات الأنباء المحلية والعالمية والقنوات الفضائية.
غير أن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة أصرّ خلال اللقاء التلفزيوني المباشر على قناة «دجلة» الفضائية على إنكار سقوط قتلى وتحدث عن إصابة 14 عنصراً من قوات الأمن ونحو 20 متظاهراً في عموم البلاد، في مقابل إلحاح المقدم على أن الأعداد أكثر من ذلك بكثير.
وفي مستوى من مستويات الحوار تطور الأمر وبدا الانفعال واضحاً على مقدم البرنامج وضيفه المتحدث الرسمي، نتيجة تشكيك كل طرف في أرقام وإحصاءات الآخر. ثم تصاعد الانفعال إلى اتهامات متبادلة وسباب بين الطرفين، انتهى بعبارة: «انت بوق للسلطة» أطلقها نبيل جاسم على اللواء عبد الكريم خلف. وبمجرد انتهاء «الشجار» التلفزيوني، انهالت التعليقات والآراء حول المقابلة ومضمونها والطرف المسؤول في مواقع التواصل المختلفة، ومثلما كان متوقعاً في ظل حالة الانقسام والتوتر التي كرستها المواقف من حركة الاحتجاج، انحاز طيف واسع من الإعلاميين والصحافيين والنشطاء إلى موقف وتصرف الإعلامي نبيل جاسم وحملوا اللواء خلف مسؤولية ما حدث، وهو المتهم أساساً بـ«الكذب» من قبل هذه الشرائح التي أطلقت قبل نحو شهرين «هاشتاغ» ساخراً عنوانه: «غرد مثل خلف».
في مقابل ذلك، انتقد آخرون طريقة تعاطي المقدم نبيل جاسم مع ضيفه، وعدّوا أن طريقته في الحوار لم تكن موفقة وتفتقر إلى الكياسة والاحترام. الإعلامي والمدون الشهير محلياً صالح الحمداني، أحد المدافعين عن نبيل جاسم كتب عبر «فيسبوك»: «لم نتعود إلا على الدكتور نبيل جاسم الجنتلمان»، مضيفاً أن خلف «لعب دور (محامي الشيطان)» وأنه «لا بد له من ثمن يدفع، ولو بعد حين!».
لكن مقدم البرامج السابق في قناة «الحرة» الأميركية والعضو الحالي في هيئة الإعلام والاتصالات الحكومية سالم مشكور، كتب منتقداً جاسم قائلاً: «عندما تستضيف أحداً في بيتك، فإن الأخلاق والأصول يجبرانك على احترامه مهما اختلفت معه، في مجال الإعلام، فإن المقدم أو المحاوِر مجبر على احترام ضيفه مهما اختلف معه في الرأي، فالحوار هو مساحة لإظهار معلومات ومواقف الضيف وليس المقدم».
ورأى مشكور أن احترام المقدم للضيف يحقق له «ارتياح الضيف؛ وبالتالي عودته إلى الحوار في برامج لاحقة، وتشجيع الضيف على التفاعل والتعبير عن كل مواقفه، والحَكَمُ هو المتلقي في تقييم كلام الضيف، إضافة إلى احترام المشاهدين للمقدم وسعي كثير من الإعلاميين الشباب إلى تقليده كقدوة صالحة». وأضاف: «خلال عملي مقدماً استضفت عشرات الضيوف ممن كنت أعلم ضلوعهم في الإرهاب وقتل الأبرياء، كنت أحشرهم في زاوية ضيقة تفضحهم أمام المشاهد، لكن دون تطاول أو إساءة له».
أما القاص والصحافي حسين رشيد، فكتب منتقداً اللواء خلف: «قبل أن يتسلم منصبه بأيام كان عبد الكريم خلف مع الشعب، لكن بعد ذلك تحول إلى ضفة السلطة، كان الأجدر به المحافظة على المهنية العسكرية وعدم الاستفزاز من الأسئلة الصحافية وأن يثبت ضبط النفس العسكرية... لكن دماء الشهداء تعثّر».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.