«مش دافعين»... حملة شعبية في لبنان للامتناع عن دفع الضرائب

ضغط على الحكومة لتستجيب لمطالب الناس وتحسين الخدمات

TT

«مش دافعين»... حملة شعبية في لبنان للامتناع عن دفع الضرائب

«عتمة وحفر وطرقات مكسّرة وفيضانات... لماذا إذن أدفع رسم الميكانيك؟»؛ يقول محمد ترو الذي يعلن إضرابه عن دفع الضرائب والرسوم المتوجبة عليه للحكومة، في ظل تراجع الخدمات، وهو ما لجأ إليه كثير من اللبنانيين، مما أدى منذ الخريف الماضي إلى تراجع عائدات الدولة بمستويات قياسية. ويقول ترّو لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مع التصعيد وعدم دفع أي رسوم مستحقة للدولة، ليس فقط رسوم الميكانيك، لأنّنا ندفع ثمن خدمات غير موجودة أصلاً، أو؛ في أحسن الأحوال، خدمات رديئة لا ترقى لمستوى خدمة مواطن يدفع ضرائب ورسوماً كثيرة».
موقف محمد يقابله تخوف حسين طالب الذي يجد في التمنع عن دفع هذه الرسوم خطورة لجهة إمكانية توقيفه من قبل القوى الأمنية وحجز سيارته أو معاملته بشكل غير لائق على الطرقات، حسبما يقول.
هذا التباين في مواقف اللبنانيين، يأتي على خلفية شمول حملة «مش دافعين» التي انطلقت في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رسوم الميكانيك في خطوة جديدة في المرحلة المقبلة. فرغم تأكيد غالبية اللبنانيين على أهمية الحملة وأحقيتها، فإن توسيع إطارها لتشمل رسوم البلدية والميكانيك أثار سجالاً حول الضرر الذي سيلحق بالمواطنين جراء ذلك.
ويقول ترو: «إذا امتنع الجميع عن الدفع، فلن يستطيعوا محاكمتنا»، فيما تسأل دارين: «لماذا الخوف؟ في كل فترة تحصل إعفاءات عن دفع رسوم الميكانيك، في السابق كان كثيرون منا يمتنعون عن دفع الميكانيك، والآن ثمة سبب إضافي كي نمتنع»، على قاعدة أنه «يجب علينا أن نتوقف عن تمويل الفساد»، بحسب ما تقول زميلتها ميرا.
يقول المحامي والناشط في الحملة علي عباس لـ«الشرق الأوسط» إنّ «المرحلة الثالثة من الضغط ستشمل البلديات والميكانيك، باعتبار أنّه حتى في حال التأخر عن دفع هذه الرسوم، فإنّه على مر السنوات السابقة، كانت تصدر إعفاءات عن غرامات الميكانيك، أما البلديات فهناك أيضاً إمكانية لتقسيط الدفعات المستحقة على مدى سنوات طويلة، وبالتالي ستعاود الناس دفع الرسوم المستحقة عليها من دون أي غرامات وعلى دفعات»، لافتاً إلى أن المخاطر المترتبة على عدم الدفع «قليلة جداً».
ويشير عباس إلى «هذه المرحلة من الضغط على السلطة لكي تستجيب لمطالب الشعب»، ومبدئياً «كان يفترض أنّ تبدأ الحملة في الوقت الراهن، لكن ما حصل من أحداث وتصعيد خلال اليومين السابقين، خلط الأوراق، وأدخلنا مرحلة جديدة، وفي الاجتماعات المقبلة سنبلور كيفية المباشرة بإطلاق الحملة، وبأي طريقة ومدتها الزمنية».
ويقول عباس: «كنا قد بدأنا المرحلة الأولى من الحملة بموضوع عدم دفع فاتورة الكهرباء، وبعدها القروض باعتبار أنه ليس هناك أي نتائج سلبية على تراكم رسوم الكهرباء والمياه، والغرامة قليلة، ويمكن إعادة دفعها وتقسيطها على دفعات». وبالنسبة للقروض، يشرح بأن ذلك «نوع من الضغط لإعادة جدولة جميع القروض ومساعدة غير القادرين على الدفع، وهم كثر». ويلفت إلى أنّ «الذين امتنعوا عن الدفع بداية كانوا غير قادرين على تسديد قروضهم للمصارف بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، ومن خلال ذلك حاولنا الضغط من أجل التضامن معهم بزيادة عدد المقترضين الذين لم يدفعوا، وطلبنا من الأشخاص القادرين على الدفع، حفظ الأموال إلى حين إعادة جدولة القروض».
وعن المخاوف التي يطرحها الناس، يلفت عباس إلى أنّه «تمّ تمديد المهلة لدفع رسوم الميكانيك حتى نهاية شهر مارس (آذار) المقبل، وبالتالي لا يمكن توقيف أي كان حتى هذا التاريخ» ويضيف: «ربما تكون هذه الفترة كافية لعدم الدفع والضغط باتجاه تحصيل الحقوق، وبعد هذا التاريخ سنرى ما سيكون المخرج من هذا الموضوع، لأن مخاوف الناس من عرقلة سيرهم في محلها، وقد ناقشناها خلال التحضير لإطلاق المرحلة الجديدة من الحملة».
إلى ذلك، تشهد الحملة تفاعلاً واسعاً بين اللبنانيين، لا سيّما في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد وتردي الأوضاع المعيشية، وهي إحدى وسائل الضغط التي لجأ إليها الناس لمواجهة تجاهل الطبقة السياسية الحاكمة مطالبهم ودعواتهم للتغيير. وتنتشر شعارات الحملة على نطاق واسع؛ من بينها: «مش رح إدفع بلدية، لأنه ما فيه مشاريع إنمائية ولا فيه خطة بيئية، والله يعينا من الشتوية. #مش_دافعين» و:«الامتناع عن دفع الضرائب والرسوم والتوقف عن تسديد القروض المصرفية المستحقة إلى حين استرجاع الحقوق» و:«ما بقى رح ندفع فاتورتين، الكهرباء المقطوعة أكبر مصدر هدر بلبنان، إذا قطعتوها منوصلها بساعة زمان».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.