«الإطارات المحترقة» تقطع أوصال بغداد ومحافظات الجنوب

تقارير عن سقوط قتلى وجرحى في أحدث موجة من التصعيد الاحتجاجي ضد السلطات

محتج يجر إطاراً محترقاً خلال مواجهات مع الشرطة في البصرة أمس (رويترز)
محتج يجر إطاراً محترقاً خلال مواجهات مع الشرطة في البصرة أمس (رويترز)
TT

«الإطارات المحترقة» تقطع أوصال بغداد ومحافظات الجنوب

محتج يجر إطاراً محترقاً خلال مواجهات مع الشرطة في البصرة أمس (رويترز)
محتج يجر إطاراً محترقاً خلال مواجهات مع الشرطة في البصرة أمس (رويترز)

سقط عشرات العراقيين، بينهم عناصر أمن، قتلى وجرحى جراء استخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز خلال مواجهات في شوارع وساحات بغداد ومدن أخرى وسط وجنوب البلاد خلال موجة جديدة من التصعيد بدأت أمس شملت غلق الكثير من الطرق الرئيسية من قبل المتظاهرين المطالبين بتغيير النظام السياسي.
وقتل ثلاثة متظاهرين في بغداد، اثنان بالرصاص الحي وواحد بقنبلة الغاز المسيّل للدموع التي تستخدمها القوات الأمنية لتفريق المحتجين المطالبين بإصلاحات، بحسب ما أفاد مصدر طبي. وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إن «متظاهرين اثنين قتلا بالرصاص الحي أحدهما بالرأس، وقُتل ثالث بقنبلة مسيلة للدموع اخترقت عنقه»، مشيراً إلى إصابة أكثر من خمسين شخصاً بجروح. وفي وقت لاحق أمس، أعلنت نقابة الصحافيين الوطنية مقتل المصور الصحافي يوسف ستار خلال تغطيته للمظاهرات قرب ساحة الكيلاني وسط بغداد. وقالت محتجة في بغداد رفضت الإفصاح عن اسمها: «يجب أن يوقفوا (أفراد الأمن) إطلاق الرصاص والتصويب علينا. من هم ومن نحن؟ الطرفان عراقيون. لذلك (أسألهم) لماذا تقتلون إخوتكم؟».
وفي مدينة البصرة، قالت مصادر أمنية إن سيارة مدنية دهست شرطيين وقتلتهما أثناء الاحتجاجات. ونقلت عنهم وكالة «رويترز» أن السائق كان يحاول تفادي مكان الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن عندما صدم اثنين من أفراد الأمن.
وبدت شوارع وساحات رئيسية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد أشبه بساحات للحرب نتيجة الحرائق وأعمدة الدخان الناجمة عن الإطارات التي قام المحتجون بحرقها لقطع الطرق في أحدث موجة من الضغط على السلطات تقوم بها جماعات الحراك العراقية لتحقيق مطالبها التي من بينها اختيار رئيس وزراء جديد من خارج المنظومة الحزبية ومحاسبة المتورطين بدماء المتظاهرين وإجراء انتخابات مبكرة بقانون جديد.
بعد منتصف ليلة الاثنين التي صادفت انتهاء «مهلة الناصرية» التي أعطيت للحكومة، شهدت بغداد إغلاق أكثر من نصف شوارع وطرقاتها الرئيسية واستمرت عمليات القطع حتى ساعات متأخرة من صباح أمس، ما أدى إلى شل حركة التنقل وعدم التحاق غالبية سكان العاصمة بأعمالهم ووظائفهم، قبل أن تتمكن القوات الأمنية من فتح الطرق الرئيسية ومنها طريق محمد القاسم للمرور السريع وبقية الطرق الرابطة بين بغداد وبقية المحافظات.
وقال بيان لخلية الإعلام الأمني إن «جميع الطرق والشوارع التي حاولت المجاميع العنيفة غلقها قد تم فتحها بالكامل، وإن أغلب مناطق العاصمة بغداد تشهد حركة طبيعية وانسيابية في السير». غير أن فرق «قطع الطرق» عادت بعد الظهر وتمكنت من قطع طريق محمد القاسم وبعض الطرق من جديد.
وتضاربت الروايات حول أعداد الضحايا والإصابات نتيجة الاحتكاكات وعمليات الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن، ففيما أعلنت قيادة عمليات بغداد عن إصابة 14 ضابطا نتيجة الحجارة التي رماها المحتجون، تقول جماعات الاحتجاجات إن ما لا يقل عن 60 محتجا سقطوا بين قتيل وجريح نتيجة الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع التي قامت القوات الأمنية برميها على المحتجين قرب طريق محمد القاسم للمرور السريع وساحة الطيران.
وفي محافظة ذي قار ومركزها مدينة الناصرية التي ينظر إليها محليا بوصفها المدينة الأكثر إصرارا على مواصلة الاحتجاج وصولاً إلى تحقيق المطالب الشعبية والتي انطلقت منها «مهلة الأسبوع» رفض المتظاهرون، أمس، طلباً من وزارة الداخلية لتمديد «المهلة» على لسان ضابط كبير برتبة لواء في الوزارة. وأظهر مقطع «فيديو» تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، لقاء عدد من ضباط وزارة الداخلية بمتظاهرين من الناصرية، في محاولة للتفاوض بهدف تخفيف حدة التصعيد وفتح الشوارع. وفي رد عبر (دائرة اتصال هاتفية) على الضابط الكبير الذي يطلب تمديد المهلة، يقول الصيدلاني والناشط البارز علاء للركابي إن «المهلة لن تمدد، ومن لم يحترم مهلة الأسبوع لن يتحرك خلال يومين». وأضاف «لم تكن استقالة عادل عبد المهدي ضمن قائمة مطالبنا، هو مجرد لعبة أتت بها أحزاب السلطة».
وأفاد الناشط رعد الغزي في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن «الناصرية شهدت قطع غالبية الطرق فيها بالإطارات المحترقة، كما شهدت بقية المناطق في المحافظة توقفا شبه عام لحركة التنقل». وأضاف أن «مجموعة من المحتجين نصبت خيامها عن جسر فهد الذي يبعد نحو 25 كيلومترا عن مركز المدينة لقطع الطريق الدولي الرابط بين بغداد والبصرة وبقية المحافظات، وقامت جماعات مسلحة بمهاجمة المعتصمين وأصابت 9 منهم حالات بعضهم خطيرة».
وقال بيان لشرطة ذي قار إنها «قامت بمطاردة 3 سيارات نوع بيك آب، والتصدي لها، فيما توجهت قوة من شرطة النجدة لنقل المصابين من المتظاهرين للمستشفى لغرض التداوي والذين تعرضوا لإطلاق نار أثناء وجودهم على أطراف الجسر السريع (جسر فهد)». وتابع البيان أن «الجهات الأمنية المختصة تواصل إجراء البحث والتفتيش والتحري وجمع المعلومات للتحقيق والكشف عن الجناة».
وشهدت البصرة، انتشاراً أمنياً مكثفاً لكنه لم يحل دون عمليات قطع الطرق المؤدية إلى ميناء خور الزبير وميناء أم قصر ومنع الموظفين من الدوام.
وأبلغ مصدر صحافي «الشرق الأوسط» عن وقوع صدامات بين قوات الصدمة والمحتجين في منطقة الجنينة قرب التقاطع التجاري. وذكر المصدر أن «المحتجين قاموا بعد الظهر بالتجمع في تقاطع الكزيزة في مدخل البصرة لقطع الطريق الدولي الرابط مع بقية المحافظات». وشهدت محافظات المثنى وواسط والديوانية والنجف وكربلاء وبابل عمليات حرق وقطع طرق مماثلة أدت إلى شلل في حركة النقل والعبور في تلك المحافظات.
ورغم التصعيد غير المسبوق الذي شهدته بغداد وبقية المحافظات، أمس، فإنه من غير الواضح مدى جدية السلطات العراقية في الاستجابة العاجلة لمطالب المحتجين، ومن غير الواضح أيضا ما إذا كانت جماعات الحراك ستواصل التصعيد والاستمرار في عمليات قطع الطرق لشل حركة النقل في البلاد.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.