أوكرانيا تجدد مطالبة إيران بتسليمها الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة

الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي يُجري مباحثات مع وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني محمد إسلامي في كييف أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي يُجري مباحثات مع وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني محمد إسلامي في كييف أمس (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تجدد مطالبة إيران بتسليمها الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة

الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي يُجري مباحثات مع وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني محمد إسلامي في كييف أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي يُجري مباحثات مع وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني محمد إسلامي في كييف أمس (أ.ف.ب)

قبل ساعات من زيارة وفد رسمي إيراني لكييف، جددت الحكومة الأوكرانية مطالبة إيران بتسليم الصندوقين الأسودين لطائرة الركاب المنكوبة، غداة تراجع إيراني عن وعود بإرسالهما إلى أوكرانيا.
وقال وزير خارجية أوكرانيا فاديم بريستايكو، أمس، إن أوكرانيا ستنقل رسالة إلى وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني محمد إسلامي، مفادها أن تسليم الصندوقين الأسودين سيُظهر أن إيران تريد تحقيقاً غير متحيز في الحادثة، حسب «رويترز».
وقالت إيران أول من أمس، إنها تسعى لتحليل بيانات الصندوقين الأسودين لطائرة الركاب الأوكرانية التي أسقطها «الحرس الثوري»، ونفت تقريراً سابقاً عن أنها ستسلمهما لأوكرانيا. وصرح بريستايكو في هذا الصدد: «في بادئ الأمر أعلنوا أنهم سيسلموهما، ثم أعلن الشخص نفسه أنهم لن يسلموهما. أوجد ذلك قدراً من سوء الفهم في أوكرانيا وبدأنا نواجه أسئلة: هل سيتم تسليمهما أم لا؟».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بريستايكو، قوله للصحافيين إن الوزير الإيراني جاء «للاعتذار رسمياً» بعد اعتراف إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية خطأً. وصرح: «نأمل أن نتمكن من مناقشة قضايا عملية بينها إعادة الصندوقين الأسودين... وسيكون ذلك دليلاً على استعداد إيران لفتح حوار».
وكانت طائرة «بوينغ 737» متوجهةً إلى كييف لكنها تحطمت بعد دقائق من إقلاعها من مطار طهران في الثامن من يناير (كانون الثاني)، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها ومعظمهم من الإيرانيين والكنديين.
وكثير من الذين قُتلوا في تحطم الطائرة إيرانيون يحملون جنسية أخرى، لكن إيران لا تعترف بحمل الإيرانيين جنسيات أخرى. وقال المتحدث باسم الخارجية عباس موسوي، إنها ستعامل الضحايا باعتبارهم مواطنين إيرانيين، منتقداً بحدة مواقف كندا واتهمها بالمزايدة على مواطنيها.
ولا تعترف إيران بالجنسية المزدوجة. وقال موسوي في مؤتمر صحافي أسبوعي بثه التلفزيون: «أبلغنا كندا بأن طهران تعد مزدوجي الجنسية الذين قُتلوا في تحطم الطائرة مواطنين إيرانيين... إيران في حداد على مقتلهم».
ورفض وزير الخارجية الكندي فرنسوا - فيليب شامبين، الأربعاء الماضي، ما تردد عن الموقف الإيراني من حاملي الجنسية المزدوجة ووصفه بأنه «هراء». وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يوم الجمعة، إن الأمر لم يُطرح بشكل جدي بعد لأن الإيرانيين يدركون أهمية احترام رغبات أسر الضحايا.
وتحطمت الطائرة بُعيد إطلاق إيران صواريخ على الأراضي العراقية، باتجاه القوات الأميركية رداً على ضربة أميركية قرب مطار بغداد، قضت على قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» المسؤول عن العلميات الخارجية لـ«الحرس الثوري».
وبعد أيام اعترفت طهران بإسقاط الطائرة عن طريق «الخطأ» لكنّ دول الضحايا خمس (كندا وأوكرانيا والسويد وأفغانستان وبريطانيا) طالبت بتحقيق دولي شامل وشفاف ومستفيض، داعيةً إلى السماح بـ«الوصول الكامل من دون إعاقة» لمسؤولين أجانب.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».