موسكو تحبط هجوماً على «حميميم» وتحذر من التصعيد

تحدثت عن «اتساع رقعة هجمات المسلحين» منذ مطلع العام

طفل وسط الحطام بعد تدمير منزل أهله بقصف في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
طفل وسط الحطام بعد تدمير منزل أهله بقصف في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

موسكو تحبط هجوماً على «حميميم» وتحذر من التصعيد

طفل وسط الحطام بعد تدمير منزل أهله بقصف في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
طفل وسط الحطام بعد تدمير منزل أهله بقصف في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الدفاعات الجوية في قاعدة «حميميم» تمكنت من إحباط هجوم مساء الأحد الماضي على القاعدة العسكرية، استخدمت فيه طائرات من دون طيار.
وحذر الجيش الروسي، أمس، من استمرار التصعيد، مشيراً إلى اتساع رقعة هجمات المسلحين خلال الأسابيع الأخيرة.
وبعد مرور يوم واحد على هجوم مباغت على مركز عسكري روسي قرب إدلب، ترددت أنباء عن إيقاع خسائر فادحة خلاله في صفوف العسكريين الروس، أقرت موسكو أمس بأن قاعدة «حميميم» تعرضت لهجوم بالدرونات، لكنها أكدت نجاح العسكريين الروس في إحباطه ومنع وصول الطائرات المفخخة إلى أهدافها في القاعدة.
وقالت الوزارة إنه «بحلول مساء 19 يناير (كانون الثاني)، رصدت وسائل الدفاع الجوي الروسية في قاعدة حميميم 3 أهداف جوية صغيرة على بعد كبير، كانت متجهة إلى الموقع العسكري الروسي من الجهة الشمالية الشرقية».
وأضافت الوزارة أن «أنظمة الصواريخ العاملة في القاعدة الروسية دمرت الأهداف على بعد آمن من القاعدة»، مشددة على أن الهجوم لم يسفر عن وقوع إصابات بشرية أو أضرار مادية.
ويعدّ هذا الهجوم الأول على «حميميم» منذ مطلع العام، لكن القاعدة الروسية كانت تعرضت لسلسلة هجمات واسعة النطاق خلال الربع الأخير من العام الماضي، وبررت موسكو عملياتها العسكرية في إدلب، والهجوم الضخم الذي أطلقته القوات النظامية مدعومة بالغطاء الجوي الروسي، بـ«منع تكرار هجمات الإرهابيين على (حميميم) وعلى المواقع العسكرية للجيش السوري». وشددت مراراً، في هذا السياق، على عزمها على «إنهاء هجمات الإرهابيين على قواتها في سوريا»، مشددة على «ضرورة القضاء على الوجود الإرهابي في منطقة إدلب». لذلك يحمل الهجوم الجديد على «حميميم» دلالات مهمة لأنه يوجه رسالة تحدٍّ إلى القوات الروسية على خلفية العمليات العسكرية الجارية في إدلب ومحيطها.
وبالتزامن مع ذلك، أعلنت المؤسسة العسكرية الروسية أنها رصدت خلال الأيام الأخيرة اتساعاً ملحوظاً في طبيعة وحجم العمليات الهجومية التي يشنها المسلحون انطلاقاً من منطقة إدلب والمناطق المجاورة لها، ونقل مصدر أن الجيش السوري تصدى الأحد الماضي في ريف إدلب الجنوبي الشرقي لهجوم عنيف شنه مقاتلو «جبهة النصرة» والمجموعات المتحالفة معها باتجاه نقاط الجيش المتمركزة بالمنطقة وكبدتها خسائر في الأفراد والعتاد. واستخدم المقاتلون، وفقاً للمصدر، أسلحة ثقيلة خلال الهجوم على نقاط الجيش على محور قرية أبو دفنة.
كما أعلن عن تصدي وحدات الجيش لهجوم شنه المسلحون على محور بلدة حلبان التابعة لناحية سنجار بريف مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان رسمي عن مقتل 47 عسكرياً سورياً، و51 مدنياً جراء الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة في سوريا خلال الأيام الأربعة الأخيرة.
وقال مدير «مركز حميميم الروسي للمصالحة» يوري بورينكوف، إنه منذ 16 يناير من العام الحالي «تعرضت مواقع القوات الحكومية في منطقة إدلب لوقف التصعيد، لهجمات من قبل التشكيلات المسلحة غير الشرعية 16 مرة. كما نفذت المجموعات الإرهابية خلال الفترة ذاتها 253 عملية قصف استهدفت البلدات والمدن المسالمة».
وشدد بورينكوف على أن الأوضاع في المنطقة «لم تشهد تصعيداً مثل هذا منذ مايو (أيار) 2019»، مشيراً إلى أن هجمات المسلحين فضلاً عن إيقاعها خسائر في صفوف العسكريين السوريين، أودت بحياة 51 مدنياً وأدت إلى جرح 116. ولفت إلى أن «المسلحين، الذين استخدموا سابقاً بشكل أساسي أسلحة وذخيرة يدوية الصنع مثل قواذف عبوات الغاز، كثفوا الآن استخدام أسلحة وذخيرة مصنوعة في بلدان حلف الناتو».
وخلال الساعات الـ24 الماضية سجل «مركز حميميم» 65 حالة قصف من قبل التشكيلات المسلحة في منطقة إدلب وحدها.
وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن التصعيد حال دون خروج أي مدني خلال يومي السبت والأحد من منطقة إدلب عبر المعابر التي فتحتها القوات السورية بدءاً من 13 يناير الحالي. وزاد المتحدث العسكري أن الجماعات المسلحة شنت هجومين واسعين على مواقع الجيش السوري في المنطقة يوم السبت، أسفرا عن مقتل 10 عسكريين، وتسببا في إصابة 15 آخرين.
وأوضح بورينكوف أن «الهجوم يعدّ الأوسع خلال الفترة الأخيرة، وشاركت فيه مجموعة يزيد قوامها على 130 مسلحاً، تدعمهم سيارات مزودة بأسلحة ثقيلة من منطقة الغدفة في الاتجاه الجنوبي الشرقي، في محاولة لخرق المواقع الدفاعية لقوات الحكومة السورية، التي تمكنت من صد الهجوم بالاستخدام المكثف للمدفعية والدبابات»، موضحاً أن «3 مجموعات؛ كل منها مكونة مما بين 50 و70 مسلحاً، نفذت هجمات عنيفة في مناطق بمحافظة إدلب على مواقع الجيش السوري، ووفقاً لمعطيات، فإن 15 مسلحاً قتلوا وأصيب 25 آخرون، فيما فرّ الباقون».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.