إجراءات أمنية «لمواجهة المخربين» بعد اجتماع موسّع برئاسة عون

جانب من الاجتماع الأمني الموسع في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)
جانب من الاجتماع الأمني الموسع في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)
TT

إجراءات أمنية «لمواجهة المخربين» بعد اجتماع موسّع برئاسة عون

جانب من الاجتماع الأمني الموسع في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)
جانب من الاجتماع الأمني الموسع في القصر الجمهوري (دالاتي ونهرا)

كانت المستجدات الأمنية التي رافقت تصاعد المواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين في شوارع بيروت في الأيام الماضية، محور اجتماع أمني موّسع، هو الأول منذ بدء الاحتجاجات في لبنان، دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، وشهد اتخاذ قرارات مرتبطة بالتعامل مع المتظاهرين ومن وصفوا بـ«المندسين»، بناء على تقارير الأجهزة الأمنية.
وضم الاجتماع وزيري الداخلية والبلديات والدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن وإلياس بوصعب، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ومديري قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة اللواء عماد عثمان واللواء عباس إبراهيم واللواء طوني صليبا، وقيادات أمنية.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان إن «الرئيس عون نوّه في بداية الاجتماع بالجهود التي بذلتها القوى العسكرية والأمنية خلال الأحداث التي وقعت في بيروت وعدد من المناطق في الأسابيع الماضية»، داعياً إلى «التمييز بين المتظاهرين السلميين وأولئك الذي يقومون بأعمال شغب واعتداءات».
واستمع الحاضرون إلى تقارير قدمها رؤساء الأجهزة الأمنية عن الأوضاع العامة في البلاد والإجراءات التي اعتمدت «لمواجهة العناصر التي تندس في صفوف المتظاهرين للقيام بأعمال تخريبية والتي اتضح أنها تعمل ضمن مجموعات منظمة»، بحسب البيان الرئاسي.
وبعد المناقشة، تقرر «اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المتظاهرين السلميين ومنع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وردع المجموعات التخريبية، والتنسيق مع الأجهزة القضائية لتطبيق القوانين المرعية الإجراء». كما تقرر «تعزيز التنسيق بين الأجهزة العسكرية والأمنية لضمان حسن تنفيذ الإجراءات التي تم اتخاذها».
وقالت مصادر مطلعة على الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن التقارير التي قدمها قادة الأجهزة «أظهرت أن مندسين ينتمون إلى مجموعات تخريبية تم التعرف على هوية قيادييها الذي لا يشاركون دائماً على الأرض، وهم في معظمهم من الشمال والبقاع إنما يتم استقدامهم إلى بيروت». ولفتت إلى اتخاذ «قرار بشأن الإجراءات التي ستتخذ لمعالجة وجود هؤلاء وسيتم الإعلان عنها لاحقاً».
وكشفت مصادر متابعة للاجتماع الأمني الذي عُقد في قصر بعبدا، عن أن الأجهزة الأمنية «أصبح لديها اطلاع على الأسماء والهويات، وتبين أن بعض الأمور التي ضُبطت معهم مكتوب عليها باللغة التركية، كأن هناك تواصلاً بين من يحرّك هذه المجموعات وجهات تركية».
وخلال الاجتماع الأمني، كشفت التقارير أن «بعض المجموعات التي تنظم موجات العنف الحاصلة وضعت مخططاً على ثلاث مراحل، ونحن الآن في المرحلة الثانية أي مرحلة العنف، أما المرحلة الثالثة فهي الأخطر، إذ إنها تتمثل بالمرحلة الدموية. ومن هنا كان الاتفاق على تفعيل التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة على أعلى مستوى في ظل الإصرار على حماية المتظاهرين».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.