إردوغان يطلب من بوتين وقف انتهاكات النظام لهدنة إدلب

خلال مباحثاتهما في برلين أمس

أطفال نزحوا مع عوائلهم إلى الأتارب هرباً من قصف الطيران الحربي على ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)
أطفال نزحوا مع عوائلهم إلى الأتارب هرباً من قصف الطيران الحربي على ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يطلب من بوتين وقف انتهاكات النظام لهدنة إدلب

أطفال نزحوا مع عوائلهم إلى الأتارب هرباً من قصف الطيران الحربي على ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)
أطفال نزحوا مع عوائلهم إلى الأتارب هرباً من قصف الطيران الحربي على ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الوضع في إدلب، والانتهاكات التي يتعرض لها وقف إطلاق النار المعلن هناك، خلال لقائهما أمس على هامش مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا، أمس (الأحد).
وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء الذي حضره من الجانب التركي كل من وزيري الخارجية مولود جاويش أوغلو، والدفاع خلوصي أكار، إضافة لرئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة فخر الدين ألطون، والمبعوث التركي الخاص إلى ليبيا أمر الله إيشلر، تناول التطورات في كل من سوريا، ولا سيما وقف إطلاق النار في إدلب الذي تم التوصل إليه باتفاق تركي - روسي، إلى جانب الجهود المشتركة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا.
وأضافت المصادر أن الجانب التركي طالب بضرورة العمل على الحفاظ على وقف إطلاق النار بحسب الاتفاق مع روسيا، ووقف هجمات النظام على جنوب وشرق إدلب، ومنطقة خفض التصعيد في حلب، من أجل وقف موجة النزوح الكبيرة للمدنيين، والمساعدة في وصول المساعدات إليهم.
وكان إردوغان قد صرح قبل توجهه إلى برلين، أمس (الأحد)، بأنه سيطرح مسألة إدلب خلال مباحثاته على هامش المؤتمر الدولي حول ليبيا.
وقال إردوغان إن مجازر نظام بشار الأسد بحق المدنيين لا تزال مستمرة، رغم إعلان وقف إطلاق النار في إدلب، مشيراً إلى أن 19 مدنياً قتلوا جراء هجوم لقوات النظام على سوق في إدلب الأسبوع الماضي، مضيفاً أنه «حان الوقت لإيقاف وحشية النظام».
وقتل عشرات من جنود الجيش السوري الحكومي وفصائل المعارضة والمدنيين في معارك جرت في إدلب يومي الأربعاء والخميس، خلال هجوم للجيش الحكومي، رغم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه باتفاق بين روسيا وتركيا. ويتواصل نزوح سكان ريف حلب الواقع ضمن «خفض التصعيد» باتجاه الحدود التركية، جراء هجمات روسيا والنظام والميليشيات المدعومة من قبل إيران.
واتهم إردوغان حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بـ«الكذب»، والادعاء بأن المدنيين الذين قتلوا في إدلب «إرهابيون»، وقال: «النظام السوري أثبت أنه غير ملتزم بوقف إطلاق النار في منطقة إدلب، والحجة جاهزة دائماً، وهي أن الإرهابيين يفعلون كذا وكذا، هذا كله كذب... هل يعقل أن يكون هناك إرهابيون من الأطفال بعمر 3 و4 و5 سنوات، وكذلك الأمهات».
وفي السنوات الأخيرة، عملت روسيا مع تركيا بتنسيق وثيق في سوريا، رغم دعمهما أطرافاً متحاربة. وأعلنت موسكو وأنقرة، مؤخراً، التوصل لوقف لإطلاق النار في محافظة إدلب، الواقعة بمعظمها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، وتنشط فيها فصائل معارضة مسلحة أخرى أقل نفوذاً، لكن وقف اتفاق إطلاق النار الذي بدأ سريانه الأسبوع الماضي لم يصمد.
وقتل 4 مدنيين، السبت، جراء قصف روسي استهدف الريف الغربي لمحافظة حلب الواقع ضمن منطقة «خفض التصعيد»، رغم وقف إطلاق النار. وأوضح مرصد مراقبة الطيران التابع للمعارضة السورية أن مقاتلات روسية شنت، فجر أول من أمس، غارات على منطقة دارة عزة وقرى تابعة لها.
وقالت مصادر بالمعارضة السورية إن فصائلها أحبطت هجوماً لقوات النظام على الريف الشرقي لمحافظة إدلب، السبت، واستعادت السيطرة على قريتي «تل خطرة» و«تل مصطيف» شرق إدلب. ودمرت 4 دبابات وناقلة جنود ومستودع أسلحة في محور الريف الشرقي لإدلب.
وكشفت مصادر عن مقتل مسلحين من الميليشيات المدعومة من إيران وقوات خاصة روسية ممن يقاتلون إلى جانب قوات النظام السوري خلال تلك المعارك.
ويتواصل نزوح سكان ريف حلب الواقع ضمن «خفض التصعيد» باتجاه الحدود التركية، جراء هجمات روسيا والنظام والميليشيات المدعومة من إيران. وذكرت تقارير أن نحو 14 ألف مدني فروا إلى مناطق قريبة من حدود تركيا جراء الهجمات.
وفي سياق متصل، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات الدرك التركية التي تتولى حراسة الحدود قتلت مواطنة سورية من أهالي بلدة معرشورين، بريف معرة النعمان الشرقي، في أثناء محاولتها العبور باتجاه الأراضي التركية من منطقة دركوش الحدودية، غرب مدينة إدلب.
وقال المرصد إن قوات الدرك التركية تواصل استهداف المدنيين السوريين الباحثين عن منطقة آمنة من القصف الروسي والسوري، بعد أن أجبرتهم العمليات العسكرية على الخروج من مناطقهم.
وبحسب المرصد، ارتفع عدد المدنيين السوريين الذين قتلوا برصاص الدرك التركي منذ عام 2011 إلى 442 مدنياً، من بينهم 77 طفلاً دون الثامنة عشرة، و44 مواطنة فوق هذه السن.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.