مواطنون ليبيون يجمعون على أولويتي «جمع السلاح» و«تشكيل حكومة وحدة»

TT

مواطنون ليبيون يجمعون على أولويتي «جمع السلاح» و«تشكيل حكومة وحدة»

عصفت الحرب على العاصمة طرابلس، باستقرار شريحة كبيرة من المواطنين الليبيين، الذين لا يزالون يحلمون بعودة الأمور إلى نصابها، ويتمسكون بـ«أي بارقة أمل»، تعيد آلاف النازحين والطلاب إلى ديارهم ومدارسهم، وتوفر الأمن للمهمشين في البلد الغني بالنفط.
وتسببت معركة طرابلس، التي دخلت شهرها العاشر، في تدمير مئات المنازل ونزوح آلاف العائلات للإقامة في العراء أو داخل البنايات المهجورة والمصانع والمدارس المعطلة.
وقال رائف سليماني، الذي نزح هو وأسرته إلى مدينة جنزور (12 كيلومتراً غرب طرابلس)، إنه «يحلم بتوقف الحرب بشكل نهائي»، والعودة إلى منزله في وادي الربيع رغم تدميره ونهب محتوياته، مضيفاً: «كرهنا السياسة والسياسيين، لكن نتمسك بحقنا في حياة آمنة بعيداً عن القنص بالرصاص».
وأضاف سليماني لـ«الشرق الأوسط» أنه «يتمنى توحيد المؤسسات في ليبيا، بعيداً عن الجهوية والمناطقية (...) رسالتي لقادة الدول هي أنهم يجب أن يكفوا أيديكم عن ليبيا... كفانا تدخلاً في شؤوننا منذ عميلة (حلف الناتو) التي دمرت ليبيا بعدما أسقطت النظام السابق».
ولخص أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ما يبتغيه المواطن الليبي من القادة الذين اجتمعوا في برلين، وهو اختيار رئيس وزراء مستقل عن المجلس الرئاسي يشكل حكومة وحدة وطنية انتقالية، والإعلان عن انتخابات نيابية ورئاسية في زمن محدد، وتفكيك وحل الجماعات والتشكيلات المسلحة، بالإضافة إلى منع التدخل الأجنبي في ليبيا، ووقف خروقات حظر توريد السلاح إلى ليبيا.
واتسعت دائرة المتضررين في العاصمة لتشمل الأطفال، وطلاب المدارس والجامعات، وهو ما دعا منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إلى التحذير من أن عشرات آلاف الأطفال في ليبيا «باتوا مُعرضين للخطر وسط العنف والفوضى الناجمة عن نزاع لا يهدأ». وقالت في بيان لها مساء أول من أمس، إنها «تلقت تقارير عن تجنيد الأطفال في القتال وتعرّض بعضهم إلى الإصابة بجراح أو القتل»، ونوّهت بأن هذه الأجواء «أجبرت أكثر من 150 ألف شخص؛ 90 ألفاً منهم من الأطفال، على الفرار من منازلهم ليصبحوا الآن في عداد النازحين». وتخوفت المنظمة من أن أضرار الحرب طالت 30 مرفقاً صحياً نتيجة النزاع، ما اضطر 13 منها إلى الإغلاق التام، بالإضافة إلى وجود ما يقرب من 200 ألف طفل خارج مقاعد الدراسة، بسبب تعرض مدارسهم للتهديد.
وقال خالد الغويل مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المواطن الليبي البسيط يحلم بحكومة وحدة وطنية، وبجيش قوي يوفر الحماية للبلاد، ويحافظ على حدودها». وأضاف الغويل أن «الفترة الماضية شهدت تهميش فئات كثيرة بالمجتمع وإقصاءهم، بينهم أنصار النظام السابق، نظراً لتغوّل الميليشيات المسلحة في البلاد، والاحتكام للسلاح الخارج عن قوة وسلطة الدولة»، ورأى أنه «آن الأوان لأن يأخذ كل ليبي حقه، ويعيش في وطنه بكرامة».
وأسهم توفر السلاح وانتشاره في أيدي المواطنين في إشاعة أجواء من الفوضى والقتل بالبلاد على مدار السنوات الماضية، رغم مبادرات عدة لجمعه، بداية من عام 2012، عندما انطلقت أولاها بمدينتي طرابلس وبنغازي تحت شعار «أمن بلادك بتسليم سلاحك» برعاية من أجهزة الدولة الحاكمة وقتها.
وفي فبراير (شباط) 2013، وضعت الولايات المتحدة مع ليبيا خطة سرية تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات والمقدّر عددها بـ20 ألف صاروخ، وهو ما لم يحدث، ثم في يوليو (تموز) 2014، قدم البرنامج الليبي للإدماج والتنمية الذي عرف بعد تأسيسه بـ«هيئة شؤون المحاربين» استراتيجية مفصلة لجمع السلاح، بالتعاون مع المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية.
وينظر لانتشار السلاح في ليبيا على أنه أحد أهم منغّصات حياة الليبيين خصوصاً في العاصمة. وقال النازح رائف سليماني: «السلاح في ليبيا يشهد عملية تجارة واسعة لأشخاص، ويستخدم في تصفية الخصوم السياسيين»، الأمر الذي كشف عنه المبعوث الأممي غسان سلامة في أكثر من إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن الدولي، وهو يطالب بتجديد حظر تسليح ليبيا، وقال «إن بلداً به 20 مليون قطعة سلاح لا يحتاج إلى قطعة إضافية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.