إيطاليا تحتفل بمئوية ميلاد فيلليني

كان يراهن على الصمت أكثر مما يراهن على الكلمة

المخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني
المخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني
TT

إيطاليا تحتفل بمئوية ميلاد فيلليني

المخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني
المخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني

من خلال عروض سينمائية متعددة وفي معظم المدن الكبرى، ومعارض فوتوغرافية وإعلانات الأفلام السينمائية، وإقامة الندوات والمحاضرات، وافتتاح متحف يضم كل الوثائق والحاجيات الخاصة والصور والشواهد والرسوم التي أنجزها الراحل، تحتفل إيطاليا والعديد من دول العالم هذه الأيام بالذكرى المئوية لميلاد السينمائي الإيطالي فيديريكو فيلليني الذي ولد في مدينة ريمني في الشمال الإيطالي 20 يناير (كانون الثاني) عام 1920. ورحل عن عالمنا عن ثلاثة وسبعين عاماً.
«المايسترو»، أحد الاستثناءات السينمائية الفريدة التي لا يمكن أن يتماثل أو يماثل مع أقرانه من كبار السينمائيين، فقد صار جزءاً لا يتجزأ من ضمير إيطاليا المعاصرة المهووسة بالمظاهر والتي نكاد لا نعرف صورة عنها غير تلك التي رسمها في أفلامه. وهو يعد واحداً من آخر رعيل السينمائيين العالميين الكبار لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ممن أضافوا نفساً ثقافياً مميزاً وغيرّ الكثير من المفاهيم السائدة حول السينما وأهدافها وأغراضها الاجتماعية.
فيلليني المشاكس والمهرج والساحر في مدرسة الواقعية الإيطالية، يعتبر في مقدمة الفنانين الذين أعطوا الكثير لفن صناعة السينما والذين ظلوا بأسلوبهم عصيين عن الكشف، ولهم ذلك السحر الذي كشف لنا عن عوالم فانتازية لذيذة في السينما، هي خليط من السريالية والتكعيبية والرمزية والتعبيرية، ظل من خلالها مراقباً ومتأملاً وواعياً لأبسط الأشكال والأفعال، متوهجاً بخياله في ثراء فذ.
قال عنه الكاتب الإيطالي ألبيرتو مورافيا بعد رؤيته الفيلم التاريخي ساتيركون «المأساة الساخرة» الذي صوره داخل مبنى الكولوسيوم التاريخي الذي يقع في قلب العاصمة الإيطالية، ويتناول فيه مشكلة تاريخية وهي مصير الإمبراطورية الرومانية بأنه «يصور أحلامه» ولقد كان هذا صحيحاً لأن فيلليني له حياة سرية خاصة لم تظهر إلا في أفلامه التي كانت هي أحلامه التي استمد منها خصوصيته الفنية، وكان يقول على الدوام: «إن الكثير من المشكلات الفنية يمكن حلها من خلال الأحلام، فالعديد من أفضل أفكاري تخطر لي وأنا نائم، فهي صور وليست كلمات، وحين أصحو أحاول رسمها دون إبطاء قبل أن تبهت وتتلاشى، فالكثير من أفكاري السينمائية جاءتني في أحلامي، ولم أعرف كيف أو لماذا».
من خلال أفلامه التي تعد تركيبة عجائبية لمختبر من الأحلام المتشكل من الأفعال والألوان والكلمات والصور، يمكن تلمس هذه الأحلام التي سلكها هذا العاشق الذي غاص بجرأة وواقعية في أعماق إيطاليا التي لفها قناع الزيف الحضاري والتقدم الرأسمالي. لقد ظل أحد الاستثناءات السينمائية الفريدة التي لا يمكن أن يتماثل أو يماثل مع أقرانه من الكبار السينمائيين، وبقي أميناً إلى إيطاليته حتى النخاع، لم يعبر حدودها أو تاريخها أو رموزها، ولكن أيضاً دون أن يتخلى لحظة عن شمولية قناعاته ومواقفه من الإنسان والحياة والموت والغربة والذاكرة والتاريخ وغيرها من العناصر التي كان يضعها في إطار سينمائي مشوب بالتهكم والسخرية والانتقاد اللاذع، وهي مسلمات ظل محافظاً عليها حتى آخر أفلامه «صوت القمر» الذي قدمه عام 1990.
هدفه كان دائماً روما التي أصبحت محوراً لأعماله، ومستقراً له يكره الابتعاد عنها، وفي كل مرة يغادرها، يعود إليها ملهوفاً. يقول: «مهما غادرت روما وعدت إليها، فإن روما تبدو لي عند كل عودة أروع منها في أي وقت مضى، لقد أحببت دائماً أن أسكن في الأماكن القديمة، فإذا سكنت في مكان جديد يجعلك تشعر بالهرم والشيخوخة في حين أن الأماكن القديمة فقد أعطتها القرون مظهرها التاريخي العريق، ولا يمكن لك أن تتبين التبدلات التي تحدثها عقود قديمة».
ومنذ جاء إلى روما أصبحت مقره الدائم، فلقد ولد في لحظة حضوره إليها، يوم ميلاد جديد: «لحظة رأيت روما، امتلأ قلبي رهبة، وفي الوقت ذاته شعرت بأنني جئت إلى بيتي، عرفت أن روما هي المكان الذي قدر لي أن أعيش فيه، وعلي أن أعيش فيه، فإليها كنت أنتمي».
لقد تفرد هذا الفنان المبدع بأفلامه وأسمائها وتعبيراته فيها، بالضبط مثلما تفرد في نظرته للأشياء ونفسه والناس من حوله، فهو يتحدث عن عمله وكأنه يتحدث بفتنة عن عشق حبيبته: «كل يوم لا أعمل فيه، أعتبره يوماً ضائعاً، لذلك فإن صناعة أي فيلم بالنسبة لي أشبه بممارسة الحب، فأسعد اللحظات عندي تتمثل بعمل فيلم، ومع أن العمل يستحوذ علي كلية، ويستهلك وقتي وأفكاري وطاقتي كلها، إلا أني أشعر بحرية أكبر من أي وقت آخر، أشعر بالعافية حتى وإن لم يغمض لي جفن، وما أستمتع به عادة في الحياة، يزداد استمتاعي به لأنني أكون في ذروة النشاط الذهني، فالطعام يغدو أطيب، والعاطفة تغدو أفضل. في أوقات الإخراج أكون مفعماً بالحياة إلى أقصى حد، أكون في ذروة إنسانيتي، تفاجئني طاقة خاصة تجعلني قادراً على القيام بكل الأدوار، والمشاركة في كل أعمال الفيلم من غير أن أتعب أبداً، ومهما تأخر وقت التصوير ليلاً فإني لا أكاد أستطيع الانتظار إلى اليوم التالي». ومع أن السينما تسمم الدم تماماً كالعمل في المناجم حسب قول العديد من المخرجين إلا أن فيلليني يقول: «إن الفيلم حينما ينتهي فإنه يغادرني إلى الأبد، حاملاً معه كل شيء بما فيه الذكريات».
كان فيلليني على رغم مظاهر المشاكسة والمرح والسخرية والخيال الخصب، والشعور بالزهو، إنسان شديد الانطوائية، فهو يراهن على الصمت أكثر مما يراهن على الكلمة، حتى يبدو في أحيان كثيرة عاجزاً عن الخروج من حزنه وصمته الذي ورثه من بيئته الشمالية في مدينة ريميني التي غادرها أولاً إلى مدينة فلورنسا عاصمة عصر النهضة ليبدأ عمله عبر نشر رسومه الكاريكاتيرية، وكتابة القصص الساخرة في صحافتها، حيث رافقته هذه العادة إلى العمل السينمائي، فانكب على رسم وتخيل شخصيات أشرطته وديكوراتها وإكسسواراتها، وبعد سنوات قليلة أخذ يكتب النصوص الإذاعية المسرحية والأغاني الاستعراضية للمسرح، ثم يتحول بعد علاقة قوية بكاتب السيناريو الإيطالي المعروف جيروته ليني، إلى مرحلة جديدة من حياته تتمثل بكتابته السيناريوهات للأفلام السينمائية.
لقد غرف فيلليني من الأرياف بكل ما تزخر به من صور وخيالات وبساطة واقع وتفكير، حيث عاش مع جدته التي هي «أهم شخصية في حياتي» كما يقول، ولم يكن يستطع أن يتصور حياته من دونها، «إنها الجدة الأكثر قرباً إلى نبع الإلهام». إنها الجدة التي تعلم منها مشاهدة الحياة وجمعها في مخيلته، لذلك نراه في معظم أفلامه يحاول جمع كل شيء داخل الفيلم لتكون مرجعاً ضخماً لصور ومشاهد لم تكن تتعامل معها السينما الإيطالية في كل تاريخها، وهذا جعل أسلوبه متميزاً، وجعل منه مبدعاً دونما منازع ليس في إيطاليا وحدها وإنما في بلدان أخرى كثيرة. لقد عاشر عوالم الموسيقى الشعبية ومشعوذي السيرك، ولاعبي الأكروباتيك، ونافخي النيران، ورجال العصابات المحلية، وأدعياء السياسة، ومرتزقي الفن، وعشرات النماذج الأخرى. وكل هذا وجد سبيله إلى عين فيلليني وذاكرته ليبثهم بغزارة احتفالية أخاذة في مجمل ما أنتجه من أفلام.
قال عنه الناقد السينمائي الإيطالي توليو كزيش «إن أروع عمل لفيلليني هو فيلليني نفسه الذي لا يقل روعة عن أفلامه التي أثرى بها تاريخ السينما العالمية» إلا أن المايسترو لم يعتَد أن يتحدث عن أفلامه أو عن نفسه، فهو كان يتعمد الهرب من الحقائق في أذهان من كتبوا عنه، وهو على ما يبدو كان يجد متعة كبيرة في تضليلهم، ومقابل ذلك فقد تحدث كثيراً عن مشاريع لتصوير أفلام دون أن يتمكن من تنفيذها، فهو يقول: «كل مشاريعي جامدة، لقد تحدثت عنها كثيراً لدرجة بات لدي انطباع بأنني نفذتها».



أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك
TT

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك

يُقال إن أكتافيو باث طلب ذات مرة من أليخاندرا بيثارنيك أن تنشر بين مواطنيها الأرجنتينيين قصيدة له، كان قد كتبها بدافع من المجزرة التي ارتكبتها السلطات المكسيكية ضد مظاهرة للطلبة في تلاتيلوكو عام 1968. وعلى الرغم من مشاعر الاحترام التي تكنها الشاعرة لزميلها المكسيكي الكبير فإنها لم تستطع تلبية طلبه هذا، لأنها وجدت القصيدة سيئة. ربما يكون هذا مقياساً لعصرنا الذي ينطوي من جديد على صحوة سياسية، ليس أقلها بين الشباب، وفي الوقت الذي تتعرض فيه الشرطة للمتظاهرين وتطلق النار عليهم كما حدث عام 1968، فإن شاعرة «غير سياسية» بشكل نموذجي مثل أليخاندرا بيثارنيك تشهد اليوم انبعاثاً جديداً، ففي إسبانيا لقيت أعمالها الشعرية نجاحاً حقيقياً وهي مدرجة بانتظام في قوائم أهم شعراء اللغة الإسبانية للألفية الفائتة، وهي تُقرأ وتُذكر في كل مكان، بالضبط كما حدث ذلك في الأرجنتين خلال السبعينات.

وإذا لم أكن مخطئاً، فإن هذا النوع المميز من شعرها «الخالص» يُفهم على أنه أبعد ما يكون عن السياسة. إن انجذابها للاعتراف، وسيرتها الذاتية الأساسية، إلى جانب التعقيد اللغوي، تمنح شعرها إمكانية قوية لمحو الحدود بين الحياة والقصيدة، تبدو معه كل استعراضات الواقع في العالم، كأنها زائفة وتجارية في الأساس. إنها تعطينا القصيدة كأسلوب حياة، الحياة كمعطى شعري. وفي هذا السياق يأتي شعرها في الوقت المناسب، في إسبانيا كما في السويد، حيث يتحرك العديد من الشعراء الشباب، بشكل خاص، في ما بين هذه الحدود، أي بين الحياة والقصيدة.

تماماَ مثل آخرين عديدين من كبار الشعراء في القرن العشرين كانت جذور أليخاندرا بيثارنيك تنتمي إلى الثقافة اليهودية في أوروبا الشرقية. هاجر والداها إلى الأرجنتين عام 1934 دون أن يعرفا كلمة واحدة من الإسبانية، وبقيا يستخدمان لغة اليديش بينهما في المنزل، وباستثناء عم لها كان يقيم في باريس، أبيدت عائلتها بالكامل في المحرقة. في الوطن الجديد، سرعان ما اندمجت العائلة في الطبقة الوسطى الأرجنتينية، وقد رزقت مباشرة بعد وصولها بفتاة، وفي عام 1936 ولدت أليخاندرا التي حملت في البداية اسم فلورا. لقد كانت علاقة أليخاندرا بوالديها قوية وإشكالية في الوقت نفسه، لاعتمادها لوقت طويل اقتصادياً عليهما، خاصة الأم التي كانت قريبة كثيراً منها سواء في أوقات الشدة أو الرخاء، وقد أهدتها مجموعتها الأكثر شهرة «استخلاص حجر الجنون».

في سن المراهقة كرست أليخاندرا حياتها للشعر، أرادت أن تكون شاعرة «كبيرة» ووفقاً لنزعات واتجاهات الخمسينات الأدبية ساقها طموحها إلى السُريالية، وربما كان ذلك، لحسن حظها، ظرفاً مؤاتياً. كما أعتقد بشكل خاص، أنه كان شيئاً حاسماً بالنسبة لها، مواجهتها الفكرة السريالية القائلة بعدم الفصل بين الحياة والشعر. ومبكراً أيضاً بدأت بخلق «الشخصية الأليخاندرية»، ما يعني من بين أشياء أُخرى أنها قد اتخذت لها اسم أليخاندرا. ووفقاً لواحد من كتاب سيرتها هو سيزار آيرا، فإنها كانت حريصة إلى أبعد حد على تكوين صداقات مع النخب الأدبية سواء في بوينس آيرس أو في باريس، لاحقاً، أيضاً، لأنها كانت ترى أن العظمة الفنية لها جانبها الودي. توصف بيثارنيك بأنها اجتماعية بشكل مبالغ فيه، في الوقت الذي كانت نقطة انطلاق شعرها، دائماً تقريباً، من العزلة الليلية التي عملت على تنميتها أيضاً.

بعد أن عملت على تثبيت اسمها في بلادها ارتحلت إلى باريس عام 1960، وسرعان ما عقدت صداقات مع مختلف الشخصيات المشهورة، مثل خوليو كورتاثار، أوكتافيو باث، مارغريت دوراس، إيتالو كالفينو، وسواهم. عند عودتها عام 1964 إلى الأرجنتين كانت في نظر الجمهور تلك الشاعرة الكبيرة التي تمنت أن تكون، حيث الاحتفاء والإعجاب بها وتقليدها. في السنوات التالية نشرت أعمالها الرئيسية وطورت قصيدة النثر بشكليها المكتمل والشذري، على أساس من الاعتراف الذي أهلها لأن تكون في طليعة شعراء القرن العشرين. لكن قلقها واضطرابها الداخلي سينموان أيضاً ويكتبان نهايتها في الأخير.

أدمنت أليخاندرا منذ مراهقتها العقاقير الطبية والمخدرات وقامت بعدة محاولات للانتحار لينتهي بها المطاف في مصحة نفسية، ما ترك أثره في كتابتها الشعرية، بطبيعة الحال. وهو ما يعني أنها لم تكن بعيدة بأي حال عن الموت أو الأشكال المفزعة، إلى حد ما، في عالم الظل في شعرها بما يحوز من ألم، يعلن عن نفسه غالباً، بذكاء، دافعا القارئ إلى الانحناء على القصيدة بتعاطف، وكأنه يستمع بكل ما أوتي من مقدرة، ليستفيد من كل الفروق، مهما كانت دقيقة في هذا الصوت، في حده الإنساني. على الرغم من هذه الحقيقة فإن ذلك لا ينبغي أن يحمل القارئ على تفسير القصائد على أنها انعكاسات لحياتها.

بنفس القدر عاشت أليخاندرا بيثارنيك قصيدتها مثلما كتبت حياتها، والاعتراف الذي تبنته هو نوع ينشأ من خلال «التعرية». إن الحياة العارية تتخلق في الكتابة ومن خلالها، وهو ما وعته أليخاندرا بعمق. في سن التاسعة عشرة، أفرغت في كتابها الأول حياتها بشكل طقوسي وحولتها إلى قصيدة، تعكس نظرة لانهائية، في انعطافة كبيرة لا رجعة فيها وشجاعة للغاية لا تقل أهمية فيها عن رامبو. وهذا ما سوف يحدد أيضاً، كما هو مفترض، مصيرها.

وهكذا كانت حياة أليخاندرا بيثارنيك عبارة عن قصيدة، في الشدة والرخاء، في الصعود والانحدار، انتهاءً بموتها عام 1972 بعد تناولها جرعة زائدة من الحبوب، وقد تركت على السبورة في مكتبها قصيدة عجيبة، تنتهي بثلاثة نداءات هي مزيج من الحزن والنشوة:«أيتها الحياة/ أيتها اللغة/ يا إيزيدور».

ومما له دلالته في شعرها أنها بهذه المكونات الثلاثة، بالتحديد، تنهي عملها: «الحياة»، و«اللغة»، و«الخطاب» (يمثله المتلقي). هذه هي المعايير الرئيسية الثلاثة للاحتكام إلى أسلوبها الكتابي في شكله المتحرك بين القصائد المختزلة المحكمة، وقصائد النثر، والشظايا النثرية. ولربما هذه الأخيرة هي الأكثر جوهرية وصلاحية لعصرنا، حيث تطور بيثارنيك فن التأمل والتفكير الذي لا ينفصل مطلقاً عن التشابك اللغوي للشعر، لكن مع ذلك فهو يحمل سمات الملاحظة، أثر الذاكرة، واليوميات. في هذه القصائد يمكن تمييز نوع من فلسفة الإسقاط. شعر يسعى إلى الإمساك بالحياة بكل تناقضاتها واستحالاتها، لكن لا يقدم هذه الحياة أبداً، كما لو كانت مثالية، وبالكاد يمكن تعريفها، على العكس من ذلك يخبرنا أن الحياة لا يمكن مضاهاتها أو فهمها، لكن ولهذا السبب بالتحديد هي حقيقية. في قصائد أليخاندرا بيثارنيك نقرأ بالضبط ما لم نكنه وما لن يمكن أن نكونه أبداً، حدنا المطلق الذي يحيط بمصيرنا الحقيقي الذي لا مفر منه، دائماً وفي كل لحظة.

* ماغنوس وليام أولسون Olsson ـ William Magnus: شاعر وناقد ومترجم سويدي. أصدر العديد من الدواوين والدراسات الشعرية والترجمات. المقال المترجَم له، هنا عن الشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيثارنيك، هو بعض من الاهتمام الذي أولاه للشاعرة، فقد ترجم لها أيضاً مختارات شعرية بعنوان «طُرق المرآة» كما أصدر قبل سنوات قليلة، مجلداً عن الشاعرة بعنوان «عمل الشاعر» يتكون من قصائد ورسائل ويوميات لها، مع نصوص للشاعر وليام أولسون، نفسه. وفقاً لصحيفة «أفتون بلادت». على أمل أن تكون لنا قراءة قادمة لهذا العمل. والمقال أعلاه مأخوذ عن الصحيفة المذكورة وتمت ترجمته بإذن خاص من الشاعر.