برلين «الليبية»... «جيش» من الأمن والصحافيين... وسيّاح

عناصر من الشرطة الألمانية في برلين (رويترز)
عناصر من الشرطة الألمانية في برلين (رويترز)
TT

برلين «الليبية»... «جيش» من الأمن والصحافيين... وسيّاح

عناصر من الشرطة الألمانية في برلين (رويترز)
عناصر من الشرطة الألمانية في برلين (رويترز)

بدت برلين اليوم وكأنها على أهبة الاستعداد لحرب. ففي يوم العطلة الأسبوعي، يوم الأحد، {توارى} سكان المدينة التي بدت شوارعها خالية من المواطنين، باستثناء حفنة من السيّاح الذين كانوا يلتقطون صوراً أمام معالمها الأثرية. في مكانهم، حل جيش من أفراد الأمن أقفلوا الشوارع الرئيسية بعرباتهم وأسلحتهم وكلابهم البوليسية، وجيش آخر من الصحافيين يحملون أيضاً أسلحتهم المعتادة، وهي كناية عن كاميرا أو جهاز تسجيل وورقة وقلم. كانت مهمة الطرف الأول تأمين الحماية لسلسلة من القادة الأجانب الذين توافدوا لحضور {قمة برلين} الليبية، في حين كانت مهمة الطرف الثاني تسليط الضوء على نتائج هذه القمة، بخلافاتها الكثيرة، ولكن أيضاً انتظاراً لإمكان تحقيقها {معجزة} تتمثل في الوصول إلى توافق فعلي يسهم في فتح كوّة في جدار الأزمة الليبية الموصد. ونقلت وكالة {رويترز} اليوم عن مسودة البيان الختامي للقمة دعوة جميع الأطراف للامتناع عن الأعمال العدائية ضد المنشآت النفطية. وتابعت أن المسودة تعترف كذلك بالمؤسسة الوطنية للنفط الليبية في طرابلس باعتبارها الكيان الشرعي الوحيد المسموح له ببيع النفط الليبي، وهو أمر بات يمثّل إشكالية في نظر كثيرين من مؤيدي الجيش الوطني الليبي الذين يحتجون إلى أن من يوصفون بـ {المرتزقة السوريين} الذين ترسلهم تركيا إلى ليبيا يتم تمويلهم من حكومة {الوفاق} بأموال من عائدات النفط الليبي، وهو ما دفع بمحتجين إلى إغلاق بعض موانئ التصدير في اليومين الماضيين. وذكرت {رويترز} أن المسودة ستُناقش خلال القمة.
وقبل افتتاح أعمال القمة رسمياً في وقت لاحق هذا النهار، عقد القادة المشاركون فيها سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائهم في وفود أخرى، بهدف البحث في حل لآخر العقد التي يمكن أن تعرقل حصول توافق على صيغة الحل. وهكذا، تضمن جدول أعمال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لقاءات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد ووزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو. وفي حين تمد الأخيرة حكومة {الوفاق} في طرابلس بمساعدات عسكرية وقوات تابعة لجيشها بالإضافة إلى آلاف المقاتلين السوريين ممن يوصفون بـ {المرتزقة}، لا تخفي مصر والإمارات دعمها للجيش الوطني الليبي في قتاله ضد الجماعات المتشددة، بما فيها تلك التي تنضوي تحت لواء حكومة {الوفاق}. وبالتالي فإن مواقف هذه الدول يُعتبر أساسياً في الملف الليبي.

ونقلت وسائل إعلام تركية أمس عن الرئيس رجب طيب إردوغان، قوله قبل انتقاله إلى برلين، إن بلاده {لعبت دوراً كبيراً في كبح جماح} قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر الذي يحاول منذ شهور السيطرة على العاصمة طرابلس، وهو ما دعا تركيا إلى التدخل عسكرياً لمنع حصوله. وشن إردوغان كذلك هجوماً عنيفاً على حفتر ووصفه بـ {الانقلابي}، في تصعيد واضح قبل بدء أعمال قمة برلين. وفي الإطار ذاته، طالب رئيس حكومة {الوفاق} فائز السراج، في مقابلة مع صحيفة {دي فيلت} الألمانية، بـ {تدخل} دولي لحماية {المدنيين} في طرابلس إذا لم ينه المشير خليفة حفتر هجومه عليها، علماً أن الأتراك يبررون إرسالهم قوات إلى العاصمة الليبية بوجود اتفاق على ذلك مع حكومة {الوفاق}. وذكرت صحيفة {الغارديان} البريطانية قبل أيام أن {المرتزقة السوريين} الذين ترسلهم تركيا إلى ليبيا سيتم دفع رواتبهم من قبل حكومة {الوفاق}، وهو ما فجّر غضباً في ليبيا كون هذه الحكومة ممولة من صادرت النفط الليبية.

في المقابل، كان لافتاً موقف ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد الذي أجرى أمس السبت محادثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل علماً أن وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد هو الذي سيرأس وفد بلاده في أعمال قمة برلين. فقد أكد الشيخ محمد بن زايد، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الإمارات، {أن دولة الإمارات مع أي جهد أو تحرك أو مبادرة من شأنها مساعدة الشعب الليبي الشقيق على الخروج من أزمته وتجاوز معاناته، ووقف التدخل في شؤونه الداخلية، وتعزيز أركان الدولة الوطنية ومؤسساتها في مواجهة الميليشيات الإرهابية المسلحة، ووضع حد لتدفق العناصر الإرهابية إلى ليبيا}.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.