العنف يطغى على المواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية في وسط بيروت

سقوط عشرات الجرحى خلال محاولة المتظاهرين الوصول إلى مجلس النواب

متظاهرون يحاولون نزع سياج حديدي أقامته قوى الأمن في محيط مجلس النواب (أ.ف.ب)
متظاهرون يحاولون نزع سياج حديدي أقامته قوى الأمن في محيط مجلس النواب (أ.ف.ب)
TT

العنف يطغى على المواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية في وسط بيروت

متظاهرون يحاولون نزع سياج حديدي أقامته قوى الأمن في محيط مجلس النواب (أ.ف.ب)
متظاهرون يحاولون نزع سياج حديدي أقامته قوى الأمن في محيط مجلس النواب (أ.ف.ب)

تحول وسط بيروت مساء أمس إلى ساحة مواجهات حادة بين محتجين وقوى أمنية حاولت تفرقتهم ومنعهم من الدخول إلى مجلس النواب، في صدامات غير مسبوقة استخدم فيها المحتجون جذوع الأشجار وأعمدة إشارات السير لمهاجمة القوى الأمنية التي ردت باستخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الجرحى تجاوز عددهم المائة حتى مساء أمس.
وفي أعنف جولة من المواجهات تشهدها المدينة منذ انطلاق الاحتجاجات في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انطلقت مسيرات من نقاط عدة في بيروت تحت عنوان «لن ندفع الثمن»، احتجاجاً على تأخير تشكيل الحكومة. وحاول المتظاهرون اختراق السياج الأمني والعوائق الحديدية للوصول إلى مجلس النواب، قبل أن تمنعهم القوى الأمنية التي أقفلت مدخلاً مؤدياً إلى مقر المجلس بالعوائق الحديدية، ما دفع المحتجين إلى مهاجمة درع بشري من قوات مكافحة الشغب. وأقدموا على رشق قوات الأمن بالحجارة ومستوعبات الزهور. كما عمد عدد منهم إلى اقتلاع أشجار فتيّة وإشارات السير من الشارع ومهاجمة عناصر الأمن بها.
وردّت قوات الأمن بإطلاق خراطيم المياه والغاز المسيّل للدموع لتفريقهم. وفي تغريدة على حسابها، ذكرت قوى الأمن الداخلي أنه «يجري التعرض بشكل عنيف ومباشر لعناصر مكافحة الشغب على أحد مداخل مجلس النواب، لذلك نطلب من المتظاهرين السلميين الابتعاد عن مكان أعمال الشغب حفاظاً على سلامتهم».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن المواجهات أمام مدخل مجلس النواب تصاعدت وعمد شبان إلى إطلاق مفرقعات نارية بشكل كثيف، إضافة إلى قنبلة مولوتوف، محتمين بواجهة زجاجية انتزعوها من أحد المحلات، وبأغصان اقتلعوها من معظم الأشجار، وردت القوى الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع، وبخراطيم المياه التي ساهمت في تراجع المتظاهرين قليلا عن مدخل البرلمان.
ومع اشتداد التوتر انتقلت المواجهات إلى ساحة الشهداء قرب مبنى جريدة «النهار» وامتدت إلى منطقة الصيفي، فيما أعادت قوى الأمن الداخلي انتشارها وخرجت إلى نقاط متقدمة قرب فندق «لوغراي»، وأقامت جداراً بشرياً لعزل المتظاهرين، ورافق ذلك وصول تعزيزات من الجيش اللبناني الذي نفذ انتشاراً في المنطقة.
وقالت قوى الأمن الداخلي إن مشاغبين قاموا بانتزاع «بلاط» الأعمدة وأقدموا على تفتيتها لرشقها على عناصر مكافحة الشغب. وأشارت إلى تعرض عناصر مكافحة الشغب لعدة إصابات بعضهم عولج ميدانيا والبعض الآخر نقل إلى المستشفيات. ونفت القوى الأمنية ما تردد عن إحراق خيم المعتصمين في ساحة الشهداء.
وبعدما أشار الصليب الأحمر اللبناني إلى أن 5 فرق عملت على إسعاف المصابين ونقل الجرحى إلى مستشفيات المنطقة، أعلن أنه في حصيلة أولية، تمت معالجة 40 حالة ميدانيا ونقلت طواقم الصليب الأحمر 30 حالة أخرى إلى المستشفيات.
واستعادت حركة المظاهرات غير المسبوقة في لبنان التي دخلت اليوم شهرها الرابع، زخمها هذا الأسبوع مع مهاجمة متظاهرين لعدد من المصارف وتكسير واجهاتها احتجاجاً على قيود مشددة تفرضها على المودعين وسط أسوأ أزمة اقتصادية يواجهها لبنان.
وردت القوى الأمنية باستخدام قوة مفرطة طالت الصحافيين وندّد بها الناشطون ومنظمات حقوقية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».