قادة العالم يؤكدون مشاركتهم في «مؤتمر برلين» بهدف إحلال السلام في ليبيا

موسكو تتحدث عن توافق على «الوثيقة الختامية»... واليونان تهدد باستخدام «فيتو» ضد أي قرار لا يلغي الاتفاق التركي - الليبي

رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس خلال استقباله المشير خليفة حفتر في أثينا أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس خلال استقباله المشير خليفة حفتر في أثينا أمس (رويترز)
TT

قادة العالم يؤكدون مشاركتهم في «مؤتمر برلين» بهدف إحلال السلام في ليبيا

رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس خلال استقباله المشير خليفة حفتر في أثينا أمس (رويترز)
رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس خلال استقباله المشير خليفة حفتر في أثينا أمس (رويترز)

بينما أعلنت أميركا وروسيا وفرنسا مشاركتها في قمة برلين غدا الأحد حول الأزمة الليبية، تواصلت أمس جهود الإدارة الألمانية لوضع الترتيبات الأخيرة لضمان نجاح المؤتمر، والخروج بتوصيات تساعد على إنهاء الصراع في ليبيا. وفي غضون ذلك، أجرى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، أمس، زيارة مفاجئة إلى أثينا، التقى خلالها رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس ووزير الخارجية نيكولاس ديندياس، وعدد من المسؤولين اليونانيين.
وجاءت زيارة حفتر إلى العاصمة اليونانية أثينا لإجراء محادثات قبل يومين من مؤتمر السلام حول ليبيا، الذي تستضيفه برلين غدا (الأحد)، والذي لم تدع إليه اليونان التي رفضت الاتفاقات التي وقعتها حكومة الوفاق الليبية، برئاسة فايز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، والتي تتيح لأنقرة المطالبة بحقوق في مناطق واسعة من شرق البحر المتوسط.
وذكر وزير الخارجية اليوناني أن المشاورات شملت جميع القضايا، وأن اليونان على استعداد لمساندة ليبيا لإحلال الأمن والسلام «حتى تكون دولة عصرية ديمقراطية مستقرة». مبرزا أن أثينا شجعت المشير حفتر على التصرف البناء، والمشاركة بروح إيجابية في محادثات برلين، في محاولة لإنهاء القتال فبي طرابلس، وإعادة الأمن في ليبيا. وقال بهذا الخصوص: «طلبنا من المشير حفتر أن يحاول تحقيق وقف إطلاق النار، واستعادة السلام في ليبيا، والتخلص من المرتزقة والميليشيات».
واستقبل رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس ضيف اليونان خليفة حفتر، الذي قال للصحافيين عند وصوله إلى مكتب رئيس الوزراء: «نحن دعاة سلام. لقد جئنا إلى هنا لمناقشة السلام».
من جانبه، قال رئيس الوزراء اليوناني إن بلاده سترفض داخل الاتحاد الأوروبي أي اتفاق سلام في ليبيا «إذا لم يتم إلغاء الاتفاقات بين أنقرة وحكومة طرابلس، معلنا ميتسوتاكيس إن بلاده ستستخدم حق النقض ضد أي قرار سياسي يخص ليبيا يصدر عن مؤتمر برلين، إن لم يلغ الاتفاق مع تركيا على ترسيم مناطق النفوذ البحري.
وفي سياق التحضيرات لقمة برلين حول ليبيا، أكد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير مايك بومبيو سيشارك في مؤتمر برلين، وسيسعى إلى مناقشة ثلاث قضايا هي: مواصلة وقف إطلاق النار، وانسحاب كل القوات الخارجية، والعودة إلى العملية السياسية التي تسهلها الأمم المتحدة بقيادة ليبية.
كما أوضح المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة تواصل دعم الأطراف الليبية لتخفيف حدة التوتر على المدى الطويل، والتوصل إلى تسوية سياسية «تمكن كل الليبيين التمتع بمستقبل أكثر أمناً». مشددا على أن النتيجة المتوخاة من مؤتمر برلين، هي مواصلة وقف إطلاق النار، وأن واشنطن متحمسة لرؤية عدم وجود تدخل أجنبي في ليبيا. وقال بهذا الخصوص «لا نريد أن يتوسع الصراع أكثر مما وصل إليه، وحدوث تدخل بعد تدخل مما سيؤدي إلى تأجيج الأزمة الإنسانية في ليبيا».
بدوره، حسم الكرملين أمس، مسألة مشاركة الرئيس فلاديمير بوتين، بعد مرور أيام على الغموض الذي سيطر على الموقف الروسي بسبب فشل لقاء موسكو للحوار بين الليبيين أخيرا. وتزامن إعلان الكرملين مع تصريح لبوتين أعرب فيه عن الأمل في أن يشكل نقطة انطلاق لحوار ليبي واسع، تحت رعاية الأمم المتحدة، في وقت كشف فيه وزير الخارجية سيرغي لافروف عن توافق على الوثائق الختامية للمؤتمر، وتأكيده أنها ستنقل بعد إقرارها إلى مجلس الأمن.
وأفاد بيان أصدره الكرملين أن الرئاسة الروسية تتوقع أن يجري «تبادل معمق للآراء حول سبل حل الأزمة الليبية، بما في ذلك في إطار تثبيت وقف الأعمال القتالية في البلاد، وإطلاق المصالحة بين الأطراف المتحاربة بشكل يمهد للشروع بحوار سياسي واسع تحت رعاية الأمم المتحدة». وأضاف الكرملين أنه سيتم تسجيل الاتفاقيات الرئيسية في الوثيقة الختامية للمؤتمر.
وبرغم أن موسكو لم توجه انتقادات إلى الأطراف الليبية، وتعمدت عدم الإعراب عن خيبة أمل بسبب فشل اجتماعات موسكو، لكن تصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف أمس، عكست جانبا من الموقف الروسي في هذا الشأن، إذ دعا الأطراف الليبية إلى «عدم تكرار الأخطاء السابقة». وقال إن «الوثائق الختامية للمؤتمر تم التوافق عليها عمليا»، لكنه شدد على أن «الشيء الأهم في مرحلة ما بعد مؤتمر برلين، إذا سارت الأمور على النحو المخطط له، ودعم مجلس الأمن في نهاية المطاف مؤتمر برلين، هو ألا تكرر الأطراف الليبية أخطاءها الماضية ولا تبدأ في طرح شروط إضافية، وإلقاء اللوم على بعضها البعض».
في غضون ذلك، أفاد الكرملين أن خليفة حفتر، وجه رسالة إلى الرئيس الروسي يعرب فيها عن شكره للجهود الروسية في إرساء السلام والاستقرار في ليبيا، واستعداده لـ«قبول دعوتكم وزيارة روسيا لمواصلة الحوار الذي بدأناه».
من جهته، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنه يشعر بـ«تفاؤل حذر» من إمكانية نجاح المؤتمر. موضحا في مقابلة أدلى بها لصحيفة «باساور نوي برس» المحلية أن «نجاح» هذه المشاورات في ظل «الأوضاع الصعبة» في ليبيا «يدفعنا إلى الشعور بتفاؤل حذر». لكنه حذر من أن الوضع في ليبيا والمنطقة «متحرك بشكل دائم»، وأنه «في النهاية فإن على الدول المشاركة أن تثبت مدى جديتها في دعم عملية برلين».
ووصف ماس موافقة حفتر على الالتزام بالهدنة بأنه «غاية في الأهمية»، وقال إن قائد الجيش الوطني أبلغه بأنه «يريد المساهمة في إنجاح مؤتمر برلين»، وأنه ملتزم وقف النار. واعتبر أن هذا الأمر «مهم كذلك بالنسبة لجهود الأمم المتحدة التي تسعى لإطلاق حوار ليبي - ليبي بعد مؤتمر برلين». لكنه أضاف بأن المؤتمر سيركز على المسار الدولي، وليس الليبي المحلي، وقال إن «التركيز سيكون على الأطراف الدولية التي تدعم الأفرقاء المتقاتلة»، مضيفا أن الإجماع الدولي «أساسي لإطلاق عملية السلام الليبية».
وفي إشارة إلى التدخل التركي لدعم السراج وإرسالها خبراء وجنود إلى طرابلس، قال ماس إن «الفشل في الالتزام بحظر توريد السلاح عقبة كبيرة أمام الحل السياسي في ليبيا»، مضيفا أنه «لهذا السبب فإن جهودنا ستتركز على وقف شحنات الأسلحة... ونتوقع أن يكون هذا الالتزام جديا».
من جانبه، أعرب السراج خلال اتصال هاتفي تلقاه مساء أول من أمس، من وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، عن أمله في أن يخرج مؤتمر برلين بنتائج إيجابية على طريق إعادة الاستقرار وبناء الدولة المدنية. ونقل في بيان وزعه مكتبه عن الوزير البريطاني التزام بلاده بالعمل على إنهاء الحرب، وإيقاف التدخل الأجنبي السلبي في ليبيا، كما أكد على أهمية مؤتمر برلين وما يستهدفه من تحقيق توافق دولي حول إنهاء الأزمة.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.