داني إنغز «المجتهد» يستحق مكاناً بمنتخب إنجلترا في «يورو 2020»

يبدو قلق جماهير توتنهام هوتسبر مشروعا، إزاء إصابة هاري كين وادعاء المدرب جوزيه مورينيو أن المهاجم ربما لا يشارك في اللعب مجدداً هذا الموسم، لكن الأمر يمتد لأكثر من ذلك حيث بات يثير قلق جماهير المنتخب الإنجليزي ومدربه غاريث ساوثغيت.
كان كين قد تعرض لإصابة في العرقوب يوم رأس السنة الجديدة، ولمح البرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب فريق توتنهام إلى أن هدافه قد لا يصل إلى الجاهزية البدنية في الوقت المناسب لقيادة منتخب إنجلترا في نهائيات كأس أوروبا 2020 الصيف المقبل... وقال مورينيو: «نتوقع أن يظل كين بعيداً عن الملاعب حتى منتصف أبريل (نيسان)، أو نهاية أبريل أو مايو (أيار) أو الموسم القادم... لا أدري».
المؤكد أنها ستكون مفاجأة كبرى لو تعرض كين للتهميش على مدار هذه الفترة الطويلة، وكلما طالت فترة ابتعاده عن المباريات، تزايدت الشكوك حول مدى لياقته للمشاركة في بطولة «يورو 2020».
إلا أنه لحسن حظ غاريث ساوثغيت، ثمة منافسة حقيقية من عدد من المهاجمين الذين يتمتعون حالياً بمستوى متألق لحجز مكان بالمنتخب الإنجليزي، أما أبرزهم على الإطلاق فهو داني إنغز.
اللافت أن مهاجم ساوثهامبتون عانى على امتداد مسيرته من كثرة الإصابات، لكنه نجح في تجنبها حتى الآن خلال الموسم الحالي والذي شهد أداءً متألقاً من جانبه.
جدير بالذكر أن إنغز سجل هدفه الـ14 خلال الموسم الحالي من الدوري الممتاز في عطلة نهاية الأسبوع أثناء مواجهة ليستر سيتي على أرض استاد كينغ باور، والتي انتهت بفوز ساوثهامبتون على نحو كان بمثابة ثأر من الهزيمة المذلة بنتيجة 9 - 0 على أرضه التي تعرض لها في وقت سابق من الموسم.
في تلك المباراة الشهيرة التي شهدت هزيمة كارثية لساوثهامبتون، جرى الدفع بلاعب بديل محل إنغز منتصف اللقاء الذي جرى على أرض استاد سانت ماري، وذلك في خضم محاولات المدرب رالف هازنهوتل دون جدوى تقليص عدد الأهداف المنهمرة على شباك فريقه. وبدا قرار التضحية بالمهاجم منطقياً، لكن إنغز كان في حالة انفعال عاطفي واضح آنذاك، خاصة أنه كان قد أحرز لتوه أهدافاً لحساب ناديه عبر أربع مباريات على التوالي، ليفرض من جديد وجوده في التشكيل الأساسي لساوثهامبتون.
تجدر الإشارة هنا إلى أن إنغز لم يكن واثقا على الإطلاق من مشاركته في التشكيل الأساسي بداية الموسم، خاصة بعد ضم ساوثهامبتون للمهاجم تشي آدامز مقابل 15 مليون جنيهاً إسترلينيا في الصيف من أجل توفير مزيد من الخيارات في الخط الأمامي. وحتى هذه اللحظة، لم يسجل آدامز أهدافاً لصالح ساوثهامبتون، بينما يبدو آدامز في أفضل حالاته على الإطلاق.
أما معدل تسجيل إنغز للأهداف هذا الموسم ـ لصالح فريق ظل في منطقة الهبوط حتى وقت قريب، فيبدو مبهراً للغاية. الملاحظ أن إنغز سجل أهدافاً في عدد من المباريات هذا الموسم يفوق أي لاعب آخر ببطولة الدوري الممتاز.
وخلال 13 مباراة من إجمالي 18 شارك فيها هذا الموسم، ظهر اسم إنغز بين الهدافين. حتى جيمي فاردي، الذي يتصدر السباق على جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي، لم يحرز أهدافاً سوى خلال 12 مباراة. وفي الوقت الذي مال مهاجمون آخرون لإحراز الأهداف على فترات متقطعة، تميز أداء إنغز بمستوى هائل من الاتساق والتناغم.
ورغم تسجيله عدداً كبيراً من الأهداف، فإنه لم يسجل هدفين بمباراة واحدة سوى مرة واحدة فقط خلال الموسم.في الواقع، بلغ أداء إنغز مستوى هائلا من الاتساق خلال الشهور القليلة الماضية، ذلك أنه أحرز أهدافاً في 13 من إجمالي المباريات الـ16 الأخيرة التي شارك في التشكيل الأساسي بها. أما المباريات الثلاث التي خاضها دون تسجيل أهداف فكانت الهزيمة سالفة الذكر أمام ليستر سيتي (عندما خرج في منتصف الوقت)، ومباراة أمام مانشستر سيتي (عندما سجل ساوثهامبتون في وقت مبكر، وحاول حماية تقدمه ودفع بلاعب بديل محل إنغز بعد تعادل مانشستر سيتي) ومباراة أمام وستهام يونايتد (سبق لإنغز مواجهة وستهام يونايتد سبع مرات دون أن يجد طريقه نحو الشباك في أي منها).
ومع هذا، فإن إنغز ليس شخصاً يستعرض قوته أمام الفرق الأضعف فقط، وإنما الملاحظ أنه سجل أهدافاً في مرمى ثمانية أندية من بين الأندية الـ11 التي تتقدم على ساوثهامبتون في جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز، منها ليستر سيتي وتوتنهام هوتسبر (مرتين) وآرسنال وتشيلسي وليفربول. في الواقع، يعود جزء كبير من الفضل وراء وقوف ساوثهامبتون اليوم عند ذات المستوى من النقاط مع آرسنال وإيفرتون، بعد أن كان في منطقة الهبوط في هذا الوقت من الشهر الماضي، إلى مهاجم الفريق الذي يبدو في أحسن حالاته. وعلى خلاف الحال مع أي لاعب آخر في بطولة الدوري الممتاز، سجل إنغز أكثر عن نصف الأهداف التي أحرزها فريقه خلال الموسم (14 من 27).
وفي ظل هذه الظروف، سيكون من السخف ألا يشارك إنغز في صفوف المنتخب الإنجليزي ببطولة «يورو 2020» ـ
حتى ولو تعافى كين تماماً من إصابته بحلول ذلك الوقت. الملاحظ أن ماركوس راشفورد وتامي أبراهام يقدمان موسماً رائعاً في الوقت الحالي، مع إحراز راشفورد 14 هدفاً ببطولة الدوري وتسجيل أبراهام 13. لكن لا ينبغي هنا إغفال حقيقة أنهما يشاركان في صفوف أفضل فريقين، إضافة إلى أن قدرتهما على تسجيل الأهداف تفتقد التناغم. وبينما أخفق إنغز في تسجيل أهداف خلال ست مباريات فقط شارك بالتشكيل الأساسي فيها هذا الموسم، لم يسجل كل من راشفورد وأبراهام في 11 مباراة. وليس المقصود من ذلك انتقاد أي من اللاعبين، بل على العكس يقدم كل منهما موسماً رائعاً ويستحق إشادة كبيرة، وإنما المقصود تسليط الضوء على أن معدل تسجيل إنغز للأهداف مذهل حقاً بالنظر إلى حقيقة أنه يلعب في صفوف نادي أدنى مستوى.
من ناحية أخرى، من الواضح أن هناك مساحة كبيرة أمام المهاجمين داخل المنتخب بقيادة ساوثغيت هذا الصيف. من جهته، نجح كالوم ويلسون في رفع مستوى أدائه على نحو يليق بانضمامه إلى المنتخب خلال الفترة الأخيرة، لكن لو كان هو المنافس أمام إنغز، فإن هذا يعني ببساطة أنه ليست هناك منافسة من الأساس.
في الوقت الراهن، يعاني مهاجم بورنموث من أزمة ثقة. وعندما سجل ويلسون هدفه الخامس خلال الموسم في سبتمبر (أيلول)، كان يسبق إنغز في قائمة هدافي الموسم بثلاثة مراكز. اليوم، يقف على بعد تسعة مراكز خلف إنغز. واللافت أن ويلسون لم يسجل أي أهداف على الإطلاق ببطولة الدوري الممتاز منذ ذلك الحين، بل ولم يصوب كرة باتجاه مرمى الخصم على امتداد أكثر عن 1.000 دقيقة من مشاركته في البطولة.
ولو أن ساوثغيت قرر اختيار أربعة مهاجمين، مع احتمالات أن يلعب راشفورد عبر مساحة واسعة ـ فإن دومينيك كالفيرت ليوين لاعب إيفرتون ربما يشكل المنافس الوحيد الواقعي أمام إنغز في الوقت الراهن.
يذكر أن مهاجم إيفرتون سجل ثمانية أهداف خلال بطولة الدوري الممتاز حتى الآن ـ ما يعتبر الأداء الأفضل حتى الآن عبر مسيرته ـ لكنه سجل خلال ستة مباريات فقط على امتداد الموسم، وبالتالي لا يمكن مقارنة أدائه بمستوى التألق الحالي لإنغز أمام المرمى.
ورغم أن الرحلة كانت طويلة ومؤلمة أغلب الأحيان للوصول إلى هذه النقطة، فإن إنغز بلغ ذروة تألقه أخيراً ويبدو جديراً دونما شك بتمثيل بلاده على المستوى الدولي.