تفاؤل مصري «حذر» إزاء اتفاق مبدئي يمهّد لحل أزمة {سد النهضة}

TT

تفاؤل مصري «حذر» إزاء اتفاق مبدئي يمهّد لحل أزمة {سد النهضة}

قُوبل اتفاق مبدئي، جرى برعاية أميركية لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي، بـ«تفاؤل مصري حذر»، انتظاراً لاتفاق نهائي مُزمع توقيعه نهاية الشهر الحالي. وقال وزير الخارجية سامح شكري، أمس، إن «الرعاية الأميركية أسهمت في وجود أرضية مشتركة حول الإطار العام للاتفاق بشأن سد النهضة... نتفاءل بحذر بأننا نقترب الآن من نقطة حاسمة».
وأعلنت مصر وإثيوبيا والسودان في أعقاب مفاوضات ماراثونية، جرت في واشنطن أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء الأخيرة، أنها أحرزت تقدّماً حول محددات رئيسية لملء حزان السد، مشيرة إلى أنها ستجتمع مجدّداً يومي 28 و29 يناير (كانون الثاني) الحالي في واشنطن لتذليل العقبات المتبقية، والتوصل لـ«اتفاق شامل».
لكن مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن صعوبات فنية وقانونية ما زالت عالقة، من بينها الاتفاق على كافة مراحل الملء وقواعد تشغيل السد، ومعايير الجفاف، وكذلك الإقرار بحصة مصر التاريخية من نهر النيل، مطالبين بـ«آليات محددة وضمانات أميركية واضحة» لتنفيذ أي اتفاق نهائي.
وجاءت اجتماعات واشنطن بحضور وزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا، ومشاركة وزير الخزانة الأميركي، ورئيس البنك الدولي بصفة «مراقبين»، ضمن مفاوضات بدأت منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة أميركية، كان مقرّراً لها أن تنتهي في 15 من يناير الحالي، لكن الأطراف المعنية قررت التمديد حتى يومي 28 و29 يناير بعد ظهور عثرات عدة.
وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك مع الولايات المتحدة والبنك الدولي، صدر مساء أول من أمس، إنها توصلت لاتفاق مبدئي على حل وسط بشأن بند ملء خزان السد. وبينما شدّد البيان على أن جميع النقاط الواردة في هذا الاتفاق المبدئي «تخضع لاتفاق نهائي»، أوضح أن الحلّ الذي توصلت إليه الأطراف بشأن تعبئة خزان السد يقضي بأن تتم عملية ملئه «على مراحل»، وبطريقة «تعاونية»، خاصة خلال موسم الأمطار بين يوليو (تموز) وأغسطس (آب).
وستتيح المرحلة الأولى من عملية ملء الخزان، المقررة في يوليو المقبل، البدء بإنتاج الطاقة الكهربائية من السد. لكن سيتم اتخاذ تدابير «للتخفيف» من الآثار السلبية على مصر والسودان «في حالة حدوث جفاف شديد».
ووفقاً للبيان، سيُوضع في الحسبان خلال مرحلة ملء الخزان «الظروف الهيدرولوجية»، وتأثير ذلك على خزانات المياه على مجرى النهر. كما سيعمل السد خلال التشغيل على المدى الطويل، وفقاً لـ«آلية تحدد الإطلاق وفقاً للظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق ومستوى السد، الذي يوفر توليد الكهرباء، وتدابير التخفيف المناسبة لمصر والسودان خلال فترات طويلة من سنوات الجفاف، والجفاف الطويل».
ولم يتم الاتفاق بعد على آلية المراحل التالية من التعبئة؛ بهدف تلبية احتياجات إثيوبيا من الكهرباء، دون التأثير على البلدين الآخرين خلال فترات الجفاف الطويلة، وهي محنة اتفق الوزراء على «تقاسم المسؤولية» حيالها. كما لم يتضمن الاتفاق المبدئي تحديد عدد السنوات ملء بحيرة السد، وكذلك الإقرار بحصة مصر المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب. وفي هذا السياق، رأى السفير إبراهيم الشويمي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن مثل تلك النقاط «يجب حسمها بدقة، حتى يمكن أن نقول إننا وصلنا إلى حل».
وقال الشويمي لـ«الشرق الأوسط»، إن الدول الثلاث تحدثت عن «آلية للتنسيق والمتابعة، وأخرى لحل المنازعات»، سيجري الاتفاق عليها، مشدداً على أهميتها وضرورة تحديدها بدقة، وفق ضمانات أميركية للتنفيذ، في ظل «سياسية إثيوبية تقوم على التسويف والمماطلة»، على حد قوله.
بدوره، طالب وزير الموارد المائية المصري الأسبق، نصر الدين علام، بتشدد مصري في المفاوضات المتبقية، التي وصفها بـ«شديدة الصعوبة»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك مشاكل لم يتم التوصل لحلها حول إجراءات وقواعد تشغيل السد»، ورجح أن تطالب إثيوبيا بحصة مائية في النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل). داعياً إلى ضرورة تحديد ما هي «المسؤولية المشتركة للدول الثلاث في إدارة الجفاف والجفاف الممتد»، المنصوص عليها.
وعبّرت مصر، رسمياً، عن أملها في الوصول لتفاهمات نهائية؛ إذ قال وزير الخارجية سامح شكري: «لدينا تفاؤل بأن رعاية الولايات المتحدة، ومشاركتها مع البنك الدولي في الفترة التحضيرية خلال الأسبوعين المقبلين لوضع الصيغة النهائية للاتفاق، والوصول به إلى واشنطن، سوف تؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود».
وزاد شكري موضحاً: «إذا لم نصل إلى اتفاق نهائي فبالتأكيد يظل مفعول المواد الخاصة باتفاق المبادئ، الموقع عام 2015، سارياً». في إشارة إلى اللجوء إلى وساطة دولية مباشرة لحل النزاع. مضيفاً في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط (الرسمية): «كان من المهم أنه تم الاتفاق على تاريخ محدد للعودة للولايات المتحدة للتوصل للاتفاق النهائي الشامل وتوقيعه». كما أبرز في هذا الصدد الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للاتفاق، وتقدير الرئيس ترمب أهمية الحفاظ على الأمن المائي لكل من مصر والسودان، باعتبارهما دولتي مصب لنهر النيل، وتوقعه أن يحضر التوقيع على الاتفاق النهائي، وما قد يؤدي إليه ذلك من فتح آفاق التعاون بين الدول الثلاث».
في سياق ذلك، لفت الوزير إلى أن الرئيس ترمب أكد أيضاً اهتمام الولايات المتحدة بأن تكون شريكاً للدول الثلاث في إطار جهودها التنموية، واستمرار رعاية هذا المسار، مشيراً إلى أن ذلك يعد تعبيراً على الاهتمام والرعاية التي توليها الإدارة لهذا الموضوع.
وتدشن إثيوبيا السد منذ 2011 على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء. لكن مصر تخشى من تأثير السد على حصتها من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة. ويتعلق الخلاف بين البلدين، بشكل رئيسي، حول فترة ملء خزان السد، الذي تصل قدرته 74 مليار متر مكعب.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.