الأحزاب التونسية تقدم مرشحها لتولي رئاسة الحكومة المقبلة

اعتراض على وجود «النهضة» ضمن المرشحين للمشاركة في الائتلاف الحاكم

TT

الأحزاب التونسية تقدم مرشحها لتولي رئاسة الحكومة المقبلة

قدمت الأحزاب السياسية التونسية قائمة مرشحيها لمنصب رئيس الحكومة المرتقبة، بعد عقد اجتماعات لمكاتبها السياسية، ووجهت مراسلات موقعة مباشرة إلى رئيس الدولة قيس سعيد، طبقاً لمقتضيات الفصل 89 من الدستور، بينما امتنع «الحزب الدستوري الحر» الذي تترأسه عبير موسي عن تقديم مقترحه، احتجاجاً على وجود حركة «النهضة» (إسلامية) ضمن الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحاكم المقبل.
في غضون ذلك، أطلق نشطاء تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت شعار «يزيهم» (يكفيهم)، واقترحوا عدداً من الأسماء التي اعتبروها قادرة على إدارة البلاد وقيادتها، ومن بينها إلياس الفخفاخ، وزير السياحة ووزير المالية السابق، ومنجي مرزوق، الوزير السابق في حكومة الحبيب الصيد، وفرح حشاد، حفيدة الزعيم النقابي فرحات حشاد؛ مؤكدين أنهم سيقدِّمون قائمة بهذه الأسماء لمكتب رئاسة الجمهورية، تماماً كما تفعل الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان.
وكان الرئيس قيس سعيد قد دعا الأحزاب السياسية إلى تقديم مقترحاتها بخصوص رئيس الحكومة المرتقب، في موعد لا يتعدى يوم الخميس (أمس)، بما يتيح الوقت الكافي لتعميق المشاورات مع مختلف الأطراف السياسية، وذلك في احترام كامل للمدة التي نص عليها الدستور، والمقدرة بعشرة أيام، تنتهي الاثنين المقبل.
ومن خلال تصريحات بعض القيادات السياسية، فقد تم التوافق على ضرورة توفر ثلاث صفات في «الشخصية الأقدر» على تشكيل الحكومة، وفي مقدمتها أن تكون شخصية سياسية من خارج الأحزاب لتكون جامعة، وأن تكون قادرة على إدارة المرحلة وأولوياتها الملحة، كالملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية، علاوة على إشعاعها المحلي والدولي. وفي هذا السياق أكد مجدي بن غزالة، رئيس المجلس الوطني لحزب «التيار الديمقراطي» (يساري)، أن حزبه حدد الشروط المطلوبة في الشخصية التي ستقود المرحلة المقبلة على رأس الجهاز التنفيذي، بقوله: «يجب أن تكون شخصية سياسية، لها دراية بالعمل الاقتصادي، وبعيدة عن كل شبهات الفساد».
في سياق ذلك، أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية عن ترشيح أسماء سياسية لمنصب رئيس الحكومة؛ لكنها لا تتمتع - حسب بعض المراقبين - بالاستقلالية والحياد، وهو ما يجعل إمكانية التصويت لها ضئيلة للغاية.
وفي هذا الشأن، أعلن حزب «ائتلاف الكرامة»، المقرب من حركة «النهضة» أن النائب السابق عماد الدائمي هو المرشح الأول للكتلة لمنصب رئيس الحكومة؛ مبرزاً أن الاختيار جاء بعد انتخابات داخلية بين ثماني شخصيات، قال إنها «تنتمي كلها للخط الثوري».
ومن ناحيته أعلن حزب «الرحمة» (إسلامي) عن ترشيح رئيسه سعيد الجزيري لمنصب رئيس الحكومة. وفي السياق ذاته، قرر المكتب السياسي لـ«الاتحاد الشعبي الجمهوري»، ترشيح أمينه العام لطفي المرايحي للمنصب نفسه.
وخلافاً لهذه الترشيحات، أعلنت مجموعة من الشخصيات رفضها الترشح لمنصب رئيس الحكومة، وفي مقدمتهم محمد النوري الجويني الوزير السابق، ومروان العباسي محافظ البنك المركزي الحالي.
على صعيد آخر، استبعد نبيل بفون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إمكانية المرور إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها في هذا الظرف الذي تمر به تونس، غير أنه أكد في المقابل على أن الفصل 89 من الدستور يقر بإمكانية إعادة الانتخابات، مبرزاً أن الهيئة «مستعدة لكل الاحتمالات».
وأوضح بفون - في تصريح إعلامي - أن الانتخابات «ليست هدفاً في حد ذاتها؛ بل هي وسيلة لضمان تمثيلية في الحكم تعكس إرادة الشعب». وأضاف في تقييمه لانتخابات 2019، أن نتائجها تستدعي وقفة تأمل جدية من قبل الخبراء في القانون الانتخابي، من أجل النظر في إمكانية مراجعة القانون الانتخابي، وإضفاء مزيد من النجاعة على العملية الانتخابية؛ مبرزاً أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بصدد الاشتغال في تقريرها الذي سيتم نشره خلال شهر مارس (آذار) المقبل، على عدد من المقترحات، أبرزها النظر في تعديل القانون الانتخابي.
وأوضح بفون عدم حصول نحو 86 في المائة من القائمات المترشحة في الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على مقاعد في البرلمان، وأكد تدني نسبة المشاركة والاقتراع من نحو 80 في المائة من الناخبين الإراديين سنة 2011 إلى 41 في المائة فقط سنة 2019. وهي أرقام اعتبرها «مفزعة، وتستدعي النظر جدياً في مراجعة القانون الانتخابي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.